لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: حكم الأضحيه للشيخ محمد بن صالح عثيمين رحمه الله.

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خيرات الأمير
    تاريخ التسجيل
    11 2007
    الدولة
    داخل أعماقها
    المشاركات
    1,581

    حكم الأضحيه للشيخ محمد بن صالح عثيمين رحمه الله.



    بسم الله الرحمن الرحيم


    (آمل التثبيت بارك الله فيكم وذلك للفائده وجزاكم الله خير.)


    الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
    أما بعد:
    فقد كنت كتبت كتاباً في أحكام الأضحية والذكاة مطولاً يقع في 93 صفحة وفيه ذكر بعض الخلاف والمناقشات التي تطول على القارىء، فرأيت أن أكتب تلخيصاً لذلك الكتاب حاذفاً ما لا تدعو الحاجة إليه، زائداً ما تدعو الحاجة إليه.
    والله أسأل أن يجعل عملنا في ذلك كله خالصاً لله تعالى، مبيناً لشريعته، نافعاً لنا وللمسلمين إنه جواد كريم.


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفصل الأول : في تعريف الأضحية وحكمها

    الأضحية: ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام عيد الأضحى بسبب العيد تقرباً إلى الله عز وجل، وهي من شعائر الإسلام المشروعة بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، وإجماع المسلمين.
    قال الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبِّ الْعَـلَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}.

    وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها؛
    قال ابن القيم رحمه الله: الذبح في موضعه أفضل من الصدقة بثمنه. قال: ولهذا لو تصدق عن دم المتعة والقِرَان بأضعاف أضعاف القيمة لم يقم مقامه وكذلك الأضحية. انتهى كلامه.

    فصـل

    والأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم، وأما ما يظنه بعض العامة من اختصاص الأضحية بالأموات فلا أصل له.
    والأضحية عن الأموات ثلاثة أقسام:
    الأول: أن يضحي عنهم تبعاً للأحياء مثل أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته وينوي بهم الأحياء والأموات، وأصل هذا تضحية النبي صلى الله عليه وسلّم عنه وعن أهل بيته وفيهم من قد مات من قبل.
    الثاني: أن يضحي عن الأموات بمقتضى وصاياهم تنفيذاً لها وأصل هذا قوله تعالى: {فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَآ إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.
    الثالث: أن يضحي عن الأموات تبرعاً مستقلين عن الأحياء فهذه جائزة، وقد نص فقهاء الحنابلة على أن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع به قياساً على الصدقة عنه،


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفصل الثاني : في شروط الأضحية

    يشترط للأضحية ستة شروط:
    أحدها: أن تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها لقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الاَْنْعَـمِ فَإِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ } وبهيمة الأنعام هي الإبل، والبقر، والغنم هذا هو المعروف عند العرب، وقاله الحسن وقتادة وغير واحد.
    الثاني: أن تبلغ السن المحدود شرعاً بأن تكون جذعة من الضأن، أو ثنية من غيره لقوله صلى الله عليه وسلّم: «لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن». رواه مسلم.

    الثالث: أن تكون خالية من العيوب المانعة من الإجزاء وهي أربعة:
    1 ـ العور البين: وهو الذي تنخسف به العين، أو تبرز حتى تكون كالزر، أو تبيض ابيضاضاً يدل دلالة بينة على عورها.
    2 ـ المرض البين: وهو الذي تظهر أعراضه على البهيمة كالحمى التي تقعدها عن المرعى وتمنع شهيتها، والجرب الظاهر المفسد للحمها أو المؤثر في صحته، والجرح العميق المؤثر عليها في صحتها ونحوه.
    3 ـ العرج البين: وهو الذي يمنع البهيمة من مسايرة السليمة في ممشاها.
    4 ـ الهزال المزيل للمخ: لقول النبي صلى الله عليه وسلّم حين سئل ماذا يتقي من الضحايا فأشار بيده وقال: «أربعاً: العرجاء البين ضلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقى». رواه مالك في الموطأ من حديث البراء بن عازب، وفي رواية في السنن عنه رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: «أربع لا تجوز في الأضاحي» وذكر نحوه.
    فهذه العيوب الأربعة مانعة من إجزاء الأضحية بما تعيب بها، ويلحق بها ما كان مثلها أو أشد، فلا تجزىء الأضحية بما يأتي:
    1 ـ العمياء التي لا تبصر بعينيها.
    2 ـ المبشومة حتى تنشط ويزول عنها الخطر.
    3 ـ المتولدة إذا تعسرت ولادتها حتى يزول عنها الخطر.
    4 ـ المصاب بما يميتها من خنق وسقوط من علو ونحوه حتى يزول عنها الخطر.
    5 ـ الزمنى وهي العاجزة عن المشي لعاهة.
    6 ـ مقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين.
    فإذا ضممت ذلك إلى العيوب الأربعة المنصوص عليها صار ما لا يضحى به عشرة. هذه الستة وما تعيب بالعيوب الأربعة السابقة.
    الشرط الرابع: أن تكون ملكاً للمضحي، أو مأذوناً له فيها من قبل الشرع، أو من قبل المالك فلا تصح التضحية بما لا يملكه كالمغصوب والمسروق والمأخوذ بدعوى باطلة ونحوه؛ لأنه لا يصح التقرب إلى الله بمعصيته. وتصح تضحية ولي اليتيم له من ماله إذا جرت به العادة وكان ينكسر قلبه بعدم الأضحية.
    وتصح تضحية الوكيل من مال موكله بإذنه.
    الشرط الخامس: أن لا يتعلق بها حق للغير فلا تصح التضحية بالمرهون.
    الشرط السادس: أن يضحى بها في الوقت المحدود شرعاً وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، فتكون أيام الذبح أربعة: يوم العيد بعد الصلاة، وثلاثة أيام بعده، فمن ذبح قبل فراغ صلاة العيد، أو بعد غروب الشمس يوم الثالث عشر لم تصح أضحيته
    ويجوز ذبح الأضحية في الوقت ليلاً ونهاراً، والذبح في النهار أولى، ويوم العيد بعد الخطبتين أفضل، وكل يوم أفضل مما يليه؛ لما فيه من المبادرة إلى فعل الخير.


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفصل الثالث : في الأفضل من الأضاحي جنساً أو صفة، والمكروه منها

    الأفضل من الأضاحي جنساً: الإبل، ثم البقر إن ضحى بها كاملة، ثم الضأن، ثم المعز، ثم سبع البدنة ثم سبع البقرة.
    والأفضل منها صفة: الأسمن الأكثر لحماً الأكمل خلقة الأحسن منظراً. وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يضحي بكبشين أقرنين أملحين. والكبش: العظيم من الضأن. والأملح ما خالط بياضه سواد فهو أبيض في سواد.
    السمين: كثير الشحم واللحم. والموجوء: الخصي وهو أكمل من الفحل من حيث طيب اللحم غالباً. والفحل أكمل من حيث تمام الخلقة والأعضاء.
    هذا هو الأفضل من الأضاحي جنساً وصفة.
    وأما المكروه منها فهي:
    1 ـ العضباء: وهي ما قطع من أذنها أو قرنها النصف فأكثر.
    2 ـ المقابلة ـ بفتح الباء ـ: وهي التي شقت أذنها عرضاً من الأمام.
    3 ـ المدابرة ـ بفتح الباء ـ: وهي التي شقت أذنها عرضاً من الخلف.
    4 ـ الشرقاء: وهي التي شقت أذنها طولاً.
    5 ـ الخرقاء: وهي التي خرقت أذنها.
    6 ـ المصفرة ـ بضم الميم وسكون الصاد وفتح الفاء والراء ـ: وهي التي قطعت أذنها حتى ظهر صماخها، وقيل المهزولة إذا لم تصل إلى حد تفقد فيه المخ.
    7 ـ المستأصلة ـ بفتح الصاد ـ: وهي التي ذهب قرنها كله.
    8 ـ البخقاء: وهي التي بخقت عينها فذهب بصرها وبقيت العين بحالها.
    9 ـ المشيعة ـ بفتح الياء المشددة ـ: وهي التي لا تتبع الغنم لضعفها إلا بمن يشيعها فيسوقها لتلحق. ويصح كسر الياء المشددة. وهي التي تتأخر خلف الغنم لضعفها فتكون كالمشيعة لهن.
    هذه هي المكروهات التي وردت الأحاديث بالنهي عن التضحية بما تعيب بها أو الأمر باجتنابها، وحمل ذلك على الكراهة للجمع بينها وبين حديث البراء بن عازب رضي الله عنه السابق في الشرط الثالث من شروط الأضحية.
    ويلحق بهذه المكروهات ما كان مثلها فتكره التضحية بما يأتي:
    1 ـ البتراء من الإبل والبقر والمعز وهي التي قطع نصف ذنبها فأكثر.
    2 ـ ما قطع من أليته أقل من النصف. فإن قطع النصف فأكثر فقال جمهور أهل العلم: لا تجزىء. فأما مفقودة الألية بأصل الخلقة فلا بأس بها.
    3 ـ ما قطع ذكره.
    4 ـ ما سقط بعض أسنانها ولو كانت الثنايا أو الرباعيات. فإن فقد بأصل الخلقة لم تكره.
    5 ـ ما قطع شيء من حلمات ثديها. فإن فقد بأصل الخلقة لم تكره. وإن توقف لبنها مع سلامة ثديها فلا بأس بها.
    فإذا ضممت هذه المكروهات الخمس إلى التسع السابقة صارت المكروهات أربع عشرة.


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفصل الرابع : فيمن تجزىء عنه الأضحية

    تجزىء الأضحية الواحدة من الغنم عن الرجل وأهل بيته ومن شاء من المسلمين؛

    --------------------------------------------------------------------------------

    الفصل الخامس : فيما تتعين به الأضحية وأحكامه

    تتعين الأضحية بواحد من أمرين:
    أحدهما: اللفظ بأن يقول: هذه أضحية. قاصداً إنشاء تعيينها، فأما إن قصد الإخبار عما يريد بها في المستقبل فإنها لا تتعين بذلك؛ لأن المقصود به الإخبار عما سيفعل بها في المستقبل لا إنشاء تعيينها.
    الثاني: الفعل وهو نوعان:
    أحدهما: ذبحها بنية الأضحية، فمتى ذبحها بهذه النية ثبت لها حكم الأضحية.
    ثانيهما: شراؤها بنية الأضحية إذا كانت بدلاً عن معينة،
    وإذا تعينت الأضحية تعلق بها أحكام:
    الأول: أنه لا يجوز التصرف بها بما يمنع التضحية بها من بيع وهبة ورهن وغيرها إلا أن يبدلها بخير منها لمصلحة الأضحية، لا لغرض في نفسه، فلو عين شاة أضحية ثم تعلقت بها نفسه لغرض من الأغراض فندم وأبدلها بخير منها ليستبقيها لم يجز له ذلك؛ لأنه رجوع فيما أخرجه لله تعالى لحظ نفسه لا لمصلحة الأضحية.
    الثاني: أنه إذا مات بعد تعيينها لزم الورثة تنفيذها، وإن مات قبل التعيين فهي ملكهم يتصرفون فيها بما شاءوا.
    الثالث: أنه لا يستغل شيئاً من منافعها فلا يستعملها في حرث ونحوه، ولا يركبها إلا إذا كان لحاجة وليس عليها ضرر، ولا يحلب من لبنها ما ينقصها أو يحتاجه ولدها المتعين معها، ولا يجز شيئاً من صوفها ونحوه إلا أن يكون أنفع لها فيجزه ويتصدق به أو يهديه أو ينتفع به ولا يبيعه.
    الرابع: أنها إذا تعيبت عيباً يمنع من الإجزاء مثل أن يشتري شاة فيعينها فتبخق عينها حتى تكون عوراء بينة العور فلها حالان:
    إحداهما: أن يكون ذلك بفعله أو تفريطه فيجب عليه إبدالها بمثلها على صفتها أو أكمل؛ لأن تعيبها بسببه فلزمه ضمانها بمثلها يذبحه بدلاً عنها، وتكون المعيبة ملكاً له على القول الصحيح يصنع فيها ما شاء من بيع وغيره.
    الثانية: أن يكون تعيبها بدون فعل منه ولا تفريط فيذبحها وتجزئه إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين لأنها أمانة عنده وقد تعيبت بدون فعل منه ولا تفريط فلا حرج عليه ولا ضمان.
    الخامس: أنها إذا ضاعت أو سرقت فلها حالان أيضاً:
    إحداهما: أن يكون ذلك بتفريط منه مثل أن يضعها في مكان غير محرز فتهرب أو تسرق فيجب عليه إبدالها بمثلها على صفتها أو أكمل يذبحه بدلاً عنها، وتكون الضائعة أو المسروقة ملكاً له يصنع فيها إذا حصل عليها ما شاء من بيع وغيره.
    الثانية: أن يكون ذلك بدون تفريط منه فلا ضمان عليه إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين لأنها أمانة عنده ولا ضمان على الأمين إذا لم يفرط، لكن متى حصل عليها وجب عليه التضحية بها ولو بعد فوات وقت الذبح، وكذا لو غرمها السارق فيجب التضحية بما غرمه لصاحبها على صفتها بدون نقص.

    السادس: أنها إذا أتلفت فلها ثلاث حالات:
    إحداها: أن يكون تلفها بأمر لا صنع للادمي فيه كالمرض والافة السماوية والفعل الذي تفعله هي فتموت به فلا ضمان عليه، إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين؛ لأنها أمانة عنده تلفت بسبب لا يمكن التضمين فيه فلم يكن عليه ضمان.
    فإن كانت واجبة في ذمته قبل التعيين وجب عليه أن يذبح بدلها ما يجزىء عما في ذمته.
    الثانية: أن يكون تلفها بفعل مالكها فيجب عليه أن يذبح بدلها على صفتها أو أكمل؛ لوجوب ضمانها حينئذ.
    الحال الثالثة: أن يكون تلفها بفعل آدمي غير مالكها فإن كان لا يمكن تضمينه كقطاع الطرق فحكمها حكم ما تلفت بأمر لا صنع للادمي فيه على ما سبق في الحال الأولى. وإن كان يمكن تضمينه كشخص معين ذبحها فأكلها أو قتلها ونحوه فإنه يجب عليه ضمانها بمثلها يدفعه إلى صاحبها ليضحي به إلا أن يبرئه صاحبها من ذلك ويقوم بما يجب من ضمانها.

    الحكم السابع: أنها إذا ذبحت قبل وقت الذبح ولو بنية الأضحية فالحكم فيها كالحكم فيما كما إذا أتلفت على ما سبق. وإن ذبحت في وقت الذبح فإن كان الذابح صاحبها أو وكيله فقد وقعت موقعها وإن كان الذابح غير صاحبها ولا وكيله فلها ثلاث حالات:
    إحداها: أن ينويها عن صاحبها فإن رضي صاحبها بذلك أجزأت، وإن لم يرض بذلك لم تجزىء على الصحيح، ويجب على الذابح ضمانها بمثله يدفعه إلى صاحبها ليضحي به إلا أن يبرئه صاحبها من ذلك ويقوم بما يجب من ضمانها. وقيل: تجزىء وإن لم يرض بذلك وهو المشهور من مذهب أحمد، والشافعي، وأبي حنيفة رحمهم الله.
    الثانية: أن ينويها عن نفسه لا عن صاحبها. فإن كان يعلم أنها لغيره لم تجز عنه ولا عن غيره ويجب عليه ضمانها بمثلها يدفعه إلى صاحبها ليضحي به إلا أن يبرئه صاحبها من ذلك ويقوم بما يجب من ضمانها، وقيل: تجزىء عن صاحبها وعليه ضمان ما فرق من اللحم. وإن كان لا يعلم أنها لغيره أجزأت عن صاحبها فإن كان ذابحها قد فرق لحمها وجب عليه ضمانه بمثله لصاحبها إلا أن يرضى بتفريقه إياه.
    الثالثة: أن لا ينويها عن أحد فلا تجزىء عن واحد منهما لعدم النية، وقيل: تجزىء عن صاحبها ومتى أجزأت عن صاحبها في حال من الأحوال السابقة فإن كان اللحم باقياً أخذه صاحبها ليفرقه تفريق أضحية، وإن كان الذابح قد فرقه تفريق أضحية ورضي بذلك صاحبها فلا ضمان على الذابح وإلا ضمنه لصاحبها ليفرقه تفريق أضحية.

    فائدتان:
    الأولى: إذا تلفت الأضحية بعد الذبح أو سرقت أو أخذها من لا تمكن مطالبته ولم يفرط صاحبها فلا ضمان على صاحبها، وإن فرط ضمن ما يجب به الصدقة فتصدق به.
    الثانية: إذا ولدت الأضحية بعد التعيين فحكم ولدها حكمها في جميع ما سبق، وإن ولدت قبل التعيين فهو مستقل في حكم نفسه فلا يتبع أمه في كونه أضحية لأنها لم تكن أضحية إلا بعد انفصاله منها.


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفصل السادس : فيما يؤكل ويفرق من الأضحية

    يشرع للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويهدي، ويتصدق لقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ }. وقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْقَـنِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْنَـهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }. فالقانع السائل المتذلل، والمعتر المتعرض للعطية بدون سؤال،
    ويحرم أن يبيع شيئاً من الأضحية لا لحماً ولا غيره حتى الجلد، ولا يعطي الجازر شيئاً منها في مقابلة الأجرة أو بعضها لأن ذلك بمعنى البيع.
    فأما من أهدي إليه شيء منها أو تصدق به عليه فله التصرف فيه بما شاء من بيع وغيره، غير أنه لا يبيعه على من أهداه أو تصدق به.


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفصل السابع : فيما يجتنبه من أراد الأضحية
    إذا أراد أحد أن يضحي ودخل شهر ذي الحجة إما برؤية هلاله، أو إكمال ذي القعدة ثلاثين يوماً فإنه يحرم عليه أن يأخذ شيئاً من شعره، أو أظفاره أو جلده حتى يذبح أضحيته
    والحكمة في هذا النهي أن المضحي لما شارك الحاج في بعض أعمال النسك وهو التقرب إلى الله تعالى بذبح القربان شاركه في بعض خصائص الإحرام من الإمساك عن الشعر ونحوه.
    وهذا حكم خاص بمن يضحي، أما من يضحى عنه فلا يتعلق به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «وأراد أحدكم أن يضحي» ولم يقل أو يضحى عنه؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يضحي عن أهل بيته ولم ينقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك.
    وعلى هذا فيجوز لأهل المضحي أن يأخذوا في أيام العشر من الشعر والظفر والبشرة.



    --------------------------------------------------------------------------------

    الفصل الثامن : في الذكاة وشروطها

    الذكاة: فعل ما يحل به الحيوان الذي لا يحل إلا بها من نحر، أو ذبح، أو جرح.
    فالنحر للإبل: والذبح لغيرها. والجرح لما لا يقدر عليه إلا به.

    ويشترط للذكاة شروط تسعة:
    الشرط الأول: أن يكون المذكي عاقلاً مميزاً، فلا يحل ما ذكاه مجنون، أو سكران، أو صغير لم يميز، أو كبير ذهب تمييزه ونحوهم.

    الشرط الثاني: أن يكون المذكي مسلماً، أو كتابياً وهو من ينتسب إلى دين اليهود أو النصارى. فأما المسلم فيحل ما ذكاه سواء كان ذكراً أم أنثى، عدلاً أم فاسقاً، طاهراً أم محدثاً. وأما الكتابي فيحل ما ذكاه سواء كان أبوه وأمه كتابيين أم لا. وقد أجمع المسلمون على حل ما ذكاه الكتابي

    الشرط الثالث: أن يقصد التذكية لقوله تعالى: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالاَْزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } والتذكية فعل خاص يحتاج إلى نية، فإن لم يقصد التذكية لم تحل الذبيحة، مثل أن تصول عليه بهيمة فيذبحها للدفاع عن نفسه فقط.

    الشرط الرابع: أن لا يكون الذبح لغير الله، فإن كان لغير الله لم تحل الذبيحة، كالذي يذبح تعظيماً لصنم، أو صاحب قبر، أو ملك، أو والد ونحوهم

    الشرط الخامس: أن لا يسمي عليها اسم غير الله مثل أن يقول باسم النبي، أو جبريل، أو فلان، فإن سمى عليها اسم غير الله لم تحل وإن ذكر اسم الله معه
    وفي الحديث الصحيح القدسي قال الله تعالى: «من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه».

    الشرط السادس: أن يذكر اسم الله تعالى عليها فيقول عند تذكيتها باسم الله لقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَـتِهِ مُؤْمِنِينَ }. وقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا». رواه البخاري وغيره، فإن لم يذكر اسم الله تعالى عليها لم تحل لقوله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَـطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَـدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }.
    وإذا كان المذكي أخرس لا يستطيع النطق بالتسمية كفته الإشارة الدالة لقوله تعالى: {فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لاَِنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }.

    الشرط السابع: أن تكون الذكاة بمحدد ينهر الدم من حديد أو أحجار أو زجاج أو غيرها لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا، ما لم يكن سنّاً أو ظفراً وسأحدثكم عن ذلك: أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة». رواه الجماعة. وللبخاري في رواية «غير السن والظفر فإن السن عظم، والظفر مدى الحبشة»، وفي الصحيحين أن جارية لكعب بن مالك رضي الله عنه كانت ترعى غنماً له بسلع فأبصرت بشاة من الغنم موتاً فكسرت حجراً فذبحتها به فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلّم فأمرهم بأكلها.

    وللحياة المستقرة علامتان:
    إحداهما: أن تتحرك.
    الثانية: أن يجري منها الدم الأحمر بقوة.

    الشرط الثامن: إنهار الدم أي إجراؤه بالتذكية، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه». ثم إن كان الحيوان غير مقدور عليه كالشارد والواقع في بئر أو مغارة ونحوه كفى إنهار الدم في أي موضع كان في بدنه، والأولى أن يتحرى ما كان أسرع إزهاقاً لروحه؛ لأنه أريح للحيوان وأقل عذاباً.
    وإن كان الحيوان مقدوراً عليه فلابد أن يكون إنهار الدم من الرقبة من أسفلها إلى اللحيين، بحيث يقطع الودجين وهما عرقان غليظان محيطان بالحلقوم وتمام ذلك أن يقطع معهما الحلقوم ـ وهو مجرى النفس ـ والمريء ـ وهو مجرى الطعام والشراب ـ ليذهب بذلك مادة بقاء الحيوان وهو الدم وطريق ذلك وهو الحلقوم والمريء، وإن اقتصر على قطع الودجين حلت الذكية.

    الشرط التاسع: أن يكون المذكى مأذوناً في ذكاته شرعاً، فأما غير المأذون فيه فنوعان:
    أحدهما: ما حرم لحق الله تعالى كصيد الحرم والإحرام فلا يحل وإن ذكي لقوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الاَْنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّى الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ }. وقوله: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَـعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }.
    النوع الثاني: ما حرم لحق المخلوق كالمغصوب والمسروق يذبحه الغاصب أو السارق ففي حله قولان لأهل العلم انظرهما ودليلهما في الأصل ص 82 ـ 85.


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفصل التاسع : في آداب الذكاة

    للذكاة آداب ينبغي مراعاتها ولا تشترط في حل الذكية بل تحل بدونها فمنها:
    1 ـ استقبال القبلة بالذكية حين تذكيتها.
    2 ـ الإحسان في تذكيتها بحيث تكون بآلة حادة يمرها على محل الذكاة بقوة وسرعة.
    وقيل: هذا من الاداب الواجبة لظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته». رواه مسلم. وهذا القول هو الصحيح.
    3 ـ أن تكون الذكاة في الإبل نحراً، وفي غيرها ذبحاً فينحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، فإن صعب عليه ذلك نحرها باركة. ويذبح غيرها على جنبها الأيسر، فإن كان الذابح أعسر يعمل بيده اليسرى ذبحها على الجنب الأيمن إن كان أريح للذبيحة وأمكن له. ويسن أن يضع رجله على عنقها ليتمكن منها.
    وأما البروك عليها والإمساك بقوائمها فلا أصل له من السنة، وقد ذكر بعض العلماء أن من فوائد ترك الإمساك بالقوائم زيادة إنهار الدم بالحركة والاضطراب.
    4 ـ قطع الحلقوم والمريء زيادة على قطع الودجين. وانظر الشرط الثامن من شروط الذكاة.
    5 ـ أن يستر السكين عن البهيمة عند حدها فلا تراها إلا عند الذبح.
    6 ـ أن يكبر الله تعالى بعد التسمية.
    7 ـ أن يسمي عن ذبح الأضحية أو العقيقة من هي له بعد التسمية والتكبير، ويسأل الله قبولها فيقول: بسم الله والله أكبر، اللهم منك ولك عني إن كانت له، أو عن فلان إن كانت لغيره. اللهم تقبل مني إن كانت له، أو من فلان إن كانت لغيره.


    --------------------------------------------------------------------------------

    الفصل العاشر : في مكروهات الذكاة

    للذكاة مكروهات ينبغي اجتنابها فمنها:
    1 ـ أن تكون بآلة كآلة، أي غير حادة، وقيل: يحرم ذلك، وهو الصحيح.
    2 ـ أن يحد آلة الذكاة والبهيمة تنظر.
    3 ـ أن يذكي البهيمة والأخرى تنظر إليها.
    4 ـ أن يفعل بعد التذكية ما يؤلمها قبل زهوق نفسها، مثل أن يكسر عنقها، أو يسلخها، أو يقطع شيئاً من أعضائها قبل أن تموت، وقيل: يحرم ذلك، وهو الصحيح.

    وإلى هنا انتهى ما أردنا تلخيصه من كتاب (أحكام الأضحية والذكاة) نسأل الله تعالى أن ينفع به وبأصله

    والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الجلاد
    تاريخ التسجيل
    11 2007
    المشاركات
    293

    رد: حكم الأضحيه للشيخ محمد بن صالح عثيمين رحمه الل

    جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خيرات الأمير
    تاريخ التسجيل
    11 2007
    الدولة
    داخل أعماقها
    المشاركات
    1,581

    رد: حكم الأضحيه للشيخ محمد بن صالح عثيمين رحمه الل

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجلاد مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك


    اهلا بأخي الجلاد .

    اشكر اطلاعك وفقك الله.

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ا.عبدالله
    صديق الضوء
    تاريخ التسجيل
    07 2007
    المشاركات
    6,412

    رد: حكم الأضحيه للشيخ محمد بن صالح عثيمين رحمه الل

    جزيت خير أخي الهاشمي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خيرات الأمير
    تاريخ التسجيل
    11 2007
    الدولة
    داخل أعماقها
    المشاركات
    1,581

    رد: حكم الأضحيه للشيخ محمد بن صالح عثيمين رحمه الل

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الناصح الأمين مشاهدة المشاركة
    جزيت خير أخي الهاشمي

    اشكر اطلاعك اخي الناصح .

    واسأل الله توفيق الجميع .

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •