لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الداعية.....كيف يحول المحنة الى .....منحة.

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية لودي الوادعي
    تاريخ التسجيل
    11 2007
    المشاركات
    1

    الداعية.....كيف يحول المحنة الى .....منحة.

    الداعية .. كيف يحول المحنة إلى منحة ؟
    لقد أُعطي يوسف عليه السلام شطر الحسن حتى كان جماله فتنة على من شاهده من نساء زمانه لتعلق النفوس عموماً بالجمال في الصورة والأخلاق والمعاني الحسنة، فالجمال محبوب، وقد يفتن صاحبه ويفتن به غيره.
    ومع أن الأطهار من الأنبياء والعلماء والصلحاء يحبون الجمال والله جميل يحب الجمال فإن الخلق يتفاوتون في درجة التأثر بالجمال في الصورة تبعاً لإيمانهم وقوة ثباتهم ورجاحة عقولهم. وأسرع الناس تأثراً بالصور الجميلة النساء، لذا فتنت امرأة العزيز بجمال صورة يوسف عليه السلام، ولما عصمه الله منها وكشف أمرها أرادت أن تبرهن لمن عيّرنها من نساء الملأ وحاشية الملك ومن حوله من كبار المترفين أن الذي شغفت بحبه يستحق ذلك لجماله فهو ليس كمثل أي فتى من الفتيان العاملين في البيوت فأعدت لهن مأدبة، وكان يوسف من المناولين فيها للموائد والخدمة والمنزلية إذ هو فتاها، فلما رأينه كما قال تعالى: { فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم } [ يوسف : 31 ] .
    وعندما شاهد الجميع طهارة ظاهره وباطنه من أي ريبة بشواهد الأدلة، وطوي ملف التحقيق في محاولة إلصاق أي تهمة بثيابه الطاهرة النقية لجؤوا كما هي عادة الحكومات الكافرة والظالمة الفاجرة إلى القوة حيث يستوي عندهم في ميزان جورهم سجن الصالح والطالح، والعالم والجاهل، والعاقل والأحمق، ومن جرمه الدين والعفاف، ومن آفته الخيانة العظمى والغش للراعي والرعية، فكلٌّ عند إرادة الانتقام أو التهميش أو التعتيم على أمر ما في الملاحقة والتوقيف أو السجن الجماعي أو الانفرادي سواء. المهم أن يخلو لهم الجو وينفردوا بمظاهر القوة والسطوة، ويكونوا أحراراً في قتل الحريات، وتعطيل العقول، والأفكار، والطاقات، وحجب من يظهر بعض علاتهم عن الأنظار والأسماع وجميع الميادين والمجالات.
    وحيث عرفنا أن السجن في أعراف الظلمة مأوى للمظلوم والظالم حكم على يوسف عليه السلام بعد أن ظهرت براءته بالسجن، قال تعالى: { ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين } [ يوسف : 35 ] .
    وقيل لمن كانت وراء الفتنة برمتها: { واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين } [ يوسف : 29 ] .
    وفي السجن ظهرت ليوسف عليه السلام صور من الجمال الباهر الرائع، ولكنه في هذه المرة جمال في الصفات والشمائل والأخلاق وقد قيل جمال الظاهر يدل على جمال الباطن ومن ذلك، أنه عليه السلام رأى ما فيه السجناء من هموم وغموم وما يعانونه من واقع مؤلم حيث يمسون ويصبحون وقد سلبوا الحرية والأمان، واستحوذت عليهم الوساوس والكوابيس المزعجة والأحلام المروعة والقلق النفسي والكبت الباطني والظنون والمخاوف والإذلال الظاهر والرعب المستمر.
    عندما رأى يوسف عليه السلام ذلك أشفق لحالهم ورق لواقعهم، فكان بقلبه الرحيم يحنو على مريضهم ويداويه، بل يجرد من نفسه عليه السلام مسعفاً ومسلياً، ومعلماً مربياً، وهذه الأخيرة من أهم الواجبات نحو السجناء والمحبوسين، وذلك أن المسجون قد يكون جاهلاً قاده جهله إلى ارتكاب الجرائم والبطش بحياة الناس وأموالهم وأعراضهم، فهو في ظلمات جعلته يتخبط فيها ولا يبصر أين الحق من الباطل أو الحسن من القبيح، والسجن وإن قيد حريته في الممارسات العملية، وتألم باطنه لما يلاقيه من جراء جرائمه، فإنه لا ينور له دربه ولا يلقنه الدروس النافعة في الأخلاق والمروءة، ولا يعلمه حدوده في الحياة وحقوقه وحقوق غيره، ولا يدفع به إلى الإيمان الحق الذي ينبع من الضمير، ويهذب الوجدان، وينمي الشعور الخيّر في كنان الإنسان، ولا يكسبه العادات الاجتماعية التي يمكن أن يعيش بها بعد السجن حياة مستقرة.
    وإذا كان المجرم المذنب يحتاج إلى علم، فإن ذلك المظلوم الذي أودع السجن لعلمه أو أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، أو لاختلافاته السياسية مع من بيده السلطة والسطوة والقوة والغلبة يحتاج هو الآخر إلى علم يناسب حاله، ويخفف من معاناته وما يلاقيه من مرارة الظلم وتقييد الحرية، والألم النفسي الذي دفع به إلى المخالفة أو المعاندة أوالتشهير والتعريض، فكل يتطلب حاله أن يجلس إلى معلم يوسفي في سعة العلم، وطيب الشمائل، وصدق اللهجة، وحسن المداخل للنفوس، واختيار العلم المناسب، والبدء بالأهم فالمهم، فهذا ما يحتاجه سجناء العالم بأكمله، وهو ما يجب أن تطالب به السجون بأنواعها، والمنظمات الإنسانية العالمية، والمحلية بهيئاتها وفروعها، إذ هو الذي يوسع على السجين سجنه، ويهذب أخلاقه وسلوكه، ويرده عن ظلمه، ويعظ قلبه، ويلطف روحه ليقلع عن المخازي والانحرافات أو تعاطي المسكرات والمخدرات.
    قال تعالى عن إحسان يوسف عليه السلام لأهل السجن وتعليمه لهم: { ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين * قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون * واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون * يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار * ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون } [ يوسف : 36-40 ] .
    فبالإحسان وتعليم الناس العقيدة الصحيحة تصلح أحوال السجون ويتعلم أكثر الناس الذين لا يعلمون.
    يوسف عليه السلام بعد السجن
    يمتن الله تعالى على يوسف عليه السلام بأن مكن له في الأرض حيث جعله يعيش بتدبير إلهي في بيت عزيز مصر، ويطلع على أوضاع البلد مساء وصباحاً؛ بحكم وجوده في أجواء السلطان، وأهل القرارات، وكبار السياسيين والمتنفذين، حيث يراقب الأوضاع بدون تطلّب ولا مشقة، ويسمع الأوامر الصادرة ويرى المسيرين، وكيف يتغلبون على المشكلات ويعالجون الأمور ويصلون إلى الحلول.
    قال تعالى في معرض ذكر تلطفه وخفي سره في التدبير ليوسف عليه النقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون } [ يوسف : 21 ] .
    ولما كان هذا الموقع الذي تهيأ ليوسف عليه السلام لا تتم الاستفادة منه إلا لمن كان على جانب كبير من العلم والفطنة، وكان من علامات التمكين ليوسف عليه السلام العلم والحكمة، إذ لا تمكين بدون ذلك لذا أتم الله عليه المنة بقوله: { ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين } (يوسف : 22 ] .
    ولما كان من سنن الله تعالى أنه لا يُبلّغ أحداً درجات التمكين مهما بلغ من درجات العلم والحكمة والإحسان واتباع المحسنين إلا بعد الابتلاءات والنكبات، وجدنا أن يوسف عليه السلام لم يخرج عن هذا القانون الثابت، فتوالت عليه الفتن وعرضت عليه المغريات وكِيد له وأشيع عنه وتعرض له حتى تمنى السجن رغم ما فيه من الاستمرار في أجواء الدسائس والمغريات والسعاة في إيقاعه في الفتنة، فسجن عليه السلام ولكن ليكون السجن بتدبير إلهي منطلقاً للدعوة إلى الله ونشر العقيدة الصحيحة وبذل المعروف والإحسان وتعليم الجاهل وإيقاظ الغافل، ثم ليكون بوابة للبراءة من كل الريب والشكوك، وبوابة واسعة للشهرة على المستوى الرسمي والشعبي، حيث كسب السمعة الحسنة لدى السجناء ومن يدور حولهم من طبقات الشعب من الأهل والأقارب والأصدقاء والزوار والحرس والسجانين، ثم تعدت شهرته كونه صديقاً محسناً حدود السجن والشعب إلى بلاط الملك وحاشيته حتى صار مطلوباً لا طالباً ومبرأً ومزكيً من قبل من كانت خلف إثارة الفتنة عليه ثم إيداعه في السجن: { قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين } [ يوسف : 51 ].
    وبهذه الخطوة دخل يوسف عليه السلام في تمكين آخر وعزة مطلقة وسلطة نافذة مستمرة لو عقلها بعض من تكلم في هذه الحقبة لما ظن بهذا النبي العظيم والرسول الكريم أنه كان بمثابة موظف عند ملك كافر وضمن حكومة فاجرة، مكتفياً بتسيير القطاع الذي وكل إليه مغتبطاً بأنه أسندت إليه وزارة الموارد المالية، ثم تعدى الأمر بصاحب هذا الفهم أن نسب ليوسف عليه السلام المهادنة لهذا النظام الجاهلي وعدم إنكار المنكر أو الأمر بالمعروف.
    وهذا الرأي أو الفهم ينافيه الواقع المعروف عن يوسف عليه السلام والمقرر في الآيات القرآنية، ويأباه منصب النبوة، وما علم أن الله تعالى ما أرسل رسولاً إلا ليطاع بإذن الله.
    يضاف إلى ذلك ما عهد بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من قيام العلماء والدعاة بواجب الدعوة والنصح والتعليم، وبذل مهجهم وأوقاتهم في ذلك، ورفض البغي والظلم والجور وتحكيم الكفر وأمور الجاهلية في البيئات التي يعيشون فيها.
    ولننظر إلى ما كان من شأن يوسف عليه السلام حيث يقول تعالى عن تدبيره لأمره ورفعته من شأنه وتمكينه له في الأرض وجعل الملك تابعاً له، والتصريح بتصرفه في المملكة والأخذ والعطاء وتقلبه في الأرض بعزة واستقلالية، دون النظر إلى أي مرجع غير ما تقضيه الشريعة التي كان عليها وهي ملة إبراهيم عليه السلام؛ حيث كان هو وآباؤه من الأنبياء كيعقوب وإسحاق على ملة أبيهم إبراهيم، ولم يعلم أنه عليه السلام نظر في أمر أو أمضى قضية على نظام الجاهلية الكافرة، قال تعالى: { وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين * قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم * وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين } [ يوسف : 54 – 56 ] .
    ولما وفد عليه إخوته في حالتي جهلهم بأنه يوسف وبعد معرفتهم به لقبوه بلقب العزيز. قال تعالى: { قالوا يا أيها العزيز } [ يوسف:78 ] . وفي الثانية قالوا أيضاً: { يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر... } [ يوسف: 88 ] .
    وإن يوسف والأنبياء جميعاًً عليهم الصلاة والسلام إذا أقروا شيئاً من عادات المجتمعات التي بعثوا فيها أو تقاليدهم وثقافاتهم إنما لأنه موافق لشرع الله وكان من المسكوت عنه أو أنهم يعملون في مجال التأكيد على الأهم فالمهم، إذ ما من نبي إلا ودعا إلى إقرار التوحيد وتعليمه وتعميقه في نفوس الناس أولاً، ثم ينصرف بعد ذلك لمعالجة الانحرافات في المجتمع .
    هذا ما كان عليه يوسف عليه السلام وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ا.عبدالله
    صديق الضوء
    تاريخ التسجيل
    07 2007
    المشاركات
    6,412

    رد: الداعية.....كيف يحول المحنة الى .....منحة.

    جزاك الله ألف خير أخي الكريم
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •