بـســم الــذي أنـزلــت مــن عـنــده الـســور=والـحـمــد لـلــه أمــا بـعــد يـــا عــمــر
إن كـنــت تـعـلــم مــا تـبـقــي ومــا تـــذر=فـكــن عـلــى حــذر قــد يـنـفــع الــحــذر
واصـبـر عـلـى الـقــدر الـمـقــدور وارض بــه=وإن أتـــاك بــمــا لا تـشـتــهــي الــقـــدر
فـمــا صـفــى لامــرىء عـيــش يـســر بــه=إلا وأعــقـــب يــومـــا صــفـــوه كــــدر
قـد يـرعـوي الـمــرء يـومــا بـعــد هـفـوتــه=وتـحــكــم الـجــاهــل الأيـــام والــعــبــر
إن الـتــقــى خــيــر زاد أنـــت حــامــلــه=والـبــر أفـضــل شيء ناله بشر
مـن يـطـلـب الـجــور لا يـظـفــر بـحـاجـتــه=وطـالـب الـعــدل قــد يـهــدى لــه الـظـفــر
وفـي الـهـدى عـبـر تـشـفــى الـقـلــوب بـهــا=كـالغيـث يـحـيـى بـه مـن بعد مـوتــه الـشـجــر
ولـيـس ذو الـعـلــم بـالـتـقــوى كـجـاهـلـهــا=ولا الـبـصـيــر كـأعـمــى مــا لــه بــصــر
والـذكــر فـيــه حـيــاة لـلـقــلــوب كــمــا=تـحـيــا الـبــلاد إذا مــا جـاءهــا الـمــطــر
والـعـلـم يـجـلـو الـعـمـى عـن قـلـب صـاحـبـه=كـمـا يُـجَـلِّــي ســواد الـظـلـمــة الـقـمــر
لا ينفـع الذكـر قلبـا قاسـيـا أبــداً=وهــل يلـيـن لـقـول الـواعـظ الحـجـر
ما يلبث المرء أن يبلى إذا اختلفت=يوما علـى نفسـه الروحـات والبكـر
والـمـرء يصـعـد ريـعـان الشـبـاب بــه=وكــل مصـعـدة يـوما ستنـحـدر
وكـل بيـت سيبلـى بعـد جـدتـه=ومــن وراء الشـبـاب الـمـوت والكـبـر
والموت جسر لمن يمشي على قدم=إلى الأمور التي تخشى وتنتظر
فـهـم يـمـرون أفـواجـا وتجمعـهـم=دار يـصـيـر إلـيـهـا الـبــدووالـحـضـر
كم جمع قوم أشتَّ الدهر شملهـم=وكـل شمـل جميـع سـوف ينتثـر
ورب أصـيـد ســام الـطـرف مقتضـبـا=بالـتـاج نيـرانـه للـحـرب تسـتـعـر
يظـل مفتـرش الديبـاج محتجـبـا=علـيـه تبـنـى قـبـاب المـلـك والحـجـر
قد غدرته المنايا وهو مستلب=مجندلٌ تاربُ الخدين منعفر
إلـى الفنـاء وإن طالـت سلامتهـم=مصيـر كـل بـنـي أنـثـى وإن كـبـروا
إذا قـضـت زمــرٌ آجالـهـا نـزلـت=عـلـى منـازلـهـا مـــن بـعـدهـا زمـــرُ
أصبحتـم جـزراً للمـوت يأخذكـم=كما البهائم في الدنيـا لكـم جـزرُ
فبعـد آدم ترجـون البقاءَ وهـل=تبقى فروعٌ لأصـل حين ينهصـرُ
وليس يزجركم مـا توعظـون بـه=والبهم يزجرهـا الراعـي فتنزجـر
لا تبطروا واهجروا الدنيا فـإن لهـا=غبا وخيماً وكفـر النعمـة البطـر
ثم اقتدوا بالأولى كانوا لكـم غـرراً=وليـس مـن أمـة إلا لهـا غـررُ
متى تكونوا علـى منهـاج أولكـم=وتصبروا عن هوى الدنيا كما صبروا
ما لي أرى الناس والدنيـا موليـة=وكل حبـل عليهـا سـوف ينبتـر
لا يشعرون بمـا في دينهـم نقصـوا=جهلاً وإن نقصـت دنياهـم شعـروا
حتى متى آن في الدنيا أخـو كلـف=في الخد منـها إلـى لذاتهـا صعـروا
ولا أرى أثراً للذكـر فـي جسـدي=والحبل في الحجر القاسي لـه أثـر
لو كان يسهر عينـي ذكـر آخرتـي=كمـا يؤرقنـي للعاجـل السـهـرُ
إذاً لداويـتُ قلبـا قـد أضـر بـه=طول السقام وكسر العظـم ينجبـرُ
ثم الصلاة علـى المختار سيدنـا=ما هبت الريح واهتزت بها الشجـر
لله دره من شاعر
ولله دره من أمير للمؤمنين
الله يبارك فيك أيها الناصح