ليوم ونحن نلتمس الغيث ، ونرجوه ، ونؤمل المولى وندعوه ، تعود بنا الذكريات لمناسبات مماثلة لأهلينا وإخواننا فتكون لنا عبرة . وهاكم أحبتي هذه الحادثة في نهاية القرن العاشر :
في اليمن وفي المخلاف السليماني منه أصيب الناس بجدب وقحط شديد وذلك عام 973هـ/1565م ، فخرج الناس للاستسقاء،وأمهم القاضي محمد بن علي بن عمر الضمدي ـ وكان مسنا رحمه الله ـ فلما قام أمام الناس حمد اللهوأثنى عليه بما هو أهله ثم ارتجل القصيدة التالية ، فما انتهى منها إلا وقد انهمر المطروما استطاع الحراك من مكانه إلا محمولا على أكتاف الرجال من شدة المطر ومما قاله في قصيدته:




إِن مسّنا الضّر, أو ضاقت بنا الحيل


فلن يخيب لنا في ربنا أمل


*


وإِن أناخت بنا البلوى فإِن لنا


ربّا يحولها عنا فتنتقل


*

الله في كل خطب حسبنا وكفى




إليه نرفع شكوانا ونبتهل


*

من ذا نلوذ به في كشف كربتنا




ومن عليه سوى الرحمن نتكل


*

وكيف يرجى سوى الرحمن من أحدٍ
وفي حياض نداه النَّهل والعَلَل




*

لا يرتجى الخير إلا من لديه ولا




لغيره يتوقى الحادث الجلل


*


خزائن الله تغني كلَّ مفتقرٍ

وفي يد الله للسؤّال ماسألوا




*

وسائل الله ما زالت مسائله




مقبولة ما لها رد ولا ملل


*

فافزع إلى الله واقرع باب رحمته




فهو الرجاء لمن أعيت به السبل


*

وأحسن الظن في مولاك وارض بما
أولاك يخل عنك البؤس والوجل




*

وإن أصابك عسر فانتظر فرجا
فالعسر باليسر مقرون ومتصل




*

وانظر إلى قوله:ادعوني استجب لكُمُ




فذاك قول صحيح ماله بدل


*


كم أنقذ الله مضطراً برحمته


وكم أنال ذوي الآمال ما أملوا


*


يا مالك الملك فارفع ما ألمّ بنا


فما لنا بتولي دفعه قِبَلُ


*


ضاق الخناق فنفسي ضيقة عَجْلَى


بنا فأَنَفُع شيء عندنا العَجَلُ

*




وحل عقدةً مَحْل حلّ ساحتنا


بضرّه عمت الأمصار والحلل


*


وقُطِّعَتْ منه أرحام لشدته

فما لها اليوم غير الله من يصل




*


وأهمل الخِل فيه حق صاحبه


الأدنى وضاقت على كلٍّ به السُبلُ


*


فربَّ طفل وشيخ عاجز هَرِم

أمست مدامعه في الخدّ تنهمل




*


وبات يرعى نجوم الليل من قلق


وقلبه فيه نار الجوع تشتعل


*


أمسى يعج مِنَ البلوى إِليكَ وَمِن


أحواله عندك التفصيل والجمل


*


فأنت أكرم من يُدعى وأرحم مَنْ


يُرجى وأمرك فيما شئت ممتثل


*


فلا ملاذ ولا ملجأ سواك ولا


إِلاّ إِليك لحي عنك مرتحل


*


فاشمل عبادك بالخيرات إنهم


على الضرورة والشكوى قداشتملوا


*


واسق البلاد بغيث مسبل غَدَقٍ


مبارك مُرجَحِن مزنه هطل


*


سح عميم ملث القطر ملتعقِ


لرعده في هوامي سحبه زَجَلُ


*


تكسى به الأرض ألواناً منمنمة


بها تعود بها أحوالها الأُوَلُ


*


ويصبح الروض مخضرا ومبتسما


من النبات عليه الوشي والحُلَلُ


*


وتخصب الأرض في شام وفي يمن


به وتحيا سهول الأرض والجبلُ


*


يارب عطفاً فإن المسلمين معاً


مما يقاسون في أكبادهم شعل


*


وقد شكوا كل ما لاقوه من ضرر


إليك يا مالك الأملاك وابتهلوا


*





فلا يردك عن تحويل ما طلبوا


جهل لذاك ولا عجز ولا بخل


*


يارب وانصر جنود المسلمين على


أعدائهم وأعنهم أينما نزلوا


*


وفلّ حد زمان جار حتى غدا


يدني الرفيع ويستعلي به السِفَلُ


*


يارب فارحم مسيئاً مذنبا عظُمت


منه المأثِم والعصيان والزلل


*


قد أثقل الذنب والأوزار عاتقه


وعن حميد المساعي عاقه الكسل


*


ولا تسوّد له وجها إذا غشيت


وجوه أهل المعاصي من لظى ظلل


*


أستغفر الله من قولي ومن عملي


إني امْرؤ ساء مني القول والعمل


*


ولم أقدم لنفسي قط صالحة


يحط عني من وزري بها الثقل


*


ياخجلتي من عتاب الله يوم غدٍ


إن قال خالفت أمري أيها الرجل


*


علمت ما علم الناجون واتصلوا


به إليَّ ولم تعمل بما عملوا


*


يارب فاغفر ذنوبي كلها كرماً


فإنني اليوم منها خائف وَجِلُ


*


واغفر لأهل ودادي كل ما اكتسبوا


وحط عنهم من الآثام ما احتملوا


*


واعمم بفضلك كل المؤمنين وتُبْ


عليهم وتقبَّلْ كل ما فعلوا


*


وصل رب على المختار من مضر


محمد خير مَنْ يحفى وينتعل


*


وآله الغر, والأصحاب عن طرف

****فإنهم غُرر الإسلام والحجل




******


منقول للفائدة