دور أمهات المؤمنين في الإسلام!!





لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ليعاشر إلا طيباً.. ولا يمسّ إلا طاهرا.. ولا يوّد إلا محبوباً.. إنهن زوجاته عشن في كنفه.. وارتشفن من ريقه.. بكين لهمه.. وتألمن لألمه.. وسررن لفرحه.. عبقت غرفهن بطيب ريحه.. وتنسمن هواءه.. وسعدن بمعشره!

ومن فضلهن قوله تعالى {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} (الأحزاب 32) قال عكرمة: من شاء باهلته إنها نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم.

دور النصح والإرشاد

سطّر التاريخ أروع الكلمات في حسن الرأي الذي كان له أكبر الأثر في تثبيت رسول الله وإعداده للملمات، عندما دخل الرسول صلى الله عيه وسلم يرجف فؤاده، وتضطرب أوصاله قائلاً لخديجة رضي اله عنها: زملونى.. زملونى!! حتى إذا ذهب الروع منه، بادرته بكلماتها الرائعة: كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق!! كلمات من الصميم خرجت من القلب لتستقر في القلب!!

وقد كان في صلح الحديبية لأم المؤمنين أم سلمه موقف لا ينسى، ينم عن رجاحة العقل والحكمة فيذكر انه لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر كتابة الصلح قال لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا؛ فما قام منهم رجل واحد حتى قال ذلك ثلاث مرات!! فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك دخل على أم سلمه محزونا فكأنها فهمت ما دار في أنفس الناس، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اخرج! ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنتك، وتدعو حالقك ليحلق لك، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما رأوا ذلك قاموا مسرعين فنحروا!!

دور في البذل والعطاء

عندما بعث عمر إلى سودة رضي الله عنها بغرارة دراهم فقالت ما هذه؟ قالوا دراهم! قالت في الغرارة مثل التمر!! يا جارية بلغيني القنع.. ففرقتها. (الإصابة لابن حجر 8/118).

ولم تكتف زينب بنت جحش زادت على ذلك كونها "صناع" تدبغ وتخرز، وتتصدق في سبيل الله، وفى مسلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم – قال: "أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً" فكن يتطاولن أيتهن أطول يداً قالت: وكانت أطولنا يداً زينب؛ لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق وإنما أراد أطولهن بالصدقة!! وكان عطاؤها اثني عشر ألفاً لم تأخذه إلا عاماً واحداً فجعلت تقول: اللهم لا يدركني هذا المال من قابل فإنه فتنة!! ثم قسمته في رحمها وفي أهل الحاجة!!

ويتجلى هذا السموّ في آخر لحظات حياتها عند الوفاة حينما يرسل لها عمر بكفن فقالت: إني أعددْت كفني فتصدقوا بأحدهما وإن استطعتم أن تتصدقوا بحقوي فافعلوا فقالت عائشة: لقد ذهبت مفزع اليتامى والأرامل!!

فهذه عائشة حبيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمبرّأة من فوق سبع سموات كان من حالها مع الجود والإيثار كما حكت عنها أم درة في طبقات ابن سعد: أنها أُتيت بمائة ألف ففرقت وهي يومئذ صائمة فقلت لها: أما استطعت فيما أنفقتِ أن تشتري بدرهم لحماً تفطرين عليه!

فقالت: لو ذكّرتني لفعلت!

ثم هي تبلغ أقصى الإيثار عندما تؤثر عمر بن الخطاب - بدفنه عند رسول الله في حجرتها!!

وحذت حذوها سائر نسوة النبي صلى الله عليه وسلم: فهذه صفية بنت حييّ تدخل ومعها ذهب فتهب منه لفاطمة رضي الله عنها ولنساء معها ويتجلى الجود والصفح في هذه الحادثة عندما اشتكتها جارية لها عند عمر بن الخطاب فقالت: إن صفية تحب السبت وتصل اليهود!

فسألها عمر فقالت: أما السبت فإني لم أحبه منذ أن أبدلني الله الجمعة! وأما اليهود فإن لي فيهم رحماً فأنا أصلها!! ثم أعتقت الجارية على ظلمها لها.

دور في العلم
إن عروة قال لعائشة رضي الله عنها: أعجب من علمك بالطب (كيف هو ومن) أين هو أو ما هو قال فضربت على منكبه وقالت أي عرية إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسقم عند آخر عمره أو في آخر عمره وكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه فتنعت له الأنعات وكنت أعالجه.

وقيل لمسروق: هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض!!

لما هلك عمر كانت الصحيفة التي جمع فيها القرآن عند ابنته حفصة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم ثم أرسل عثمان رضي الله عنه إلى حفصة فسألها إن تعطيه الصحيفة وحلف ليردنها إليها فأعطته فعرض المصحف عليها فردها إليها!!