بعد مضي ثلثي الليل ، وبعد تقلب مضني في الفراش لعلي احصل على هجعة أو أقل من ذلك ، تركت الفراش وأنا أتذكر قول امرء القيس :
وليل كموج البحر ارخى سدوله= علي بأنواع الهموم ليبتلي
غير أني لم أقل كما قال :
ألا أيها الليل الطويل الا انجلي
بل كما قال ( الشنفرى)
دعست على غطش وبغش وصحبتي= سعار وأرزيز ووجل وأكفل
خرجت أتلمس أحوال الساهرين ، هل من أحد مثلي
عند خروجي سمعت صوت المسجل يصدح:
انا مالي اذا قالوا رفع راسه
بكيفه يرفعه ولا يوطيه
انا قلبي قنع مالي غرض فيهوكلما انتهى المقطع اعاد المستمع الكرة ، العجيب أن المستمع جاري لم يتعد الرابعة عشرة من العمر!!
فقلت في نفسي : منذ متى التحقت بالسلك الغرامي؟
وهل انتهيت من الأطوار الأولى وصولا الى الهجر والاقتناع ؟
وماكنت انتهي من تساؤلاتي حتى فوجئت بصوت شجي يترنم:
دوش من قطف فروعك وجالك يسقيك وادي الغيل من (ماي غرا)
فتح امخال على بلاده (وشيفات)
في غيبتي منهو اختلفني وجا لك والله ان وصفك عاقل ( ما يغرى )
ما تستوى الاعذار من بعد( شي فات)]
آآآه انه صوت جاري العجوز
( حتى انت يا بروتس) !!!؟ تشكي الهجر والحمان وفقدان المحبوب
حزنت عليه ،غير انه أضاف مترنما:
يا مهرة في اصطبل تبهل وتزهم= مكملة في سرجها (والعنونا)
خضراء تعنت لما بيتي وتزهم= ولعتني يا صاحبي ( ولع نونا)
تحول عجيب من (قيس المولع) الى ( جيمس بوند)
من رجل يشتكي الهجر الى رجل تأتي المرأة اليه لأنه ولعها كما يولع الطفل الصغير بأمه!!!
عرفت انها ( أضغاث ساهر)
خرجت أتجول في القرية واذا بمجموعة من الشباب كل واحد منهم يحمل في يده( قارورة ديو) وحزمة....
فقلت ما هذا؟
أمام الجميع!؟
فقال احدهم حتى...... يعملون مثل مانعمل
ماعلينا!!!!!!
ذهبت عنهم راجعا الى البيت واذا بباب المسجد مفتوحا
غريبة!! موعد الفجر لم يحن بعد ، مازال هناك ساعتان من الوقت
دخلت الى المسجد واذا بالمؤذن واقفا يصلي ويتلوا قوله تعالى:
"ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا"