رسالة إلى الحزن:
أدرك أيها الحزن أنك ضيف غير مرغوب فيه البتة؛ لأنك تجلب في معيتك المآسي والأحزان، وتحمل في جلبابك الكئيب الآلام والأوجاع، كلما جثمت على القلوب، وكلما طرقت الأبواب وفتحتها عنوة، بلا استئذان. بدأت بك أولاً لا تقديراً لمكانتك التي تستقر خارج التصنيف، وليست المؤخرة، على اعتبار العائد السيئ منك، ولكن لأفرد للأمل مساحة في جلب نقيضك الفريد الفذ، ولأن العبرة بالنهاية؛ فقد آثرت أن تكون أنت البداية، لا أهلاً ولا مرحباً بك. حتماً الكل يكرهك، ويكره طلتك التي لا تمت إلى البهاء بصلة، ولكني أعي أن هذا دورك. سبحان من قدرك لتكون سبباً في تحقيق التوازن؛ فلم يكن وجودك إلا لحكمة أرادها الخالق سبحانه، غير أن ما يوجع القلب، ويزيده حسرة، هو أسباب زياراتك، وليست الزيارة بحد ذاتها؛ لأن الزيارة حتمية، وأعني بذلك من يستدعيك، لزيارته وزيارة الآخرين، بغباء يندرج في إطار سوء التقدير والقسوة التي باتت جارية من جواريك، تسوقها حيث تشاء، وتستغلها أسوأ استغلال، وفي ختام هذه الرسالة أسأل المولى - جلت قدرته - أن يرزقنا الصبر والثبات عند زيارتك، وأن لا تكون زياراتك بسبب غفلة وتعنت البعض، ولو كنت أملك من الأمر شيئاً لوضعت لافتة كبيرة على كل باب: (ممنوع الزيارة).
رسالة إلى ال

كم جميل أنت وأنت تورث السعادة للجميع، ويحبك الجميع، لم يكن الترتيب في الخطاب انتقاصاً من قدرك (حاشا وكلا)، ولكن لتكون آخر ما يخطه القلم، وينهي بك القارئ هذه المقالة، ونحن على استعداد لمنحك نسخاً من مفاتيح قلوبنا وبيوتنا؛ فنحن الضيوف وأنت رب المنزل، كيف لا؟ وأنت توجه عناصر إدارتك اللائقة اللبقة بكل ثقة واقتدار من بهجة وسعادة وسرور وغبطة، وراحة، وهدوء، وسكينة، وغيرها من جنودك المجهولين الذين يزرعون البسمة، على الشفاه أينما حلوا. الإشارة منك عطاء، ودورك النبيل في معانقة محبيك وفاء، كم كنت للقلوب الجريحة بلسماً وشفاء، كم كنت في الماضي والحاضر واحة غناء، لله درك ما أطيبك، يمنحنا الإله إياك فله الشكر والثناء، تقف مع الفقراء قريباً منهم، يحول بينك وبين ولوج بيوتهم لفتة الشرفاء، ولا أخال تفعيل أحاسيسهم النبيلة إلا بنقش ريشتك الجميلة، على صدورهم؛ فهذه اللوحة التشكيلية الفريدة لا يقوى على رسمها الفنانون النجباء؛ فهي تحاكي الكريم بالشهامة والمروءة، وتستثير الهمم بما أعد الله لمن جعلك من أسباب السعادة من الأجر والمثوبة، يدعو المريض ربه ويناجي خالقه، فتذعن طائعاً للأمر، وتشمّر عن ساعديك، لتقهر الألم وتزيل أثر السقم. إن قلت إني أحبك فإنها لا تكفي، إن قلت أجلك وأحترمك وأقدرك فأنت أهل لكل ذلك، الكل بحاجة إليك؛ فإن قمت بالزيارة فأطل؛ فمثلك لا يكون على القلب إلا كما الريشة أو أخف، بل إن موعد الزيارة مفتوح، ورسائل الترحيب مكتوبة بحبر لا يجف، وحروف من ذهب، لدورك الفاعل في سعادة البشر، وما تحمله من سرور ليسرّ بك كل من عانقته وعانقك، وإن يكن من أمر فإن الفرج وغريمه التقليدي، الحزن، بالرغم من أنهما ضدان، وكل بلا ريب لا يطيق الآخر، إلا أن هناك عوامل مشتركة تجمع الفرقاء؛ فخفقان القلب، واضطراب الجوارح وارتفاع ضغط الدم، وانخفاضه طبقاً لاختلال مستوى الأحاسيس، والدموع التي تسيل من أجل هذا وذاك، فيما يكون الأداء مرهوناً بنسبة ليست باليسيرة، بأفعال وتصرفات البشر، فما أعظم خالق البشر والفرح والحزن القائل في محكم التنزيل: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)، وقال عز وجل: (وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ).
هذه الآيات الكريمة تجسد بجلاء أن الخير وعمله جزاؤهما كبير؛ فهل نحيي السنن النبيلة الجميلة التي أمرنا بها ربنا ورسوله لنسعد بالفرح بالدنيا، والسكينة والاطمئنان والأجر في الآخرة؟
منقول