إلى اللّه أشكو قلب سوء قد احتوى

... عليه الهوى واستأصلته العلائق


ولي حزن يزداد في كل لحظة ... ودمع جفوني للبكاء يسابق
فإن تغفر الذنب الذي قد أتيته ... فذاك رجائي والظنون توافق
علامة ما يولي من الفضل إن أنا ... هجرت الدنا أو قلت إنك طالق
هنالك يبدو كل سر معظم ... لعيني وتغشاني هناك الحقائق
المرور على الصراط والحوض
قال اللّه تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً. ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً. ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً. وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً. ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً.).
واختلف في ورودها فقيل هو الدخول فيها وهي خامدة فيعبرها المؤمنون وتنهار بغيرهم وقيل هو الجواز على الصراط فإنه ممدود عليها وصححه النووي رحمه اللّه.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أو حذيفة بعد ما ذكر حديث الشفاعة التي لجأ الناس إليه صلى الله عليه وسلم فيها وهي الإراحة من الموقف والفصل بين العباد قال فيأتون محمداً فيقوم ويؤذن له وترسل الأمانة والرحم فتنبي الصراط يمناً وشمالاً فيمر أولكم كالبرق ثم كمر الطير وأشد الرجال تجري بهم أعمالهم ونبيكم صلى الله عليه وسلم قائم على الصراط يقول رب سلم ربِّ سلَّم حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفاً قال: وفي حافظتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت فمخدوش ناج ومكدوس في النار والذي نفس أبي هريرة إن قعر جهنم لسبعون خريفاً.
قال في إكمال العلم تفسير الحديث الآخر: " إن الصخرة العظيمة لتلقى في شفير جهنم فتهوى فيها سبعون عاماً حتى تفضي إلى قرارها " .
وفي صحيح البخاري قال: رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فو الذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى لمنزلة في الجنة منه لمنزلة كان في الدنيا.
وفي رسالة القشيري قال معاذ بن جبل: إن المؤمن لا يطمئن قلبه ولا تسكن روعته، حتى يخلف جسر جهنم.
وكان أبو ميسرة رضي اللّه عنه، إذ أوى إلى فراشه قال: يا ليت أمي لم تلدني، ثم يبكي، فقيل ما يبكيك؟ فقال: أخبرنا أنا واردوها ولم نخبر أنا صادرون عنها.
وبكى عبد اللّه بن رواحة وقال: آية أنزلت ينبئني فيها ربي، إني وارد النار، ولم ينبئني أني صادر عنها، فذلك الذي أبكاني.
وقال الحسن: كيف لا يحزن المؤمن وقد حدث عن اللّه أنه وارد جهنم ولم ينبئه بأنه صادر عنها.
وفي صحيح مسلم عن أنس قال: بينما رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسماً، فقيل: ما أضحكك يا رسول اللّه؟ قال: " نزلت على آنفاً سورة يقرأ فيها: بسم اللّه الرحمن الرحيم: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ.) " .
ثم قال: " أتدرون ما الكوثر؟ " فقلنا: اللّه ورسوله أعلم، قال: " فأنه نهر وعدنية ربي عليه خير كثير، وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فأقول ربي إنه من أمتي فيقول: ما تدري ما حدث بعدك " .
وقوله يختلج بلفظ المجهول أي يعدل به عن الحوض، وهو إما المرتد وإما العاصي.
وفي كتاب الترمذي عن سمرة بن جندب قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " إن لكل نبي حوضاً وإنهم ليتباهون أيهم أكثر واردة وأني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة " .
وفي صحيح البخاري عن سهل بن سعد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا فرطكم على الحوض من مر علي شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً، ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم " .
وزاد أبو سعيد الخدري فقال: " فأقول إنهم مني فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن غير بعدي " .