إِذَا مَيَّزَ اللَّهُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ فِى أَيِّهِمَا يَجْعَلُ الْغِنَاءَ ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه أما بعد,
أعلم رحمك الله بأن المعازف حرام بإجماع معتبر انعقد في خير العصور وهو عصر الصحابة والتابعين والإجماع إذا انعقد في عصر لا يعتد بكل خلاف يأتي من بعده كما قرر ذلك أهل الأصول.
قال علماء أصول الفقه بأن الصحابة لو اختلفوا على قولين في مسألة ما, فلا يجوز لمن بعدهم أن يحدثوا قولاً ثالثاً لأن لازم ذلك أن الحق لم يكن في أحد القولين فكأنهم قد أجمعوا على الضلالة ولم يقوم قائم لله بحجته وهذا محال .
وقالوا من باب أولى إذا انعقد الإجماع بينهم فمن الضلالة أن يزعم الزاعمون بأن الحق في قول غير الذي أجمعوا عليه لقوله عليه الصلاة والسلام " لا تجتمع أمتي على ضلالة " .
وأعلم أن أول من خالف في المعازف هو ابن حزم الظاهري وهو من القرن الخامس وهو محجوج بالإجماع المنعقد في عصر الصحابة والتابعين فمن زعم أن خلافه معتبر فقد زعم أن أهل العصور الأربعة الاُول وهم خير الناس قد أجمعوا على ضلالة !! والله المستعان.
قال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان:
قد حكى أبو عمرو بن الصلاح الإجماع على تحريم السماع والغناء
قال البيهقي رحمه الله في سننه:
[ باب الرَّجُلِ يُغَنِّى فَيَتَّخِذُ الْغِنَاءَ صِنَاعَةً يُؤْتَى عَلَيْهِ وَيَأْتِى لَهُ وَيَكُونُ مَنْسُوبًا إِلَيْهِ مَشْهُورًا بِهِ مَعْرُوفًا أَوِ الْمَرْأَةِ ]:
قَالَ الشَّافِعِىُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
قال تعالى { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ }[قال ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير هذه الأية : هُوَ وَاللَّهِ الْغِنَاءُ.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : هُوَ الْغِنَاءُ وَأَشْبَاهُهُ.
قال تعالى { أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ]
قال البغوي في تفسيره : (السمود) هو الغفلة عن الشيء واللهو , وقال عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (السمود) هو الغناء بلغة أهل اليمن، وكانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا.اهـ
وقال البيهقي رحمه الله: قال ابن عباس رضي الله عنهما: { وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ } هُوَ الْغِنَاءُ بِالْحِمْيَرِيَّةِ اسْمُدِى لَنَا : تَغَنِّى لَنَا.اهـ
وأخرج البخاري وأبودواد وابن حبان عن التابعي الجليل عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال : حدثني أبو مالك الأشعري صاحب رسول الله ووالله ما كذبني أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ ، يَأْتِيهِمْ ، يَعْنِي الْفَقِيرَ ، لِحَاجَةٍ ، فَيَقُولُوا : ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا ، فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ".
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِى الْقَلْبِ.
قال البيهقي رحمه الله: سَأَلَ رجل الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ بن أبي بكر الصديق - وهو من الفقهاء السبعة من التابعين - عَنِ الْغِنَاءِ فَقَالَ أَنْهَاكَ عَنْهُ .
قَالَ أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ : انْظُرْ يَا ابْنَ أَخِى إِذَا مَيَّزَ اللَّهُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ فِى أَيِّهِمَا يَجْعَلُ الْغِنَاءَ.اهـ
وأخيراًإعلم أن من قسم الغناء إلى غناء ماجن وغناء غير ماجن فقد قال على الله بغير علم وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كتم هذا التقسيم ولم يبين التحريم خير بيان وهو أفصح من نطق بالضاد بأبي هو وأمي.
فالمجون محرما بأصله والمعازف محرمة بأصلها فإن أجتمعا أصبحا أشد تحريما وأكثر وعيدا فنعوذ بالله من تلبيس الشياطين ,والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
منقول بتصـــــــــــــــــــرف