ظلام الليل...
كم سعدت بحوارك الهادئ البناء...
عندما قلت أنا :
(وللأسف فإن أول من يطرح مثل هذاالسؤال هم من ضيع أمانته بسلوكياته الخاطئة)
أقصد أن من يتساءل كيف ضاعت هيبة المعلم ؟ هم الذين يمارسون تلك السلوكيات المشينة...
ولو استطعت لاستخدمت (ما) لغير العاقل بدلا من (من) التي هي للعاقل... كوني أشك في أنهم عقلاء...
أما أساليب التربية فالحديث عنها ذو شجون...
لن أنصب نفسي للدفاع عن التعاميم والقوانين التعليمية ... فهي لم تصدر عن أهواء ولا عن اجتهادات بل صدرت متوافقة مع نظريات تربوية وضعها علماء أمضوا جل أعمارهم في البحوث أو الأبحاث التربوية من أجل أن يقدموا جهدهم للعالم...
أختلف معك في أن أعزي نجاح بعض الأفراد إلى أساليب التربية التي تلقوها وخاصة فيما يتعلق بموضوع الضرب...
عندما يتعالى المعلم ويظن أن اعتذاره لأي كان حتى لوكان الطالب يظن أن ذلك يقلل من شأنه .... فما عرفناه أن المعلم الفذ يمتاز بالتواضع والعطف وووو جملة أخرى من معاني الأبوة ...
أتحدث وأنا حديث عهد بالتعليم ... أكثر من عقد من السنوات وأنا أعلم شباب في المرحلة الثانوية التي توصم بأنها المرحلة الصعبة من مراحل نمو الطالب ... ونعرف جيدا ماهية السلوكيات والتصرفات التي قد تبدر عن الطالب في هذه المرحلة... طوال تلك السنين لم أركن إلى العصى لفرض هيبتي واحترامي ولغرس ما أريده أن يغرس في نفوس طلابي...
كنت ولا أزال أرى أن المعلم الذي يحمل العصا يحمل عنوان فشله من حيث لا يدري...لن يحترمه طلابه ... إنهم يحترمون العصا التي يحملها... تمعن في كلماتك ... أنت تعزي النجاح إلى العصا التي استخدمها معلمونا في السابق من حيث لا تدري...لم تذكر من معلمك سوى العصا... لا زلت تتذكر وضع أيدينا تحت الكراسي... لم تتذكر سوى سلوكا سلبيا كان يهديه ذلك المعلم إلى طلابه.... وتأصل ذلك في أنفسنا وظلت الصورة عالقة في أذهاننا ... تقنعنا بأنه لا وسيلة لتعديل السلوك سوى الضرب.... وعندما منعت تلك الوسيلة لم نستطع إعادة برمجتنا لنتكيف مع البديل...فصحنا بملء فينا... لقد ضاعت هيبتنا ... والحقيقة لقد ضاعت هيبة العصا...
أنا معلم ... إذا أنا أحمل رسالة...
كيف يمكن لي أن أوصل هذه الرسالة ...
إنه فن الاتصال...
بين المرسل والمستقبل نحن بحاجة لوسيلة تنقل رسالتنا ... ماهي هذه الوسيلة !!!؟
نحن بحاجة لأن نطور من أنفسنا ... ننتقد أساليبنا ووسائلنا المستخدمة...
من منا معشر المعلمين ... يقيم نفسه ويعيد حساباته...
عندما نفشل في اتصالنا بطلابنا نرد اللوم عليهم.... هذا طالب كسلان وذاك مقصر وووووو إلخ .. كل اللوم على الطالب...
متى قال أحدنا لعل الخلل في أنا ...
معلم يصيبك الغثيان من طريقة شرحه...معلوماته جامدة... قديمة ... عتيقة... غير متابع للجديد في تخصصه...لايتفنن في أسلوب طرحه...حتى لو كان قدوة في كل سلوكياته ... فإن إفلاسه تربويا لن يرحمه من أمزجة الطلاب المتغيرة...
عندما نكون في عصر ثورة المعلومات واختلاط الثقافات ... ونركن إلى أساليب عفى عليها الزمن وثبت فشلها...
هل هذا منطقي !!!؟
عندما نحول مدارسنا إلى ساحات لتطبيق العقوبات الرادعة وكأنها حدود شرعية.... لا أدري هل نحن نعلم ونربي ..أم ننفذ الحدود؟
وعندما تتحول مهنة التعليم إلى وظيفة .... نرى تلك المساوئ ممن لا يستشعرون الرسالة...
فمن يستحق أن يكون معلما...؟ وماهي صفاته ؟
ستكون لي عودة بإذن الله.
فائق احترامي