فـي بيتهـم بـاب

كانت هناك حجرة صغيرة فوق سطح أحد المنازل, عاشت فيها أرملة فقيرة مع طفلها الصغير حياة متواضعة
في ظروف صعبة إلا أن هذه الأسرة الصغيرة كانت تتميز بنعمة الرضا و تملك القناعة التي هي كنز لا يفنى

لكن أكثر ما كان يزعج الأم هو سقوط الأمطار في فصل الشتاء

فالغرفة عبارة عن أربعة جدران, وبها باب خشبي, غير أنه ليس لها سقف و كان قد مر على الطفل أربعة سنوات
منذ ولادته لم تتعرض المدينة خلالها إلا لزخات قليلة وضعيفة, إلا أنه ذات يوم تجمعت الغيوم و امتلأت سماء المدينة
بالسحب الداكنة.

و مع ساعات الليل الأولى هطل المطر بغزارة على المدينة كلها, فاحتمى الجميع في منازلهم, أما الأرملة و الطفل
فكان عليهم مواجهة موقف عصيب

نظر الطفل إلى أمه نظرة حائرة و اندسّ في أحضانها, لكن جسد الأم مع ثيابها كان غارقًا في البلل

أسرعت الأم إلى باب الغرفة فخلعته ووضعته مائلاً على أحد الجدران , وخبّأت طفلها خلف الباب لتحجب عنه سيل
المطر المنهمر...

فنظر الطفل إلى أمه في سعادة بريئة و قد علت على وجهه ابتسامة الرضا وقال لأمه: ماذا يا ترى يفعل الناس
الفقراء الذين ليس عندهم باب حين يسقط عليهم المطر ؟

لقد أحس الصغير في هذه اللحظة أنه ينتمي إلى طبقة الأثرياء.. ففي بيتهم باب.

...

ما أجمل الرضا.... إنه مصدر السعادة و هدوء البال ..... ووقاية من الأمراض و التمرد و الحقد

يقول ابن القيم عن الرضا :هو باب الله الاعظم ومستراح العابدين وجنة الدنيا............
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

*******

منح المحن

ظهرت فتحة في شرنقة عالّقة على غصن ... ذات يوم

جلس رجل لساعات يحدَّق بالفراشة وهي تجاهد في دفع جسمها من فتحة الشرنقة الصغيرة .

فجأة توقفت الفراشة عن التقدم . .

يبدو أنها تقدمت قدر استطاعتها ولم تستطع أكثر من ذلك ...

حينها قرر الرجل مساعدة الفراشة، فاخذ مقصاً وفتح الشرنقة . ..

خرجت الفراشة بسهولة، لكن جسمها كان مشوهاً وجناحيها منكمشان !!

ظَلّ الرجل ينظر متوقعا ًفي كل لحظة أن تنفرد أجنحة الفراشة ، تكبر وتتسع.. وحينها فقط يستطيع جسمها
الطيران بمساعدة أجنحتها...

لكن لم يحدث أي من هذا، في الحقيقة لقد قضت الفراشة بقية حياتها تزحف بجسم مشوّه وبجناحين منكمشين !!

لم تنجح الفراشة

في الطيران أبداً أبداً !!

لم يفهم الرجل بالرغم من طيبة قلبه و نواياه الصالحة، أن الشرنقة المضغوطة وصراع الفراشة للخروج منها،
كانتا إبداع من خلق الله لضغط سوائل معينة من الجسم إلى داخل أجنحتها، لتتمكن من الطيران بعد خروجها
من الشرنقة ...

أحيانا تكون الابتلاءات هي الشيء الضروري لحياتنا..

لو قدّر الله لنا عبور حياتنا بدون ابتلاء و صعاب

لتسبب لنا ذلك بالإعاقة، ولما كنا أقوياء كما يمكننا أن نكون ..

ولما أمكننا الطيران أبداً ...


طلبت قوةً ...

فمنحني الله مصاعب و محن لتصقلني وتربيني ..

طلبت حكمةً ...

فوهبني الله معضلات لأحُلها ..

طلبت رخاءً ...

فأعطاني الله عقلاً و قدرة لأعمل و أنتج ..

طلبت شجاعةً...

فوهبني الله عوائق و عقبات لأتغلب عليها ..

طلبت محبةً...

فاكرمني الله ببشر لديهم مشاكل لكي أحبهم وأُ ساعدهم ..


طلبت امتيازات و رخاء و ثراء ...

فأعطاني الله فرص و إمكانيات سانحة ..

وإن لم تحصل أنت على أي شيء مما طلبت...

يكفي أنك تبحث عن ماتحتاج ..

عِش بالإيمان ، عِش بالأمل ، عِش بلا خوف،

توكل على الله ، واجِه كل العقبات في حياتك

وبرهن لنفسك أنه يمكنك التغلب عليها.


منقول لروعته