فتيات يستبدلن المدارس بالزواج
لايملكن أهدافا جدية والتعليم آخر اهتماماتهن


مديرة مدرسة: أفقد 20 طالبة سنويا

صبرين علي – القديح



التعليم حق مكفول لكل إنسان بغض النظر عن ذكورته وأنوثته ولما كانت الأم هي المدرسة الأولى للإنسان في بداية مشواره مع الحياة فلابد من إعداد هذه المدرسة أي بتعليم هذه الفتاة التي ستصبح أماً لأجيال كاملة ومن الضروري تعليم بناتنا تعليماً كاملاً غير ناقص ما دام لا يتنافى مع ديننا الإسلامي وعاداتنا الجميلة ما دمنا نريد جيلاً نقياً معافى قادراً على الاستمرار مع العصر الجديد كيف لا والأم مدرسة إذا ما أعددتها أعددت شعباً طيباً الأعراق وفي عصر العلم والفيضان المعلوماتي يتحتم على المرء مجاراة التقدم العالمي و التكيف مع المتغيرات المتسارعة لكي يكون جزءاً منتجاً لا مجرد عالة على الإنسانية لذا نجد من المثير للتساؤل أنه لا يزال حتى في وقتنا الحالي من لا يؤمن بأهمية تعليم البنات ولا يعتني بغرس الإيمان بأهميته في نفوسهم مما أدى لوجود نسبة كبيرة من الفتيات المنقطعات عن الانتظام في الدراسة في مراحلها النهائية و تظهر النسبة الأكبر من المنسحبات في آخر المرحلة المتوسطة و أول المرحلة الثانوية. وتعددت آراء بعض الطالبات «السابقات» المتسربات من المدرسة واختلفت أسباب نفورهن من الدراسة وعدم شعورهن بجدوى إنفاق السنوات في العلم و التحصيل و نيل «الشهادة» و لو كجواز مرور للمهنة والاستقلال المادي عن الأسرة ..
حلم
وتركت «زينب- ش» 26 عاما الدراسة من الصف الأول الثانوي لتكرار رسوبها في مادتي الرياضيات و اللغة الإنجليزية ردة فعل الأهل كانت سلبية و لم يتم التدخل من قبلهم بأي شكل منذ ما يزيد على الخمسة اعوام و زينب تقضي أيامها بين نوم و أكل و جلوس أمام التليفزيون والخروج من وقت لآخر هو حدثها الاستثنائي. يرتجف صوتها وهي تعبر عن ندمها و ضجرها و تتمنى لو تتمكن من العودة لمواصلة الدراسة و تعبر بحسرة عن غياب التشجيع من قبل الأسرة الرازحة تحت أعباء الحياة المادية، وأجواء المنزل التي وصفتها بأنها «تطفش». تتذكر زينب معلماتها بود و رغبتها بأن تصبح معلمة.
زواج
وانقطعت «هاجر- ج» 27 عاما عن الدراسة منذ الصف الثالث المتوسط بسبب رسوبها أكثر من مرة في مواد الرياضيات و مواد اللغة العربية و اللغة الإنجليزية و الجغرافيا و التاريخ خمسة اعوام مرت حتى الآن و هي تعمل في طاقم الضيافة في إحدى صالات الأفراح. وتشعر بالرضا عن حالها و لا تود العودة للدراسة إذ أنها ترى أن المناهج صعبة و المعلمات سيئات في التعامل مع الطالبات و جو المدرسة لا يشجع وأسرة هاجر لا تعارض ترك بناتها للمدرسة و شقيقتها الأصغر كذلك انسحبت من الصف الثاني المتوسط من أجل الزواج .
ظروف
ودفعت الحالة المادية لـ «فاضلة- ف»21 عاما و بتشجيع من الأهل لمغادرة مقاعد الدراسة من الصف الثاني المتوسط و تعمل منذ ثلاثة اعوام في التنظيف في مركز نسائي مقابل مبلغ ضئيل بالكاد يغطي مصاريفها الشخصية الضرورية، ترى في حالها أهون الأمرين فهي بكل الأحوال كانت متعثرة في مسيرتها الدراسية و الأمل في مواصلتها حتى الأخير كان ضعيفا .. تحلم بالاستقرار والزواج و الأمومة أقصى طموحها.
رسوب
ونوهت «زهرة- ع» 21 عاما الى تركها الدراسة منذ خمسة اعوام لرسوبها في مادة الرياضيات لثلاثة اعوام متتالية وتركت المدرسة من الصف الثالث المتوسط وفي البداية كانت معارضة الأهل شديدة إلى أن استسلموا كونها اعتادت السهر و نوم النهار تستيقظ مساءً لتقضي شئون البيت من طبخ و غسيل و تنظيف ثم تنفق ساعات بين ألعاب الفيديو وقنوات التلفزيون حتى طلوع الشمس لتنام بعدها حتى المساء في دائرة روتينية وبدأت تشعر بالسأم مؤخراً إلا أنها ترفض فكرة استئناف الدراسة إذ تعترف بأنها سريعة الضجر و لا تتحمل الالتزام بنظام تهوى التصوير و التصميم و تخطط لاحترافه و تتمنى الزواج لتغيير حياتها وتقول إنها كي ترجع للمدرسة لا بد من تغيير المناهج و طرق التدريس و أساليب المعلمات و كذلك المزيد من دعم الأسرة و تتساءل هل ستضمن لي الشهادة الحصول على عمل؟
نسبة
فيما تؤكد «نعيمة الخميس» مديرة المدرسة الثانوية الأولى بالقديح أن نسبة المتسربات من مدرستها تقارب العشرين طالبة سنوياً و ألقت السبب الرئيسي على عاتق الطالبات أنفسهن معللة بأن البنت برغبتها تختار مسارها. و نفت «الخميس» أي دور للمعلمات في تنفير الطالبات بل وصفتهن بـ «عامل جذب بأدائهن و عطائهن و أسلوبهن و أخلاقهن» و رجحت أن سبب ازدياد النسبة في مدرستها له علاقة بمبنى المدرسة المستأجر و ضيق غرفه التي تتكوم فيها الطالبات بشكل خانق.
خليط
وحصرت «بدرية الأنصاري» مديرة المدرسة الثانوية الأولى بالقطيف الواقعة بحي البحاري العدد السنوي للمتسربات من مدرستها بين الخمس و العشرة طالبات وربطت بين قلة عدد المتسربات لديها و بين كونهن خليطا من بنات القرى و المدن معلقة بأن بنات القرى عادة أقل تمسكاً بالتعليم نظراً لأنماط تنشئتهن الاجتماعية التي ترى أن تعليم الإناث بلا أو أقل قيمة و فائدة من تعليم الذكور.
دوافع
وحددت «الأنصاري» عوامل تنفير الطالبات بكثرة المواد و كثافتها و صعوبة بعض المواد و النظام الذي لا يتيح التقدم في بقية المواد في حال التعثر و لو بمادة واحدة، و النتيجة أن تشعر الطالبة بالاختلال العام حتى لو كانت مشكلتها مع مادة واحدة. وحملت نسبة بسيطة من العبء على المعلمات و أساليب معاملتهن للطالبات دون أن تنفي بالكامل احتمال مساهمتهن في حالة النفور الدراسي وأرجعت بقية الأسباب للظروف الأسرية والصحية و المادية وكذلك تلك المتعلقة بالبيئة المدرسية من مبنى وإمكانات و مرافق كما أعربت عن قلقها من تنامي الظاهرة حتى في المراحل الابتدائية و طالبت بالتعاون وتوحيد الجهود لإيقاظ الوعي العام و دعت الطالبات أنفسهن إلى الالتزام و الاقتناع بأهمية مواصلة التعليم.
تشجيع
وترى «آمال الدوسري» مديرة المتوسطة السادسة بالقطيف انه لا وجود للظاهرة في مدرستها و ذكرت أن السبب كونها في مدينة و بيئة المدن و طبيعة سكانها تشجع التعليم و تعتبر الشهادة و الوظيفة من أولويات الفتاة بينما في القرى يأتي الزواج سابقاً في الأهمية. وأشارت مرشدة المتوسطة الأولى بالقديح إلى أن مدرستها تعاني بشكل واضح من هذه المشكلة بسبب انشغال الطالبات بأمور كثيرة تجعل من التعليم آخر همومهن ولفتت النظر إلى أن الطالبات لا يملكن أهدافا جدية وبعد ترك الدراسة لا بديل لهن سوى البقاء عاطلات في بيوت أهاليهن أو الزواج والتسرب يكون بعد تكرار الرسوب في نفس الصف لأكثر من مرة