ابن هتيميل.. الشاعر الضمدي الخزاعي

الأربعاء, 18 يونيو 2008
علي محمد أحمد شاووش

شاعر كبير أنيق نشأ في ضمد وكانت تسمى هجر لم يجد أدبه وشعره اهتماما فهو قد عاش في فترة تغلبت فيها الأطماع والغارات والمؤامرات على الاستقرار، فتشتت فيه الإبداع الأدبي ولم يجد له صدى إلا ما يصل الأمراء من مديح أو هجو يتقرب به النقالون والوصوليون للحصول على رضا الأمير أو الحاكم وعطائه وما عدا ذلك فهو لم يتجاوز صدر الشاعر وأوراقه وشاعرنا القدير (القاسم بن علي بن هتيميل الضمدي الخزاعي) عاش في فترة اضطراب وفوضى وانعدام حفظة ورواة على غرار كتاب الأغاني وما شابهه من كتب الرواة والتراث، فالبعض ينسب ولادته في القرن السابع الهجري بينما هو ولد في القرن السادس الهجري وعاصر القرن السابع الهجري فهو قد عاصر عهد الملك المظفر بن عمر الرسولي الذي حكم في القرن السادس الهجري واستمر حكمه إلى الثالث عشر من رمضان سنة 694هـ المصادف 1295م وله معه قصة ظريفة فقد روى (البديع) كما ذكر العقيلي أن الأمير وهاس الحسني أمير المخلاف السليماني وفد إلى المظفر في زبيد قادما من المخلاف وفي أثناء إقامة وهاس لديه بعث الملك المظفر سرية من الخيل لأخذ الشاعر القاسم بن هتيميل لما بلغه أن الشاعر على اتصال بأمراء (حلي) ومدائحه فيهم ومنها القصيدة التي عرض فيها بالبيت المشهور:
إن الملوك بني يعقوب قاطبة
قطعا وكل ملوك غيرهم سوق
فلما علم ابن هتيميل بوصول السرية لأخذه التجأ إلى بيت الأمير وهاس الذي هو ضيفا على الملك المظفر فمنعه منهم ابنه الأمير سليمان بن وهاس وكان حينذاك غلاما وفي سن الشباب الباكر وقال لهم إن ابن هتيميل قد استجار بنا والسلطان يحب رعايتنا ووالدي في حضرته فأرجو أن تتركوه وللسلطان رأيه فينا وفيه فلم توافقه السرية فمنعهم عن أخذه وأجبرهم على الانصراف بدونه وأبلغت السرية السلطان أن ابن وهاس تعرض لهم بخيل ورجال واستخلص منهم الشاعر.... الخ
ولكن السلطان ألزم الأمير بجلب الشاعر ابن هتيميل فأحضر إلى زبيد ومثل بين يدي السلطان فقال له أنت القائل:
إن الملوك بني يعقوب قاطبة
قطعا وكل ملوك غيرهم سوق
فرد عليه ابن هتيميل أطال الله عمر السلطان إنما قلت وكل ملوك غيرهم سبقوا فاستحسن السلطان تخلصه وعفا عنه وهذا ما يؤكد أن الشاعر قد عاصر القرن السادس الهجري وأيضا نيفا من القرن السابع الهجري وقيل إن الشاعر قد عمر مائة سنة تقريبا وكان كثير الترحال ومن إبداعاته قصيدته (أنا من ناظري) والمؤسف أن الكثير ينسب إليها من التراث ولا ينسبها للشاعر وهذا يدل على عدم معرفة الكثير بصاحبها وكان انتشار هذه القصيدة عن طريق الفنان الأستاذ محمد مرشد ناجي وإلا ما عرفها أحد إلا القليل من المشتغلين في الأدب وهي قصيدة تربوية وقورة تحاكي احترام الذات وعدم التبرج وصون الوجوه اقتطف منها هذه الأبيات:
أنا من ناظري عليك أغار
وارِ عني ما زال عنه الخمار
صن محياك بالنقاب وإلا
نهبته العقول والأبصار
فمن الغبن أن يماط لثام
عن محياك أو يحل إزار
من معيري قلبا صحيحا ولو
طرفة عين إن كان قلب يعار
لا الزمان الزمان فيما عهدناه
قديما ولا الديار الديار
أبصرت مفرقي فأفزعها
ليل تمشي في جانبيه نهار
وغرام الشباب أشهى إلى النفس
وإن كان في المشيب الوقار
رحم الله ذلك الشاعر الذي قدم أدبا فريدا من نوعه. أتمنى على رموز الأدب في منطقة جازان بتفعيل ديوانه وأدبه لتطلع عليه الأجيال وأبناء المنطقة.