يوم الرّب العظيم


يوم الرَّب العظيم








1
هناك ..
على قمَّة جبلٍ يشبه النّهاية
جلسَ صبيٌ يتأمَّل المستقبل ،
صبيٌ لا حصر له ...
ينظرُ إلى الغدِ الماثل .

2
في الرَّقصِ كما في القبرِ لأوَّل شهقةٍ يصبحُ الحذاء عِبئاً .
يقولُ القادةُ للجنديّ الوحيد :
هي ذي " هرمجدون " .. فاخلع حذاءك / قلبك .

3
" دانيال " ، هل كان حظُّ " المتألم الحزين " أن يأتي بعدك ؟
هل كنتَ تُخبِرُ تفاصيل القصّة للعابرين على أسرّة التاريخِ بانتظام ؟ .
" دانيال " أيه النبيل
هل كان يعنيك ما سيحدث ؟
هل كان يعنيك إلى هذا الحدّ ؟ .

4
العجوز الذي قضى بالزهايمر
العجوز الذي اشتدّ وهمُهُ في ممارسة رياضة الدّم
العجوز الذي نسج خرافتَه من سُرُجِ منازلنا العربيَّة
العجوز الذي مرَّن إصبعَه للضغط على فاتحة الموت
العجوز الذي قدَّس رعاة سِيناء القدماء كزنبقة ،
العجوز الذي يتمتع بكل هذه الحِكم البلهاء الخبيثةِ ..
نفق كجرذٍ متعفن .

5
في " يوم الرّب العظيم "
تتكسَّرُ " رجسة الخراب " كآمالٍ نتنة ،
و في هذا اليوم أيضا
يبلغُ " الحزنُ " حدَّ النّصر
فلا تنتهي المعركة .

6
" نبوخذنصر " في " التمثال و الحَجر "
" نبوخذنصر " في " الرؤيا "
" نبوخذنصر " في كلّ شيء يتجدّد .. و يحلم .
و لِمَ لا ؟
أليست الرؤيا وطن الأفكار المستقبلية الوحيد ؟! .

7
لا " أورشليم " هنا ،
هكذا قالت عجوزٌ يهودية لبنيها .
كأنها كانتْ تدفعهم إلى الحليب ..
و إلى الاهتمام أكثر ببقرتهم الوحيدة
كما أنها – و لا ريب – كانت تشجعهم على الدَّرس بأقصى حظٍ ممكن .
هي ذاتها التي كانتْ تبكي – فقط تبكي – عندما علمتْ أن أطفالها صاروا حطبا لليسوعيين ! .

8
لا أريدُ من ابني أن يسألني عن سرّ ولعي بقميصِ أبي .
لا أريدُ منه أن يدفعني للاعتراف بأن القميصَ الذي قُدّ / أن القميص الذي ألقي على وجه نبوءة .. هو هو ذاته الذي الذي سيرتفع على الراياتِ المختلطة بفرح النّسور و عويل أمهاتِ الأعوام المقبلة .

9
" هكذا يجيء أيضا مجيء ابن الإنسان "
على سحابة في السماء تتنزّل بقوّةٍ و مجد .
فليحذر " المختارون "
لأن الخادع و البريَّة لا تجيء في جوفها إلا بالخديعة .

10
أنتَ أيه المتلفِّعُ بصمتِك
قم و انظر أي الجهات يسكنها جبل " الزيتون " .. ذو الوصايا المقدَّسة .
قم ، إنها ساعة العملِ بدأب .

11
بهدوء من فقَدَ ساقاً في الحكمة
جاء التاريخُ مُضَلالاً .. ينشج .

12
ترثيك سهول " حوران "
" أرضُ مجيدو "
و بقاع الشرق حين تبني هيكلك الجديد .

13
نعيمٌ أنتَ أيه الصبي الذي يتمسَّحُ بالبِشْر
سرمديٌ و ساكن ،
وجهك بداية الضوء
و نهايتك بدء بروقٍ تهوي على نُهى الأحبار بخشوعٍ قاتل .

14
حين تتجه شمالاً
إلى اليسار من " بحر الجليل "
كن شاخصا ،
و بشكلٍ مستمرٍ و ثابت
دغدغ جرابك المتحفِّز ..
و قل : إني قادم .

15
هكذا أنتَ يا ابن الإنسان
ويلاتُك صنائعُ يديك ..
يداك منك
و غدُك نوره سوادٌ مطلق .

16
اليقين هو بضعٌ تمراتٍ من " بيسان " الجافَّة ؛
ثم من جهة " فاران " توقَّع المزيد .

17
لا علم لي بأخوتي الذين ناصبوني العداء
هم يبكون أحفاد النور القوي
يلطمون في " النَّجف " وجوهَهم ،
و في " قُم " القريبة من الرايات السوداء لا يشاركوني صلاتي .
لا عِلم لي بما يفعلون من حياة الأمس
أنا ، ذلك المنطلق في المضارع المستمر
الحالم ببهجةٍ كونيّة
المحب لأخوتي أيضا .

19
في كتب أطفالنا الكثير من السكون
و في أعين الأمهاتِ " غذاء " فقط ..
أما طريقتنا في غِناء أيامنا المتعثرة فهي طريقٌ تجعلنا نتوالدُ في القّصَصِ بلا أطفال و بلا " غذاء " .

20
تهوي الجبالُ في حضرة هذا السَّهل
الأممُ تتصارعُ كتنينٍ واحد فقط
و لا أحد يكتبُ التاريخ لأن قيامة " بني إسماعيل " نهايةٌ مؤكَّدةٌ لبحار المياه المالحة .

21
يقظةٌ تحلُّ بروحي
قادمٌ من المستقبل .. أنا ؛ و سحبُ الكون المتربصة بالخلاص الوشيك الفاقع و هو يمتطيها كحكاية .
هو أيضا من يمنحها " المسك "
و يقتدي بأخيه الأصغر / الكبير
هذه السّحب توشك أن تأتيَ معي .

22
أيها النَّاس ..
قراءة " الزيت " لا تفضي إلى " مجيدو "
و لا إلى الباب الموصد بانتظار الحِكمة .
فلندع " الزيت " جانبا
و لنبدأ في تحسُّسِ تفاصيلنا في عتمة الأمم .

23
تفزعني " سيولُ الهلاك "
فترتجُّ الأرض
و يتذلّلُ بنو الغرباء .. للفراغ .
إنها صلوات القدِّيسين تتجه شمالاً
شمالاً ..
إلى حيثُ لا تبقى لأهالي " روما " ذاكرة تقيهم الزوبعة .

24
العاطلُ عن التوق يصمتُ الآن في مواجهة نضارته و ينجزُ أملا .


2002/2004م

حامد بن عقيل

__________________