يجيب عليها سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
اللسان نعمة من الله ولكن له آفات
* سائل يقول: نرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا خطر اللسان وعواقبه، وهل الإنسان مؤاخذ بكل ما يقول وهل من توجيه نحو أخطار الغيبة؟
- اللسان نعمة من الله على العبد قال جلَّ وعلا: {أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ(8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ} (9) [البلد]· فاللسان يعبر به العبد عمّا يكن في ضميره، يجيب به عن السؤال وينطق به عمّا يريد تحقيقه وهذا الأخرس الذي لا يتكلم يعد فاقداً لأمر عظيم، نسأل الله العفو والعافية، ولكن هذا اللسان إما أن تعلو به درجات أو أن تحط إلى الحضيض، ولذا جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم" قالها حينما قيل له: أوَنحن مؤاخذون بما نقول؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم أو قال مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم· فكلمة حق تقولها ترتفع بها درجة وكلمة كفر وضلال تقولها تنحط بها أسفل سافلين· في الحديث: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها أجراً إلى يوم يلقاه" وكان الصديق يأخذ لسانه بيده ويقول هذا الذي أوردني الموارد، ولهذا في الحديث: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" ومن قلَّ كلامه خفت أوزاره وسلم عرضه، واطمأن الناس إليه وفي الحديث "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" فمن سلم المسلمون من لسانه لم يغتب ولم يسع في نميمة ولم يرم أحداً بجريمة ولم يشهد زوراً ولم يقذف مسلماً ظلماً وعدواناً· ولم يشع فاحشة ولم يكذب ولم ينسب للناس ما لم يقولوه فإنه في نعمة· فكم من إنسان أساء إلى نفسه وإلى مجتمعه بلسانه هذا يشتمه وهذا يقذفه وهذا يلعنه وهذا يقول عنه زوراً وغيبة يقول إلى غير ذلك من المصائب والآفات· فيا أخي اتق الله في لسانك وإن كنت أقول ذلك· فالجميع مقصرون في هذا الباب وألسنتهم تمتد إلى ما لا يليق· نسأل الله التوفيق والعفو والعافية، فيا أخواني آفات اللسان عظيمة ألم تسمعوا الله يقول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (4) [النور]· انظر إلى عقوبة القذف وهي الجلد ثمانين جلدة ورد الشهادة والحكم عليه بالفسق·
هذا الدعاء عن مكة المكرمة لا شيء فيه
* سائل يقول في دعائه: "اللهم إنك تعلم أن مكة المكرمة هي أحب البلاد إلى قلبي فأسألك اللهم أن تجعل لي فيها قراراً دائماً وترزقني فيها رزقاً حلالاً طيباً·· هل هذا من الاعتداء في الدعاء حيث إنه يحب البقاء في مكة للعمل واغتنام خيراتها" ويكره الخروج إلى غيرها من المناطق الأخرى؟
- ما أظن هذا اعتداء، لأن مكة أفضل البقاع وبعض الناس تحب مكة فإذا أحبها وصار رزقه فيها فلا شيء في هذا الدعاء إن شاء الله، لأن مكة أفضل البقاع التي شرّفها الله·
لا يجوز إضافة أبناء الأخ في التأشيرة في حالة السفر
* هل يجوز للرجل المسافر أن يضيف أسماء أولاد أخيه أو قريبه مع أسماء أولاده في تأشيرة السفر والقول بأنهم أولاده جميعاً؟ وهل يجوز إضافة أسماء أولاد الابن في هذه الحالة؟
- لا يجوز إضافة أبناء أخي لأبنائي، فأبناء أخي وحدهم وأبنائي وحدهم حتى أبناء أبنائي ما أنسب إليهم مباشرة، بل إذا كان ابني اسمه عبدالله وابنه عبدالعزيز ما أقول أنا أبو عبدالعزيز أقول جده· أبو عبدالله لا يمكن أن أجعل أبناء أبنائي أبناءً لي وأسقط آباءهم هذا خطأ وإن كنت جدهم لكن اسقاطي للأب خطأ وأبناء أخواني لا أقول أبناء لي وإن كنت عماً لهم حتى في تأشيرة السفر فما ينبغي هذا·
مسألة في النفاس
* فضيلة الشيخ: عندي سؤالان الأول: هو هل تطهر النفساء قبل أم بعد الأربعين؟ والسؤال الثاني: ماذا أفعل كي أحفظ القرآن الكريم؟
- بالنسبة للسؤال الأول: النفساء تطهر بانقطاع دم النفاس فلا دم ولا صفرة ولا كُدرة فإذا رأت الطُهر الكامل ولو لم تكمل الأربعين فقد طهرت· وبالنسبة للسؤال الثاني: استعيني بالله واجتهدي واحرصي على الخير والله يقول: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } (17) [القمر] ·
اقرأ ما تيسر من القرآن في السنن والرواتب
* هل هناك سور معينة يستحب قراءتها في صلاة الوتر وصلاة الضحى أم أن أي سورة كانت تجزئ؟ وهل ركعات السنن التي نصليها قبل وبعد الصلاة الواجبة نقرأ فيها سورة بعد الفاتحة أم أن الفاتحة كافية؟ جزاكم الله خيراً·
- الله جلَّ وعلا قال في الفرائض { فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ } (20) [المزمل]· أي: فاقرؤوا ما تيسر من القرآن وقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: "ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن" أما الصلوات المفروضة فالواجب فيها الفاتحة، فهي ركن من أركانها وكذلك كل صلاة نافلة أو مفروضة فالفاتحة ركن فيها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" فهو عام في الفرائض والنوافل فلا صلاة إلا بأم القرآن، وأما ما زاد على الفاتحة فهو من باب السنن ولا ينبغي الإخلال به في الفرائض والأولى المواظبة عليه في النوافل· والوتر جاءت السنّة بأن يقرأ فيه بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد في الركعات الثلاث، وإن قرأ بغيرها فهو مجزئ، والسنن الرواتب تقرأ فيها بأم القرآن فهو الأصل، ويستحب أن يقرأ غير الفاتحة بعدها على قدر ما ييسر الله له·
حقوق العباد تقضى من التركة وعلى المسلم ألا يفرط في القضاء
* إذا كان هناك شخص عليه دين لأحد أو دين لله مثل صيام يقضى أو مثل النذر ثم مات وكان في نيته أن يقضي ولكن الموت سبقه ولم يقض شيئاً وليس له أحد من أهله يستطيع أن يقضي عنها ماذا عليه وهل يكون آثماً أم أن الأعمال بالنيات؟ لأنه كان ينوي القضاء، جزاكم الله خيراً؟
- لا يخلو حال الشخص إما أن يكون مفرطاً بمعنى أنه أفطر في رمضان ومضى عليه بعد رمضان وقت يمكن أن يقضي فيه فلم يقض، مضى شوال وذو القعدة وذو الحجة حتى قارب رمضان الآخر ومات ولم يقض فهذا يخشى عليه من الإثم؛ لأنه فرط في القضاء وتهاون به وكذلك من عليه نذر، أما من مات قبل أن يمضي وقت يمكن أن يقضي فيه فلعل الله يسامحه لكونه لم يكن مفرطاً، أما حقوق العباد فتقضى من التركة فإن لم يكن فمن تبرع أوليائه أم أحد إخوانه المسلمين، وإلا فهو مرتهن بدينه، فإن كان حريصاً على قضائه وسعى في ذلك ولم يقدر فلعل الله أن يقضي عنه ويعفو عنه·
الإسلام جاء بما فيه خير للقلوب والأبدان
* إذا قام المسلم من نومه وأدخل يديه في الماء قبل أن يغسلهما ثلاث مرات، فهل يصلح هذا الماء للوضوء وماذا لو أدخل أصبعه ليعرف هل الماء دافئ أم لا؟
- صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغلسها ثلاثاً فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" فرسول الله صلى الله عليه وسلم أرشدنا إذا قمنا من النوم ألا ندخل أيدينا في الإناء حتى نغسلها ثلاثاً قبل ذلك، وهذا معلل بقوله: "فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" فلعلها باتت في موضع قذر وحملت قاذورات وهو نائم لا يشعر بما حصل منه فهذه دعوة للنظافة والبعد عن القذر والترفع عنه، فدين الإسلام جاء بما فيه خير للقلوب والأبدان معاً فإنه أمر بغسل يديه ليكون هذا الغسل منقياً لهما ومنظفاً لهما لأنهما تدخلان في الماء الذي يتمضمض منه ويتنشق منه ويغسل به الأعضاء فهذه دعوة للنظافة والبعد عن أسباب الإصابة بالوباء بكل طريق وأما كون الماء ينجس أولاً ينجس فهذا موضع اختلاف بين العلماء، والصحيح عدم تنجيس الماء بذلك والله أعلم·
صياغة الذهب وبيعه وضربه لا مانع منها
* يقول السائل: ما حكم الشرع في مهنة صياغة الذهب هذه جملة وتفصيلاً؟
- صياغة الذهب وبيع الذهب وضرب الذهب لا مانع منها هي من المهن التي يحتاج الناس إليها ولا أحد يستطيع أن يمنع الناس منها، بل مازال الصاغة موجودين في عهد نبينا صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائنا الراشدين على قدرهم المهم ليس الصياغة، المهم ما يتعامل به الصاغة فإن تعاملوا بشرع الله ووافقوا أمر الله ووقفوا عند حدود الله فلا مانع وتلك حرفة من الحرف ومهنة من المهن ولا مانع منها إذا لم تخالف شرع الله، وجميع المهن والحرف لا يعاب أهلها، العيب فيما فيه مخالفة للشرع فالأمور المحرمة مثل مصانع الخمور والعياذ بالله فالأمور المحرمة شرعاً هذه ممنوعة، وأما الأمور المباحة فلا مانع منها، وصياغة الذهب وضرب الذهب لا مانع منها، المهم التزامهم شرع الله في بيعهم وشرائهم وأن يتعلموا من شرع الله ما يصحح معاملاتهم