رمضان والفضائيات -- اللهم اجعله شاهدا لنا لاعلينا
قتل الوقت
قتل الفراغ
تضييع الوقت
وغير ذلك من المصطلحات العجيبة مع العلم أن الإنسان المسلم - سيسأل عن كل ثانية من عمره فيما قضاها
لو سألنا بعض الناس عن رمضان وعن ما فيه من أشياء جميلة لقالوا إن من أجمل الأشياء في رمضان هو تلك البرامج التلفزيونية الجميلة والتي من أحدثها ( كلنا عيال قرية ) ويتابعونها بشغف شديد
ويتحدثون في اليوم التالي في أماكن عملهم ومجالسهم
عما حصل في هذه المسلسلات المضحكة !!! ( المبكية )
أما المسلسلات والبرامج المسابقاتية والترفيهية فهي سنن مؤكدة لابد أن يحرص كل انسان مسلم على متابعتها يوما بيوم وإلا أصبح صيامه ناقصا يحتاج لإتمامه زيادة في النوافل وزكاة فطر لتكفيره
ولو سألت بعضهم عن السبب في هذا الإعتقاد لأجابوا بأن هناك وقتا ميتا طويلا في رمضان يستلزم شغله بمثل هذه البرامج والمسابقات ماذا وإلا كان شهر الصوم شهرا ثقيلا مملا لا يمر ولا ينقضي الا بطلوع الروح
ولهذا استغل أصحاب الفضائيات هذا الضعف في المسلمين وأمطروهم بوابل من
المضحكات المبكيات حتى أصبح رمضان شهر المسلسلات ولاحول ولاقوة إلا بالله
فمثلا ماذا يصنع الانسان بعد صلاة المغرب وتناول طعام الافطار - الدسم المركز والذي لا يجعل للإنسان حراكا بعد تناوله ، وكأننا نتناوله انتقاما على حرماننا طوال النهار من الطعام - أصنافا متعددة وألوانا من الحلويات والمعجنات والدسميات وغير ذلك
لا يقوى الانسان بعدها على الحراك ولا يكون في مقدوره إلا الجلوس خاملا كسلانا - (بطنه خلاص ) - لا يقوى على فعل شئ ينتظر المسلسل أو البرنامج على أحر من الجمر وأثقل من أكياس الرمل ولا يقومون إلى صلاة العشاء إلا وهم كسالى
فإذا صلينا العشاء والتراويح - وبعضنا لايكمل التروايح وهو في كامل صحته
أتانا شعور العجب والتفضل على الله تعالى بركعات قليلة أديناها ( كيف مااتفق ) والله أعلم بما عقلنا منها وبما قبله منها - عدنا إلى بيوتنا نتبختر لنبدأ رحلة الوقت الميت الثاني وهو الوقت الطويـــــــــل ما بين التراويح والسحور وفيه حدث ولا حرج
ساعات طويلة كل يغني فيها على ليلاه ... سمر ... لعب ... برامج وقنوات ... أسواق ... الخ
والكل سعيد ومبسوط .. طبعا ... خلاص ... الصوم انتهى في النهار أما ليل رمضان فهو للترفيه والترويح واللعب و ... و ...الخ هذا حال بعضنا وللأسف
والوقت الثالث عند البعض هو وقت ما بعد صلاة العصر إلى المغرب .. حيث يستيقظ من النوم - بعد أن قضى نهاره نائما بعد عناء ذلك السهر المشار إليه - ولا يجد ما يقوم به وفي نفس الوقت هو متعب مجهد إما لخلو المعدة من الطعام والشراب أو لخلو الدم من النيكوتين (- للمدخنين طبعا -) فهو لا يقوى على شئ وفي نفس الوقت يريد قتل الوقت بأي شئ
وصاحبنا يغضب لأتفه الأسباب
وهذا هو حال بعض المسلمين واستغلال أوقاتهم في رمضان
... ولذلك تجد أمثال هؤلاء وبعد انقضاء هذا الشهر لو سألتهم
عن أحصائياتهم وانجازاتهم في رمضان لكانت الإجابة كما يلي:-
متابعة مركزه كاملة لطاش ماطاش
مشاهدة 30 أو 60 برنامج ترفيهي
التعايش مع 30 او 60 حلقة من مسلسل عربي أو أجنبي
السهر ثلاثون ليلة مع الشلل والأصدقاء
زيادة عدة كيلوجرامات في الوزن
زيارة عدة أسواق لم تكن لتزار في غير رمضان
..
..
وفي المقابل لو سألنا كم سورة صغيرة حفظت من كتاب الله في خلال هذا الشهر بكامله لكانت الإجابة لم ينجح أحد
عجبا لحالنا وأي عجب
شهر القرآن ... شهر الصيام والقيام ...شهر ليلة القدر ... والعتق من النيران
يمر رمضان تلو الرمضان ... وربما أدرك الواحد منا في حياته ثلاثون رمضانا ... اربعون ... بل خمسون او ستون وبكل أسف لم يزد من حفظه من كتاب الله العظيم ولا سورة واحدة ... ولا حتى من قصار السور ... كم منا يحفظ سورة سبح نزولا إلى آخر المصحف ، وكم يحفظ جزء عم .
&&&&&
.. عند لقاء الله هل يستطيع الواحد منا أن يقابل الله بذلك العدد الهائل من اللهو والعبث الذي عاش عليه فإذا سئل الأسئلة الثلاثة تلعثم لأنها لم تكن في باله دائما
إخوتي وأحبتي الكرام ...
ما أغلى رمضان وما أثمن أوقاته ...أقول -- لكل الذين انشغلوا طوال العام وكلنا كذلك
كم هي غالية هذه الفرصة العظيمة لنا للتعويض في الوقت الذي كم حُرم ( بضم الحاء )
هذه النعمة أناس لم يبلغهم الله رمضان .
.. ساعات طويلة ... بين المغرب والعشاء ... بعد التراويح إلى الليل .. بعد العصر إلى المغرب ... وقت يكفي لكثير من الطاعات والنوافل ... وقت يكفي لحفظ القرآن وليس جزء عم فحسب
ليكن لنا عبرة من تجار المواسم - وهم ألئك التجار الذين لا تتحرك تجارتهم إلا في أيام معينة من السنة يزداد فيها دخلهم وزبائنهم ويقبل الناس على تجارتهم إقبالا غير عادي ولا يمكن أن يتحقق لهم ذلك طوال العام -
فهؤلاء التجار إذا ما أتت مواسمهم شمّروا عن سواعدهم واستنفروا كل طاقاتهم وقواتهم واستدعوا أهلهم وأبناءهم وذويهم لمساعدتهم ... وتركوا الوسائد والفراش ... وتركوا النوم والراحة ... بل وحتى ربما تركوا الطعام والشراب ورؤية الأهل والأصحاب وتفرغوا بكل ما أوتوا لموسمهم العظيم
فهل لنا فيهم عبرة وهل اتعظنا بهم في كيفية استغلال المواسم ...
الموسم يأتي مرة واحدة في العام فإذا انتهى فاز من فاز وخسر من خسر وليس للجميع إلا الإنتظار لموسم العام القادم ولكن من يدري هل سنكون ممن يشهد هذا الموسم المقبل أم أننا نكون ضيوفا على اللحود ومراتع الدود
ولذلك حق لجبريل عليه السلام أن يدعوا على من أدرك رمضان فلم يغفر له والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يؤمن على دعائه عليهما الصلاة والسلام
فمابالنا بمن أمن على خسارته وهلاكه الأمينان
جبريل ومحمد عليهما الصلاة والسلام
فهيّا لنشمر ... لننفض غبار وتراكمات السنين ... لنغير من حياتنا شيئا ... لنتقرب إلى الله تعالى خطوة حتى نضمن أن يتقرب إلينا سبحانه خطوات وخطوات ... لنغير من عاداتنا الخاطئة ... ولنبدلها بالتصحيح والتقويم ... ولننشأ أجيال المستقبل على أوضاع وأسر اسلامية نقية سليمة خالية من عوالق وحفريات السنين والإعلام الماكرالمخادع
لتكن بعد المغرب فترة استعداد للقاء الله في صلاة العشاء والتراويح ... سباقا مبكرا إلى الصفوف الأولى
ولتكن بعد التراويح فترة لكل الأنشطة القرآنية الجميلة – حفظ ، تجويد ، تفسير ، ترتيل ، ...
وليكن بعد العصر للقرآءة والتدبر والذكر والتسبيح والتهليل والتمجيد
أبواب العبادة والتقرب إلى الله ليس لها عد أو حصر بالمثل كما أن خزائن الله تعالى لا تنفد
ولكن هل من مشمر ومستغل
والحكمة من الصيام ( هي التقوى ) لعلكم تتقون ( والتقوى هي فعل ماأمر الله واجتناب مانهى الله
وحتى يكون رمضان انطلاقة خير لبقية الشهور
أسال الله العلي العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك لنا فيماتبقى من رمضان
وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام ، وأن يجعلنا ممن يحفظ وقته الذي هو عمره
إنه ولي ذلك والقادر عليه