أشاد عدد من العلماء والمفكرين بمشروع الترجمة الفورية لصلاة التراويح من الحرم المكي والمسجد النبوي الذي تنفذه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالتنسيق مع وزارة الثقافة والإعلام والرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وأكدوا أن هذا المشروع يعد واحداً من الخدمات الجليلة التي تقدمها المملكة لأبناء الأمة وخاصة الأقليات المسلمة الذين يتطلعون إلى مثل هذه الأعمال العظيمة لتعلم معاني الآيات الكريمة وأوضحوا أن هذا المشروع امتداد لما تقدمه المملكة في خدمة الكتاب الكريم من طباعة ونشر وترجمة لمعانيه وتحفيظه لأبناء المسلمين قائلين: إن ديدن قادة هذا الوطن هو خدمة كتاب الله الكريم بشتّى الطرق والوسائل.
حاجة ملحة
في البداية أوضح فضيلة الدكتور صالح بن غانم السدلان أستاذ الفقه المقارن بقسم الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، أن هذه الترجمة الفورية لصلاة التراويح قدمت للمسلمين في أنحاء العالم خدمة جليلة في معرفة المعاني السهلة للقرآن الكريم من خلال تقديم معانٍ قريبة للفهم خاصة للذين لا يتحدثون اللغة العربية من أبناء الدول الإسلامية غير العربية والأقليات المسلمة التي تتعطش لفهم المعاني المبسطة والصحيحة للقرآن الكريم، وأكد الشيخ السدلان أن تجارب الأعوام السابقة في الترجمة الفورية أثبتت الحاجة الملحة لها لدى غير الناطقين باللغة العربية.
جهد كبير
أما الأمين العام للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز المصلح فقد ذكر أن هذا المشروع المتمثل في الترجمة الفورية لصلاة التراويح والقيام ونقلها عبر القنوات الفضائية يعد امتداداً لما تقدمه المملكة من خدمات كبيرة لكتاب الله الكريم تبدأ من جعله دستوراً لها ثم طباعته وترجمة معانيه ونشره وإيصاله لكل مسلم في أنحاء المعمورة بلغته، إضافة إلى تعليمه أبناء المسلمين ورصد الجوائز المحلية والدولية لمسابقات القرآن ليتنافس الحفظة على النهل من هذا المعين الصافي.
وأوضح الدكتور المصلح أن المملكة أنشأت عدداً من الجمعيات والمنظمات لخدمة القرآن الكريم لا يتسع المقام لذكرها. وأضاف: "أعود إلى مشروع الترجمة الفورية لصلاة التراويح الذي تنفذه مشكورة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لأوضح مرة ثانية أنه جهد كبير صرفت عليه الملايين من الريالات من أجل تقديم خدمة للمسلمين وغيرهم ممن لا يتحدثون اللغة العربية ليعرفوا ما في كتاب الله من معانٍ عجيبة وأحكام عظيمة تشير إلى عظمة الخالق عزَّ وجلَّ".
مجموعة متميزة من المترجمين
ومن جانبه كشف المدير الفني لفريق الترجمة الفورية شاكر طالب أن فريقه يملك خبرة واسعة في إدارة مثل هذه البرامج الحاسوبية للقيام بترجمة فورية دقيقة لصلاة التراويح، موضحاً أن مشروع الترجمة اختار هذه المجموعة من بين عدد من المترجمين بحكم أن هذه المهمة تحتاج لعدد من المواصفات التقنية في الشخص الذي يقوم بهذه المهمة مثل أن يكون حافظاً لكتاب الله ومتقناً للغة الإنجليزية مع قوة التركيز وسرعة البديهة أثناء قراءة الإمام للآيات القرآنية الكريمة وقال طالب: "إن تدشين هذا المشروع يأتي في إطار حرص المملكة على خدمة أبناء الأمة الإسلامية في مختلف المجالات منها إيصال معاني القرآن الكريم بأسلوب مبسط يتناسب مع مختلف العقول خاصة أن أبناء الأقليات المسلمة تحتاج لمثل هذه الترجمة أثناء مشاهدتهم لصلاة التراويح والقيام من الحرمين الشريفين، موضحاً أن هذا المشروع يأتي بعد قيام المملكة بترجمة معاني القرآن الكريم وطباعته في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة بالكثير من اللغات وتوزيعها على جميع المسلمين في أنحاء المعمورة بلغاتهم.
تأثير إيجابي كبير
ويشير المهندس نصير كندي هندي الجنسية "مهندس في إحدى كبرى الشركات في الجبيل" إلى أن هذه الترجمة أوجدت في نفسه نوعاً من الرغبة في الاطلاع على معاني القرآن الكريم بجدية وتفصيل أكثر وقال: لقد اطلعت فعلاً على تفاسير القرآن الكريم باللغات الإنجليزية ووجدت بغيتي حيث فهمت الكثير عن العقيدة الإسلامية أكثر مما كان في حصيلتي سابقاً وأن المسلمين غير الناطقين بالعربية في بلادنا الهند ينتظرون بفارغ الصبر وقت صلاة التراويح حتى يفهموا أكثر الكلام الذي يتلوه الإمام. مضيفا أن أغلب الزملاء في العمل من جنسيات مختلفة يتحدثون كثيراً عن ترجمة معاني القرآن الكريم التي يرونها على الشاشة أثناء صلاة التراويح ومن خلال نقاشي معهم وجدت اتفاقاً عاماً على أنها ذات تأثير إيجابي كبير على الناطقين بغير العربية من المسلمين حيث توضح لهم بلغتهم معاني القرآن الكريم إضافة إلى أنها تقدح شرارة الهداية في قلوب الكثير من الموظفين غير المسلمين.
بلاغة وحكمة
ويضيف بندر الغامدي "مهندس مبتعث في إحدى دول أوروبا": إن ما ألمسه من تأثير ترجمة معاني القرآن الكريم على شاشة القناة عظيم، فقد لاحظت تطلّع الكثير من الزملاء من غير المسلمين إلى صلاة التراويح وما يكتب في الشاشة حيث فاجأني أحدهم بقوله: إن الكلام المكتوب في الشاشة كلام مؤثر وبليغ، إضافة إلى أنه لا يعكس الواقع الذي يتناقله أغلب الناس هنا عن الإسلام. وأن مثل هذه الخطوات المباركة شأنها أن تختصر الكثير من الوقت والجهد في إعطاء الصورة الصحيحة عن الإسلام وخصوصاً عند الدول الأوروبية.
ثمار يانعة
فيما يؤكد "مدير المكتب التعاوني لتوعية الجاليات في الدمام الدكتور عبدالواحد المزروع أنه من المفرح جداً أن نرى مثل هذه البوادر الطيبة وغير المستغربة على بلادنا الطاهرة والتي اتخذت الوسطية منهاجاً لها ويضيف الدكتور المزروع: إن ترجمة معاني القرآن الكريم تختصر الكثير من الجهد والوقت للتعريف بمنهجنا الإسلامي إضافة إلى أن مثل هذه التجربة الناجحة من شأنها أن تصحح تفكير الكثير من أصحاب الديانات الأخرى في نظرتهم إلى الإسلام ويقول أيضاً: أتوقع أن تؤتي مثل هذه الخطوات ثمارها بشكل كبير وملحوظ وتمنى المزروع أن تتطور الخطوة للترجمة إلى لغة الإشارة حتى تعم الفائدة جميع الناس في العالم بمختلف شرائحهم وتوجهاتهم