!!!
بقلم: د. زيد بن محمد الرماني * عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
شهر رمضان من أعظم مواسم المسلمين فهو شهر الصوم الذي هو الركن الرابع من أركان الإسلام، وقد فضله الله تعالى بأن أنزل فيه كتابه الكريم، وجعل فيه ليلة خيراً من ألف شهر.. وقد ورد في فضله وفضل العبادات فيه آثار كثيرة.
وشهر رمضان شهر مبارك وفضائله كثيرة، وقد شرع فيه من الأعمال والقرب الشيء الكثير، ولكن المبتدعة أحدثوا بدعاً في هذا الشهر الفضيل.
ومن ذلك ما ابتدع في قيام رمضان في الجماعة من قراءة سورة "الأنعام" جميعها في ركعة واحدة، ويخصونها بذلك في آخر ركعة من التراويح ليلة السابع أو قبلها.
يقول عبد الله التويجري في رسالته العلمية "البدع الحولية": وكون قراءة سورة الأنعام كلها في ركعة واحدة في صلاة التراويح بدعة، ليس من جهة قراءتها كلها، بل من وجوه أخرى، منها:
(1) تخصيص ذلك بسورة الأنعام دون غيرها من السور يوهم أن هذا السنة فيها دون غيرها، والأمر بخلاف ذلك.
(2) تخصيص ذلك بصلاة التراويح دون غيرها من الصلوات وبالركعة الأخيرة منها دون ما قبلها من الركعات.
(3) ما فيه من إطالة على المأمومين.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن ذلك فأجاب: بأن ذلك بدعة.
ومن ذلك بدعة صلاة التراويح بعد المغرب، سئل ابن تيمية - رحمه الله - عن ذلك فأجاب: السنَّة في التراويح أن تصلى بعد العشاء الآخرة، كما اتفق على ذلك السلف والأئمة، وقيام الليل في رمضان وغيره إنما يكون بعد العشاء... فمن صلاها قبل العشاء فقد سلك سبيل المبتدعة المخالفين للسنَّة.
ومن المبتدعات، بدعة صلاة ليلة القدر، وصفتها أنهم يصلون بعد التراويح ركعتين في الجماعة، ثم في آخر الليل يصلون تمام مائة ركعة، وتكون هذه الصلاة في الليلة التي يظنون ظناً جازماً أنها ليلة القدر.
وقد سئل ابن تيمية - رحمه الله - عن هذه البدعة فقال: المصيب الممتنع من فعلها والذي تركها، فإن هذه الصلاة لم يستحبها أحد من أئمة المسلمين، بل هي بدعة - مكروهة - باتفاق الأئمة ولا فعل هذه الصلاة لا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحد من الصحابة، ولا التابعين، ولا يستحبها أحد من أئمة المسلمين.
وابتدع بعضهم جمع آيات السجدات، ويقرأ بها في ليلة ختم القرآن وصلاة التراويح ويسبح بالمأمومين في جميعها.
ومن البدع التي أحدثت في رمضان بدعة سرد جميع ما في القرآن من آيات الدعاء، وذلك في آخر ركعة من التراويح، بعد قراءة سورة الناس فيطول الركعة الثانية على الأولى.
وما أحدث في هذا الشهر الفضيل: الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح ورفع المصلين أصواتهم بذلك، وفعل ذلك بصوت واحد، فذلك كله من البدع.
ومما أحدث في هذا الشهر العظيم، رفع الصوت بالدعاء بعد ختم القرآن ويكون هذا الدعاء جماعياً وبصوت عال، ومما أحدث في ليلة ختم القرآن:
أ - اجتماع المؤذنين تلك الليلة فيكبرون جماعة في حال كونهم في الصلاة.
ب - ضرب الطبل والأبواق والدف أمام القارئ أثناء سيره إلى بيته.
ج - عمل بعض الأطعمة والحلوى لهذه المناسبة..
هذه بعض المنكرات والمبتدعات التي أحدثت في ليلة الختم.
ومن المحدثات في شهر رمضان ما تفعله العامة في بعض البلدان الإسلامية من رفع الأيدي إلى الهلال عند رؤيته يستقبلونه بالدعاء قائلين "هل هلالك، جل جلالك، شهر مبارك" ونحو ذلك، مما لم يعرف له أصل في الشرع.
ومن البدع المحدثة في شهر رمضان المبارك، أنه إذا بقي من رمضان خمس ليال أو ثلاث يجتمع المؤذنون والمتطوعون من أصحابهم، فإذا فرغ الإمام من سلام وتر رمضان، تركوا التسبيح المأثور وأخذوا يتناوبون مقاطع منظومة في التأسف على انسلاخ رمضان.
إن انشغال الناس بهذه البدع، سبب في ابتعاد الناس عمّا شرعه الله ورسوله عليه الصلاة والسلام من إحياء ليالي رمضان بالصلاة والذكر.