أغاني البحر في محافظة حضرموت
وهي عادة ما تصاحب الصياد في رحلته البحرية بحثاً عن رزقه ، وتغنى أغاني البحر في حضرموت على إيقاع : هو الصوت الذي يحدثه ارتطام المجاذيف بلجة البحر خلال عملية التجذيف فيبدأ الصيادون الأغنية بقولهم : ( هي لله شي ) ثم ينشد أحدهم أبياتاً مسجعة تناسب النغم ، أما أغنية ( هيلي لقدوم ) فتغنى عند توجههم داخل البحر الى جهة معينة قد تكون جهة الشرق مثلاً فتغني المجموعة
( هيلي لقدوم ) ، ويردد آخر ( الشلال ) وتكون الكلمات والأبيات مناسبة ، وتليها أغنية ( هيلي خوارة ) أو ( هيلي عالخور لقدوم ) ثم أغنية ( هيلي بانوش ) أو
( هيلي نويش ) ، وعند تعمقهم داخل عرض البحر يغنون أغنية : ( غبة البحر ) ، وبنفس ما جاء في الأغاني السابقة من حيث ترديد المجموعة ( الكورس والمنشد أو المغني ( الشلال ) .
أما عند عودتهم الى البر فتغني المجموعة ( هيلي عالبر ) وبعضهم هكذا
( هيلي يروينا ) وينشد أو يغني المغني ( الشلال ) أبياتاً من الشعر الشعبي مثل قصيدة ( لابسات الخلاخل عالبر ) وعند مغادرة البحر تغنى أيضاً أغنية ( سوبان ) أو ( مسوبان ) وتعني هذه الكلمة آلهة البحر ، ولهذه الأغنية ترديد خاص وكلمات خاصة وهذه الكلمات أو الأغنية انتشرت على امتداد الساحل حتى جبال ( المشقاص ) حيث يرددها العمال والحطابون هناك .
ويتغنى الصيادون بأغنية مخاطبة السمك وتغنى هذه الأغنية لمخاطبة سمك
( الثمد ) وهو من الأسماك المشهورة في حضرموت ، ويدعى في الأغنية بكنيته الوصفية ( أبو حمد ) وتنشد أبيات حكمية مثل :
سعيد هادي يقول الناس سبوني ‍
الله يسب الذي هو بايسب الناس ‍

كما يتغنى الصيادون بعد عودتهم من البحر ومع قيامهم بترميم واصلاح الشباك بأغنية خاصة وهي عبارة عن إنشاد قصيدة مطولة تحكي ضياع حوت في البحر والبحث عنه ، وبلحن آخر طويل النفس ولعملية شحن وتفريغ السفن أغنية يغنيها رجال الموانئ يرافقها رقص وتصفيق منسجم .
وهكذا نلاحظ التشابه الكبير بين غناء البحر في الخليج وحضرموت مع اختلاف بسيط حيث تغنى الأغنية البحرية في الخليج في موسم الغوص أما في حضرموت فيغنيها الصياد في رحلته البحرية للبحث عن رزقه .
وحينما ننتقل الى الغناء الخليجي لنرى مدى تأثره بالفن الحضرمي المعاصر نجد أن فناني الخليج قد تأثروا أكثر من غيرهم بهذا الفن ، حتى أن معظم الفنانين في منطقة الخليج يشقون طريقهم الفني بتأدية الغناء اليمني ولاسيما الأغنية الحضرمية ، وفي دراسة حول أقطار الخليج المتأثرة بشكل واضح بالغناء الحضرمي تبين أن سلطنة عمان تأتي في المرتية الأولى ، حيث يبدأ الفنانون العمانيون طريقهم الفني بتأدية الغناء الحضرمي ، فقد تأثر الفنان سالم علي سعيد من مدينة ظفار ، أكثر من غيره بهذا اللون ، ورغم شهرته في عمان فلازال يؤدي الأدوار الغنائية الحضرمية حتى الآن ، بل لا يستطيع المستمع أن يفرق بين ألحانه والألحان الحضرمية الأخرى ، وكذلك الفنان العماني سالم محاد ، ومسلم عبد الكريم ، وابن الساحل ، وشادي عمان ، وجميعهم من مدينة ظفار في عمان ، وهنا نلاحظ أن هذه المدينة متأثرة بالفن الحضرمي أكثر من المدن العمانية الأخرى وذلك بحكم تقاربها مع اليمن الديمقراطي ، وخاصة محافظة حضرموت .
كما نجد مدينة صور في عمان تأتي في المرتبة الثانية من حيث التأثر بالأغنية الحضرمية ، رغم بعد هذه المدينة عن اليمن ، ولكن السفن التجارية و
( الأبوام ) كانت هي الرافد الثقافي الذي استطاع من خلاله أهالي مدينة صور جلب هذا اللون الغنائي الى بلادهم ، وقد كان الفنان سالم راشد الصوري يمثل اللون الحضرمي في مدينة صور ، وأيضاً الفنان عوض حليس الذي لايزال يقوم بتأدية الأدوار الحضرمية مثل أغنية :
أبو علي قال يامفرج الهم ‍
وياكاشف عن المضنون ‍

وفي الإمارات يمثل الفنان خالد السعدي لوناً حضرمياً مستقلاً بل أن الحانه الخاصة ذات طابع حضرمي أصيل ، مثل أغنية : ( عاد نحن ما انسجمنا ) وأغنية ( أنا يوم قابلتك في ليلة العيد ) ونلاحظ أن الأغنيتين حضرميتا اللهجة لحناً وأداء ، مع ذلك فلا زال هذا الفنان يغني أيضاً لبعض الفنانين الحضارم مثل عبد الرحمن الحداد ، وعلي الصغير ، وقد غنى للأخير أغنية :
بين المحبين فرقت قلبك ‍
ولعاد تدري من هو يحبك ‍
كلفت نفسك وأسهرت عينيك ‍
عسى الله يعينك