أروى بنت الحارث
أروى بنت الحارث بن عبد الملطب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وآله
قال ابن سعد في الطبقات : اُمها تخزيه بنت قيس بن طريف بن عبد العزى بن عامر بن عميرة بن وديعة بن الحارث بن فهر .
تزوجها أبو وداعة بن صبرة بن سعيد بن سعد بن سهم ، فولدت له : المطلب ، وأبا سفيان ، واُم جميل ، واُم حكيم والربعة بني أبي وداعة (1) .
وهي من ربات الفصاحة والبلاغة والشعر ، كانت أغلظ الوافدات على معاوية بن أبي سفيان ، حيث أسمعته ومن معه كلاماً قارصاً .
ومن جملة نصحها للإسلام ، وإرجاع الحق الى أهله ، دخولها على معاوية بن أبي سفيان وهو في أبهة سلطانه ، وشموخه بأنفه بين أعوانه
كانت أروى مثال المرأة المسلمة ، جاهدت في سبيل الله بلسانها وبيانها ، في كل دور من أدوار الإسلام الذي مرَّ عليها ، ولم تأل جهداً في أداء
النصيحة وإرشاد الناس الى سلوك طريق العدل والانصاف ، وإرجاع كل ذي حق حقه ، بكل ما تقدر عليه ، غير هيابة ولا وجلة ، لا تأخذها في
الله لومة لائم .
ولا غرابة فقد كانت السيدة أروى فريدة زمانها ، وبليغة عصرها إذا خطبت أعجزت ، وإن تكلمت أوجزت لإنها إبنة البلاغة ومعدن الفصاحة .
في قتل حمزة رحمه الله :
نَحــنُ جَزَيْناكم بيــوم بـدر * والحرب يوم (2) الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من صبـر * أبي وعمي وأخــي وصهــري
شفيت وحشي غليل صــدري * شفيت نفسي وقضــيت نــذري
فشكـر وحشي عليّ عمــري * حتى تغيب (3) أعظمي في قبـري
صبحـك الله قبيل الفجــر * بالهاشميين الطوال الزهـــر
بكــل قطـاع حسام يفري * حمزة ليثي وعلي صقـــري
إذ رام شبيـب وأبوك غدري * أعطيتي وحشي ضمير الصدر
هتـك وحشـي حجاب الستر * ما للبغايا بعدها من فخـــر
ألا يا عين ويحــك اسعدينــا * ألا وابكـي أميــر المؤمنينــا
رُزينا خيــر من ركب المطايا * وفارسها ومـن ركب السفينــا
ومن لبس النعـــال أو احتذاها * ومن قرأ المثـانــي والمئينــا
إذا استقبلت وجه أبي حســـن * رأيت البـدر راع الناظــرينـا
ولا والله لا أنسى عليـــــاً * وحسن صلاتـه في الراكعينــا
أفي الشهر الحرام (1) فجمعتمونا * بخير النـاس طُــرا اجمعينـا
ومن شعرها قالت ترثي أباها :
عينـي جودا بدمــع غير ممنون * إذ أنهما لا بدمع العيـن يشفينــي
إنــي نسيـت أبا أروى وذكرته * عن غيــر ما بغضة ولا هــون
ومال زال أبيـض مكراماً لاُسرته * رحب المحاسن في خصب وفي لين
من آل عبد منـافٍ إن مهلكــه * ولو بقيت رغوب الدهر يعصيــني
مـن الذين متـى ما تغش ناديهم * تلقى الحضارمة الشم العرانيـــن
روى ذلك أيضاً ابن عبد ربة ـ في العقد الفريد ـ ضمن الوافدات على معاوية عن العباس بن بكار ، قال : حدثني عبدالله بن سليمان المدني
وأبو بكر الهذلي : أن أروى بنت الحارث بن عبد الملطب دخلت على معاوية وهي عجوز ، فلما رآها معاوية قال : مرحباً بك وأهلاً يا عمة . . .
وقال الزركلي في أعلامه : إنها توفيت حدود سنة خمسين هجرية (1) .