لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: دعائم الاقتصاد في الإسلام

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية عبدربه
    تاريخ التسجيل
    02 2008
    المشاركات
    3,500

    دعائم الاقتصاد في الإسلام

    دعائم الاقتصاد في الإسلام


    بقلم: أ.د. زيد بن محمد الرماني *

    المال زينة الحياة الدنيا، والاقتصاد قوام المجتمعات البشرية من الناحية المادية، إذ به يتحقق للناس ما يسعون إليه من الغذاء والمسكن والكساء، وسائر ما يحتاجون من ضرورات العيش والبقاء، وبدونه تشقى الأمم، وتعصف بها رياح الفقر والتخلف والضعف، وتصبح عرضة للامتهان والاستغلال.
    ولذا، أولى الإسلام المال والاقتصاد عناية بالغة، فهما عصب الحياة، وعماد القوة المادية، وهذه لا بد منها ليتوافر للمسلمين القوة الكاملة التي دعا القرآن الكريم إلى إعدادها، دفاعاً عن الحق وتمكيناً له، وإرهاباً للباطل وتنكيساً لأعلامه.ش
    والمال في الإسلام ليس مقصوراً على الذهب والفضة وما يحل محلهما من الأوراق النقدية ولكن مدلوله يشمل كل ما له منفعة مباحة شرعاً من عقار وثمار وحيوان وآلات ومعادن.
    وقد تحدث الكتاب العزيز عن المال والاقتصاد في آيات كثيرة، إذ ورد المال بصريح اللفظ مفرداً وجمعاً ونكرة ومعرفة ومضافاً وغير مضاف ستاً وثمانين مرة، وجاء بطريق التضمين والإشارة في أكثر من هذا. وذلك في آيات البيع والشراء والزراعة والصناعة وتحريم الإسراف والتقتير والكنز والربا وتطفيف الكيل والميزان، وآيات الزواج والطلاق والمواريث والحدود والكفارات. وتحدثت السنّة النبوية عن المال والاقتصاد كما تحدث القرآن، وأوضح حديث القرآن والسنة جملة من الحقائق التي تلقي أضواء على نظرة الإسلام إلى المال، والدعائم التي يقوم عليها النظام الاقتصادي في الإسلام.
    إن ملكية المال التي هي محور النشاط الاقتصادي في كل مجتمع هي في الأصل لله، فالمال مال الله والناس مستخلفون فيه.
    وحقيقة أن المال مال الله يحول بين الناس والبطر بما في أيديهم من الأموال، أو التجاوز بها حدود ما فرض الله سواء في كسبها أو الإنفاق منها.
    أما نسبة المال في بعض آيات القرآن إلى الناس فإنها نسبة تبعية وليست حقيقية فهي تدل على أن الناس ملكوا الانتفاع به بكل ما يقتضيه هذا الحق من التصرف والاستهلاك والاستثمار.
    هذه الحقيقة تنبّه إليها بعض علماء الاقتصاد، إذ قرروا أن الناس لا يوجدون الثروات، وإنما يخلقها الله تعالى، وما عمل الإنسان فيها إلا عمل ظاهري شكلي، يتناول معالجة الأشياء حتى تصير صالحة لنفع الناس.
    إن ملكية الله للمال هي الملكية الأصلية، قال تعالى: { وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } (33) [النور]. وملكية البشر للمال هي الملكية التبعية، قال عزَّ وجلَّ: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (19) [الذاريات].
    وما دام المال مال الله والخلق كلهم عيال الله فهم جميعاً سواء في فرص الحصول على هذا المال والانتفاع به واستثماره.
    ولذا، دعا الإسلام الناس لحيازة المال وتملكه عن طريق العمل المشروع والكسب الحلال، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } (15) [الملك]. وقال عزّض وجلَّ: { هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا } (61) [هود]. أي أمركم بعمارتها بالزراعة والغراس والأبنية ودراسة التربة والمعادن وكل ما يهيئ للناس أقوم السبل لعمارة الأرض.
    إن المال في الإسلام لا يلد مالاً، وإنما يحصل الإنسان على المال عن طريق الجهد البشري وهو العمل، أو عن طريق توظيف المال في أي مشروع إنتاجي على أن يتقاسم المال الربحي صاحب المال ومن عمل فيه، ربحاً أو خسارة وفق الشروط والقواعد الفقهية المقررة في ذلك شرعاً للمتعاملين.
    إن الإسلام يدعو إلى أن يكون المال في أيدي الناس وسيلة للخير والتراحم والتعاون. ومن هنا، حرّم كل معاملة تؤدي إلى أكل المال بالباطل كالسرقة والغصب والربا الذي يمثِّل أبشع صور الكسب الخبيث والذي يمزق روابط الإخاء والمودة بين الناس، وينتهي بالأمم والأفراد إلى حياة الفاقة والحرمان والضياع.
    ولأن المال في الإسلام وسيلة للحياة وليس غاية في ذاته، وجب أن يوضع في موضعه الصحيح فإذا وضع المال في غير ما خُلق له وتجاوز الإنسان به حدود الانتفاع المشروع أدّى ذلك إلى الترف وانحلال الأخلاق.
    إن الترف إشباع مفرط للحاجات والشهوات ولن يكون الإفراط في استهلاك المال إلا على حساب الآخرين، فعلى قدر ما ينعم المترفون يتضور سواهم جوعاً ومسغبة، وقد ورد عن معاوية رضي الله عنه قوله: "كل سرف فبإزائه حق مضيّع"، وورد عن عليّ كرم الله وجهه قوله: "ما جاع فقير إلا بما متع غني".
    إن الترف يفسد الأخلاق ويضيّع الأموال ويمزق الروابط الاجتماعية، قال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (16) [الإسراء].
    إن الأمة إذا تعرضت لمشكلات اجتماعية لا سبيل إلى علاجها بغير المال، فإن الملكية الفردية ملزمة بالبذل والإنفاق، حتى تتغلب الأمة على تلك المشكلات وتضع لها الحل الأمثل حتى لا تتكرر.
    ولذا، فإن النهي الشديد عن الإسراف والتبذير الهدف الرئيس منه حماية الأخلاق من الفساد، وحماية الثروة من الضياع وحماية النشاط الاقتصادي من الركود، وحماية الإنتاج المادي من الضعف أو التخلف.
    يقول د. محمد الدسوقي في كتابه "دعائم العقيدة في الإسلام" والإسلام في تحريمه للإسراف والتقتير ذم الشح والبخل وحذر من الاحتكار والكنز، ونهى عن تعطيل المال ووقف حركته ونموه، وذلك كله حماية للمال من إساءة التصرف، فيه والإنفاق منه أو حبسه عن التداول في المجتمع.
    إن التبذير والإسراف يبدد الثروة، والكنز وما جرى مجراه يعطِّل المال عن التداول والحركة، وفي هذا وذاك ضرر بالمصلحة والمجتمع، وفي كلتا الحالتين تتعرض الحياة الاقتصادية لما يعوق نموها وتقدمها. فتتعرض الأمة من ثم لمختلف الأضرار والأخطار ولذلك كان تحريم الإسراف والكنز وما إليهما حماية للمال ممن تملكه وحازه، ودعامة للاقتصاد بحيث لا يضطرب فيحيد عن الاعتدال والقوام.
    وهكذا يقف الإسلام بمبادئه وتعاليمه، حارساً للمال، لأنه عصب الحياة، يدفع عنه المستهترين والغاصبين، والذين لا يقدِّرونه قدره، ويضعونه في غير مواضعه، وكذلك الذين يستعبدهم المال فيطغيهم ويحملهم على انتهاك المحرمات وإتيان المنكرات ليظل المال وسيلة للحياة، وسيلة لخير الإنسان وسعادته في الدارين.
    وبعد، فتلك أهم دعائم المال والاقتصاد في الإسلام، ويبدو منها أن النظام الاقتصادي في الإسلام نظام فريد في نوعه، عريق في تاريخه أصيل في ذاته، مستقل في تعاليمه، نسيج وحده.
    وختاماً نؤكد أن الإسلام لا يحرِّم الطيبات ولا يبغض ما خلق الله من متاع، ولكنه يحذِّر من تجاوز القصد والاعتدال، إذ ينهى عن التبذير والإسراف كما ينهى عن البخل والتقتير، ليكون التوسط هو المنهج المتبع في حياة المسلم.



    * عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عضو الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي، عضو الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، عضو جمعية الاقتصاد السعودية

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية هادي

    المنتديات الإسلامية
    تاريخ التسجيل
    12 2005
    المشاركات
    5,810

    رد: دعائم الاقتصاد في الإسلام

    جزاك الله خيرا أخي عبد ربه وبارك الله فيك


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية عبدربه
    تاريخ التسجيل
    02 2008
    المشاركات
    3,500

    رد: دعائم الاقتصاد في الإسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اليتيم 1 مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا أخي عبد ربه وبارك الله فيك
    أشكرك اخي الفاضل على مرورك

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •