(80) تنبيها لكل حاج ومعتمر
د. يوسف بن عبدالله الأحمد
24/10/1429
23/10/2008
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعــد:
فقد لحظت ولحظ غيري من طلاب العلم كثرة أسئلة الناس وإشكالتهم في الحج والعمرة ، وتكثر كذلك المخالفات الشرعية في أدائهم للنسك أو أثناء بقائهم في مكة ، فرأيت من المناسب إعداد هذا الموضوع ليتضمن الإجابة على ما أمكن من أسئلة الحجاج والمعتمرين المتكررة ، وكذلك التنبيه على كثير من الأخطاء والمخالفات الشرعية التي يقع فيها بعضهم ، مع ذكر بعض الطرق والوسائل للدعاة وأهل الخير في كيفية الاحتساب عليها ، ويمكن أن آتي عليها في النقاط الآتية:
(1)قال تعالى: "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ " [البقرة: 197] .(
الرفث: هو الجماع ودواعيه.
والفسوق: هو المعصيـة .
والجدال: هو الجدال بالباطـل، أو الجدال الـذي لا فائدة فيه، أو الـذي ضرره أكثر من نفعه).
وعن أبي هريرة _ رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه". متفق عليه.
وعنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال :" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " .متفق عليه.
فاحذر أخي الحاج والمعتمر أن تقع في المعصية كبيرةً كانت أو صغيرة؛ كتأخير الصلاة عن وقتها، والغيبة، والنميمة، والسب والشتم، وسماع الغناء، وحلق اللحية، والإسبال، والتدخين، والنظر إلى الحرام في الشارع والتلفاز، وعلى المرأة تغطية جميع بدنها بالحجاب الشرعي والبعد عن التبرج.
ومع كثرة الناس وشدة الزحام والتعب قد يبتلى الإنسان بالجدال المنهي عنه في الحج؛ مع رجل المرور أو سائق الحافلة، أو في زحام الطواف والجمرات. فاحذر من استدراج الشيطان وحبائله، وكن حليماً، صابرا، معرضاً عن الجاهلين، لا يخرج من لسانك إلا الكلمة الطيبة.
(2) يعتقد بعض الناس أن ثوب المرأة للإحرام محدد باللون الأخضر أو الأسود أو الأبيض ؛ وهذا غير صحيح ؛ فإنه لم يثبت في تحديد لون الثوب شيء .
(3) يجوز للمرأة لبس شراب القدم ؛ لأنه ليس من محظورات الإحرام ، بل يجب عليها إذا كانت تنكشف قدمها بدونه أمام الرجال الأجانب .
(4) التلفظ بالنية كأن يقول : ( اللهم إني أريد ، أو نويت نسك كذا فيسره لي ) غير مشروع ، والمشروع أن يلبي بنسكه فيقول : لبيك عمرة أو لبيك حجاً .
(5) يجوز للمحرم أن يستعمل الصابون ، ووسائل النظافة الأخرى ، والمرهم ؛ لأنها ليست من محظورات الإحرام ، بشرط : ألا تكون معطرة .
(6) يجوز للمحرم أيضاً أن يستعمل السواك و فرشاة و معجون الأسنان . أما النكهة الطيبة التي تصاحب معجون الأسنان كرائحة النعناع مثلاً فلا تضر ؛ لأنها ليست طيباً .
(7) محظورات الإحرام .
1- إزالـة الشعـر.
2- تقليم الأظافر.
3- استعمال الطيب.
4- قتل الصيد (البري أما البحري فجائز).
5- لبس المخيط (على الرجال دون النساء). والمخيط هو المفصَّل على البدن كالثوب والفانيلة والسراويل والقميص والبنطلون والقفاز والجوارب. أما ما فية خياطة ولم يكن مفصلاً فلا يضر المحرم؛ كالحزام أو الساعة أو الحذاء الذي فيه خيوط.
6- تغطية الرأس أو الوجه بملاصق (على الرجال) كالطاقية والغترة والعمامة والقبعة وما شابه ذلك، ويجوز الاستظلال بالشمسية والخيمة والسيارة، ويجوز حمل المتاع على الرأس إذا لم يقصد به التغطية.
7- لبس النقاب والقفازين (على المرأة)، فإذا كانت أمام رجال أجانب وجب ستر الوجه واليدين بغير النقاب والقفاز، كسدل الخمار على الوجه وإدخال اليدين في العباءة.
8 - عقد النكاح .
9 - الجمــاع .
10 - المباشرة لشهوة.
11-إنزال المني باستمناء أو مباشرة.
(8) فاعل المحظور له ثلاث حالات:
أ- أن يفعل المحظور بلا عذر؛ فهو آثم وعليه الفدية.
ب- أن يفعل المحظور لحاجة، كحلق الرأس لمرض؛ ففعل المحظور جائز وعليه الفدية.
ج- أن يفعل المحظور وهو معذور بنوم أو نسيان أو جهل أو إكراه؛ فلا إثم عليه ولا فدية.
والمحظور إذا كان إزالة شعر، أو تقليم أظافر، أو استعمال طيب، أو مباشرة لشهوة، أو لبس الرجل للمخيط أو تغطية رأسه، أو لبس المرأة للنقاب أو القفاز؛ ففديته بين ثلاثة أشياء، يختار فاعل المحظور واحداً منها. وهي:
1 - ذبح شاة (يوزعها على الفقراء ولا يأكل منها شيئاً).
2- إطعام ستـة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام ( ونصف الصاع كيلو ونصف من الأرز تقريباً ).
3- صيام ثلاثة أيام.
ويستثنى مما تقدم: المحظورات الآتية:
1- عقد النكاح؛ فإنه محرم ولا فدية فيه.
2- قتـل الصيد؛ فهو محرم و فيه الجزاء إذا قتله متعمداً .
3- الجماع (وهو أعظم المحظورات) فإن جامع متعمداً قبل التحلل الأول ترتب عليه خمسة أمور:
1- الإثم .
2- فساد الحج.
3- وجوب إكمال الحج.
4- وجوب قضاء الحج من العام القادم.
5 - وجوب الفدية ؛ وهي: بدنة تذبح في القضاء .
(9) أنواع نسك الحج ثلاثة : تمتع، وقران، وإفراد. وأفضلها التمتع لأمر النبي – صلى الله عليه وسلم - به. وهو أن يحرم بالعمـرة وحدهـا في أشهر الحج(1)، وبعد الانتهاء منها يحرم بالحج يوم التروية.
والإفراد: أن يحرم بالحج فقط؛ فإذا وصل إلى مكة طاف طواف القدوم، ويشرع له أن يسعى سعي الحج بعد طواف القدوم.
والقران : أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً، وعمل القارن كالمفرد إلا في أمرين:
1- النية؛ فالمفرد ينوي الحج فقط، والقارن ينوي العمرة والحج.
2- الهدي؛ فالقارن يلزمه هدي والمفرد لا يلزمه.
(10) التلبية الجماعية بصوت واحد - التي يفعلها بعض الحجاج - بدعة، لم تثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم - ، ولا عن أحد من أصحابه. والصواب أن يلبي كل معتمر بصوت منفرد .
(11)لا يلـزم أن يستمر المحرم ( رجـلاً كـان أو امـرأة ) في الثوب الذي أحرم فيـه طيلة النسك، بل يجوز أن يغيره مـتى شـاء ، ويجوز له أن يغتسل للتنظف ؛ لأن ذلك ليس من محظورات الإحرام .
(12) يجوز للمرأة أن تمشط شعرها ، وأن تحك بدنها ؛ بشرط أن لا تتعمد إزالة الشعر . لقول أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - : " كنّا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام" . أثر صحيح أخرجه الحاكم وغيره.
(13) القادمون للعمرة بالطائرة إلى جدة : الواجب عليهم أن يحرموا في الطائرة إذا حاذوا الميقات . وإذا رغب القادم للعمرة أن يمكث في جدة يوماً أو يومين ثم ينزل إلى مكة ، فالأفضل في حقه أن يبادر بالعمرة ثم يرجع إلى جدة ، فإن لم يفعل مكث في جدة بإحرامه فإذا انتهى من عمله أكمل عمرته ، أو أنه لا يحرم أصلا فإذا انتهى من عمله في جدة رجع إلى الميقات فأحرم منه .
(14)من سافر إلى جدة وهو لم يرد العمرة ، أو كان متردداً في العمرة ، ثم عزم على العمرة وهو في جدة : أحرم من جدة لأنه لم يعزم على العمرة إلا منها ، فأصبح حكمه حكم أهل جدة ، وأهل جدة يحرمون منها لأنهم دون المواقيت كما ثبت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : وقت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشأم الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها". أخرجه البخاري ومسلم .
(15) من فعل محظوراً من محظورات الإحرام وهو ناسٍ أو جاهل فلا شيء عليه، لقوله تعالى: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" [البقرة:286ٍ] قال ابن عباس: "لما نزلت هذه الآية، قال الله: قد فعلت". أخرجه مسلم .
(16)على المعتمر أن يحرص على ستر عورته ؛ فإن بعض الرجال قد تنكشف عورته أمام الآخرين أثناء الجلوس أو النوم وهو لا يشعر. وأشد من ذلك تساهل بعض النساء بالنوم في الأماكن العامة فيراهن الرجال .
(17)الطهارة شرط لصحة الطواف عند جماهير أهل العلم . بخلاف السعي فلا تشترط له الطهارة ، فمن سعى على غير طهارة ، فسعيه صحيح ، ولا شيء عليه .
(18) إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف، أو حضرت صلاة جنازة ؛ فصلِّ معهم ثم أكمل الطواف من حيث توقفـت. ولا تنس تغطية العاتقين أثناء الصلاة ؛ فإن تغطيتهما في الصلاة واجبة.
(19) إذا احتجت للجلوس قليلاً ، أو لشرب ماء ، أو للانتقال من الدور الأرضي إلى الدور العلوي، أو العكس أثناء الطواف فلا حرج.
(20) إذا شككت في عدد الأشواط فتحرَّ الصواب ؛ فإن غلب على ظنك شيء فاعمل به ، وإن لم يغلب على ظنك شيء فابن على اليقين : وهو الأقل ؛ فإذا شككت هل طفت ثلاثة أشواط أو أربعة فاجعلها ثلاثة .