طرق وعرة وأمطار وسيول تهدد أرواحهم ... «جازان»: مئات المعلمين يجازفون بحياتهم «يومياً» للوصول إلى مدارسهم
جازان - ناصر فلوس الحياة - 12/12/08//
يجازف معلمو ومعلمات المدارس في منطقة جازان بأرواحهم يومياً، أثناء التنقل من وإلى مدارسهم المتناثرة داخل حدود المنطقة ذات التضاريس المتنوعة والوعرة، خصوصاً في أيام الأمطار والسيول.
وفي الوقت الذي يمثل أبناء المحافظات التهامية (جازان وأبوعريش وصبيا وصامطة وأحد المسارحة وبيش والعارضة) الغالبية العظمى من المعلمين في مدارس المنطقة ككل، متجهين إلى مدارسهم في أعالي الجبال وعلى حفاف الأودية وبطونها، يشكل المناخ الأشبه بالاستوائي للمنطقة، بأمطاره الموسمية التي لا تنقطع إلا في فترات قصيرة طوال العام، خطراً حقيقياً يهددهم، قد يوصف بـ«القاتل» عند جريان السيول. ويذكر مدير مركز إشراف محافظة العارضة مفرح الجابري أن عدد مدارس القطاع الجبلي التابعة للمركز تبلغ 23 مدرسة يعمل بها حوالى 250 معلماً، ويقول: «في الأيام العادية لا تشهد المدارس تغيباً، لكن حين هطول أمطار غزيرة، تسيل الأودية على إثرها، فإن معلمي مدارس الجبال وعددها ست يعجزون عن الوصول إلى مدارسهم.
يقول المعلم محمد يحيى: «أسكن في إحدى قرى محافظة أبوعريش، وأعمل معلماً بمدرسة الكروس التابعة لإشراف العارضة (65 كيلومتراً شرق جازان) التي تقع في أعلى قمة جبل سلا، وهي عبارة عن مجمع مستأجر للمراحل التعليمية الثلاث».
ويضيف: «الطريق إلى المدرسة خطر جداً، لدرجة أننا لا نستطيع الوصول للمدرسة بسياراتنا الخاصة، فأقوم أنا وسبعة من زملائي الآخرين بإيقاف سياراتنا أسفل الجبل، ونركب في سيارة دفع رباعي استأجرناها بغرض طلوع الجبل»، ويتابع: «نعجز في أوقات هطول الأمطار الغزيرة عن الوصول للمدرسة، وهو ما يضطرنا إلى العودة مباشرة إلى مركز إشراف العارضة لتسجيل معروض بما حدث، والتوقيع في المركز، وهكذا يتكرر الوضع مع كل موجة مطر، ونضع أيدينا على قلوبنا في رحلة الذهاب والعودة اليومية خشية السقوط أو العجز عن العودة لتلف الطريق بعد الوصول. أما المعلم خالد الحربي الذي يعمل في مدرسة القرعة الواقعة على قمة جبل سلا منذ ثمانية أعوام، فيقول: «شهدت الأعوام الثمانية حوادث عدة، منها انقلاب أحد زملائي في الطريق بعد مغامرته بالذهاب بسيارته لظرف طارئ، وانقلاب سيارة أخرى لمعلمات يقصدن الجبل بشكل يومي وتعطلت سيارتهن بشكل مستمر».
وحكى محمد أبودوشة (مشرف تربوي بإشراف العارضة) معاناتهم: «نجد نحن المشرفون صعوبات كبيرة في الوصول إلى مدارس الجبل، وأذكر أن الطريق أوقفنا في إحدى الزيارات بسبب سقوط صخرة هائلة منعت الذهاب والعودة لأكثر من 24 ساعة، علماً أن هناك سيارات خاصة بسائقيها يتكفلون بنقل المشرفين للمدارس في الزيارات الاعتيادية.
ويذكر مصدر في إدارة تعليم صبيا لـ«الحياة» أن عدد المدارس الجبلية التابعة لصبيا 115 مدرسة يعمل بها حوالى 500 معلم.
يذكر أن بعض أسماء الجبال في منطقة جازان توحي بالصعاب التي قد تواجه من يحاول صعودها، من أشهرها «الحشر» و«القهر».