عميد كلية أصول الدين بجامعة الإمام د.فهد الفهيد:الدعايات السيئة .. باعدت بين العلماء وطلاب العلم
* التوسع في التعليم الشرعي أمر ضروري للمجتمع المسلم
* انصراف بعض الطلاب عن حلقات العِلم الشرعي نتائجه سيئة
* دعاة الاتجاه نحو الكتب الفكرية أشبه بحال الدعاة إلى البدعة
* التحصن بالضوابط الشرعية والأحكام الفقهية يقي من التأثر بالكتب والنظريات التنظيرية
* جامعة الإمام محمد بن سعود انتهجت طريق إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
لقاء- فوزية المحمد:
الدكتور فهد بن سليمان الفهيد، عميد كلية أصول الدين ما يكون أحياناً من اختلاف بين العلماء في بعض الأمور الفرعية فهو خلاف سائغ مشروع
* وصيتي لنفسي ولإخواني الحرص على تحقيق التقوى في السر والعلانية
* الحذر من أصحاب الأفكار المنحرفة ولزوم جماعة المسلمين وإمامهمدين، أحد الباحثين والعلماء في مجال العلوم الشرعية السيرة الذاتية للدكتور
فهد بن سليمان الفهيد
* من مواليد 9/7/1931هـ
* حصل على شهادة البكالوريوس من كلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم عام 2141هـ بتقدير ممتاز.
* عُين معيداً بكلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم.
* نُقل للعمل معيداً بكلية أصول الدين بالرياض بتاريخ 52/2/5141هـ.
* حصل على الماجستير في العقيدة والمذاهب المعاصرة في 1/7/8141هـ بتقدير ممتاز
عنوان الرسالة في الماجستير: (دراسة مسائل العقيدة في سنن الترمذي - القسم الأول)
* عين محاضراً في تاريخ 61/01/9141هـ.
* حصل على الدكتوراه بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة في 72/01/3241هـ عنوان رسالة الدكتوراه: (كتاب خلق أفعال العباد والرد على الجهمية وأصحاب التعطيل للإمام محمد بن إسماعيل البخاري - دراسة وتحقيقاً -)
* تم تكليفه بوكالة قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة في 62/4/2241هـ وإلى 21/01/4241هـ.
* عين على درجة أستاذ مساعد في تاريخ 11/3/4241هـ.
* كلف برئاسة قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة في 11/8/5241هـ.
* عين وكيلاً لكلية الدراسات العليا في 31/01/4241هـ.
* عين عميداً لكلية أصول الدين بتاريخ 52/9/8241هـ.ومسائل العقيدة، وله باع طويل في مجال الدراسات والتحقيق.. التقيناه ليحدثنا حول المستوى التعليمي لدى الطلاب، خصوصاً في المجال الشرعي، ومدى حرص الطلاب على تلقي العلوم الشرعية في عصر تدفق المعلومات وكثرة مصادرها، وكان لنا معه الحوار التالي:
تفاوت القرارات
* كيف ينظر فضيلتكم للمستوى التعليمي لدى الطلاب وبخاصة الشرعي منه؟ وهل ترون أن التوسع في التعليم الشرعي يُعد ظاهرة صحية أم لا.. ولماذا؟
- بخصوص المستوى التعليمي لدى الطلاب، وخاصة الشرعي منه، فالملاحظ أن مستوى الطلاب التعليمي والتحصيلي يتفاوت من طالب لآخر، وذلك بحسب تفاوت الطلاب في مداركهم وقدراتهم التحصيلية، واجتهادهم في تحصيل العلم، وهذا الأمر ينطبق على التعليم الشرعي كما ينطبق على غيره. وأما التوسع في التعليم الشرعي فهو أمر ضروري لا غنى للمجتمع المسلم عنه، إذ لا قيام للدين إلا بالعلم والعلماء الداعين إلى الصراط المستقيم. وحين يُقارن بين حال التعليم الشرعي - في القرون المتأخرة - قبل قيام هذه الدولة المباركة وبعد قيامها، نجد أنه قبل قيام الدولة السعودية، وقبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله -، كان الجهل منتشراً مخيّماً على البلد، والبدع والخرافات والشركيات متفشية وقلّما يوجد من يطلب العلم الشرعي ويعلِّم الناس أمر دينهم، ولما قامت هذه الدولة المباركة، بدأت تتوسع في نشر العلم الشرعي بوسائل عديدة، منها نشر الكتب الشرعية، وإقامة الدروس وحلقات العلم الشرعي، وبعث الدعاة في أنحاء البلاد، وإنشاء المعاهد والمدارس والكليات الشرعية، وتوجهت هذه الجهود بإنشاء الجامعات الشرعية، كالجامعة الإسلامية بالمدينة، وجامعة أم القرى بمكة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض. فجزى الله القائمين على هذا الأمر خير الجزاء.
العزوف عن الدروس
* لأي شيء يعزو فضيلتكم انصراف طلاب العلم عن حلقات العلم الشرعي والدراسة على أيدي العلماء؟ وماذا يترتب على هذا الانصراف؟
- الذي يبدو - والله أعلم - أن انصراف بعض طلاب العلم - وهم قلة ولله الحمد - عن حلقات العلم الشرعي والدراسة على أيدي العلماء، يرجع إلى أسباب عدة منها: قلة الصبر عند بعض طلاب العلم؛ فلم يصبروا على بذل الوقت والعمر في الطلب، وكذلك الدعاية السيئة ضد العلماء الربانيين وجعلهم في صورة من لا يفقه شيئاً من أمور العصر وأنهم علماء طهارة وحيض ونفاس دون باقي الأمور، مما أثر سلباً على بعض الناس وصرفهم عن الحق، وكذلك وجود طائفة ممن يحاول كسب عواطف الشباب عن طريق التركيز على موضوعات معينة، سياسية أو عالمية مثلاً، ويسعون لتشويه صورة كثير من العلماء، ويحطون من منزلتهم ومكانتهم. وهذه ظاهرة سيئة جداً قد يترتب عليها انتشار الجهل بين هؤلاء الشباب أصحاب الحماسة والعاطفة الدينية مع الجهل بالضوابط الشرعية، فتكون النتيجة ظهور الأفكار المنحرفة، وسهولة انقياد هؤلاء الشباب لأصحاب الفكر الضال، فيقع في المجتمع شر مستطير، وفساد لا يعلمه إلا الله تعالى. وهذا أسوأ نتيجة للرغبة عن مجالس العلماء وحلقات العلم الشرعي.
"القراءات الفكرية"
* اتجه بعض طلاب العلم لقراءة الكتب الفكرية والتنظيرية مما أوجد فئة من الطلاب غير مؤهلين تأهيلاً شرعياً صحيحاً. ما أثر هذه القراءات على هؤلاء الشباب وعلى الساحة العلمية عامة؟
- من المعلوم المشاهد أن فئة من الطلاب غير المؤهلين تأهيلاً شرعياً صحيحاً قد اتجهوا لقراءة الكتب الفكرية التي ألفها من يُسَمَّون بالمفكرين، وهم لم ينالوا قسطاً كافياً من العلم الشرعي وربما كان بعضهم يدعو لأهواء حزبية، أو يروّج لجماعات وتيارات فكرية مختلفة ولهم مآرب ومقاصد يخفونها. وقد انشغل بهذه الكتب بعض الشباب، وربما كان للوضع العالمي فيما يتعلق بقضايا المسلمين أثر في إقبال طائفة من الشباب على هذه الكتب، مع وجود من يرغبهم فيها ويحثهم على جعلها قواعد لهم في الحياة والسلوك، وهذا يشبه حال الدعاة إلى البدعة تماماً، ومكمن الخطورة أن عامة هؤلاء الشباب ليس عندهم إلمام بالضوابط الشرعية، والأحكام الفقهية، لذا فقد يتأثرون سريعاً بتلك الكتب والنظريات، فيكون ذلك سبباً في انتشار الغلو أو الجفاء وتضييع أمور الإسلام، ونشر التحزبات، وتأجيج الحقد على المجتمع المسلم وعلى العلماء، وعلى ولاة الأمر، وشق جماعات المسلمين، وحدوث فوضى علمية ضارة.
* ما دور الكلية في إحياء تراث شيخي الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب ونشر علمهما وتحقيق مؤلفاتهما من خلال الأطروحات العلمية؟
- إن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية نشأت على أساس شرعي سليم، وانتهجت علمياً النهج الذي سار عليه إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، والذي خطا فيه على خُطى شيخ الإسلام ابن تيمية وأئمة السنّة قبله وبعده، وهو المنهج الذي دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد اهتمت الجامعة بنشر التراث العلمي السلفي لأئمة الإسلام والسنّة، وعنيت بمؤلفات علماء السلف الصالح ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، فنشرت من كتبه (منهاج السنّة النبوية) وكتاب (الاستقامة) وكتاب (درء تعارض العقل والنقل) كما نشرت (مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب) وكلية أصول الدين بتخصصاتها في الدراسات العليا، وكذلك في المراحل الجامعية اهتمت بذات الموضوع فنُشرت فيها وقُدِّمت إليها أطروحات عديدة - بل كثيرة - حول عقائد علماء السلفية ومنهم ابن تيمية وابن عبدالوهاب، ومن هذه الأطروحات (منهج الشيخ محمد بن عبدالوهاب في التكفير) و(دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب) و(دعاوى المناوئين لابن تيمية) و(الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) و(تحقيق شرح حديث النزول) و(تحقيق الحموية) و(تحقيق التسعينية) و(الرد على المتفلسفة) بابن تيمية. وغير ذلك من الأطروحات العلمية الكثيرة، سواءً من خلال الجامعة بوجه عام أو الكلية بوجه خاص.
* يشكو بعض الطلاب من عدم إتاحة الفرص أمامهم لمواصلة الدراسات العليا في الكلية وأن القبول دون المأمول، ما تعليق فضيلتكم؟
- القبول في الدراسات العليا بالكلية وغيرها من كليات الجامعة له قنواته المعروفة، والتي تنظم هذا الأمر، وذلك من خلال لائحة نظام الدراسات العليا، وقواعدها التنفيذية، والتقديم يكون عن طريق عمادة الدراسات العليا في الجامعة في مواعيد محددة، وبعد إجراء المقابلات والاختبارات التحريرية ونحو ذلك، وربما يحتاج القبول في بعض الحالات إلى موافقة مجالس الأقسام العلمية وتعمل الكلية حسب ما تنص عليه اللوائح المنظمة لهذا، وأعداد المتقدمين للدراسات العليا كبيرة، وقد تكون هناك بعض المعوقات من جهة عمل الموظف، أو مرجعه الوظيفي، أو نحو ذلك. ومعالي الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل مدير الجامعة حريص كل الحرص على معالجة أي صعوبات في هذا الخصوص، وتسهيل قبول أكبر عدد ممكن من الطلاب والطالبات.
السلفية الحقة
* كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن السلفية مما أوجد تعددية سلفية على الساحة، ما سبب هذا التعدد من وجهة نظركم وكيف يمكن توضيح ذلك للعامة والخاصة؟
- السلفية كلمة تعني الدين الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم بإحسان عبر القرون، وحتى زماننا الحالي كالعلماء الربانيين أمثال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبدالرحمن السعدي، والشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، وغيرهم من علماء ودعاة المنهج السلفي في الداخل والخارج، رحم الله تعالى الميت منهم وحفظ الله الحي منهم وثبتنا جميعاً على صراطه المستقيم. وماتسمُّونه التعددية السلفية مردُّه إلى تمسُّح أصحاب كل اتجاه بالمنهج السلفي، ومحاولة نسبة أنفسهم إليه، وهم على خلاف المنهج السلفي الصحيح. والأمر في ذلك كما قال الشاعر:
وكلٌّ يدعي وصلاً لليلى
وليلى لا تقر لهم بذاكا
والذي أقوله للعامة والخاصة إن كل مدعٍ ومنتسب للسلفية يُنظر في منهجه، فإن كان آخذاً بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم بإحسان من العلماء الربانيين حتى يومنا هذا، فهو سلفي حقيقي، وإلا فهو (ضال أو مخطئ)، وأما ما يكون أحياناً من اختلاف بين العلماء في بعض الأمور الفرعية، فهذا مما وُجد على مدار القرون، ولا يقدح سلفيتهم، بل هو خلاف سائغ مشروع، وهم متفقون ولله الحمد والمنّة في كافة مسائل الاعتقاد، وأصول الدين لا يختلفون فيها، ومما يجدر التنبيه إليه أن بعض الاتجاهات المخالفة لمنهج السلف ممن انتهجوا نهج الخوارج وغيرهم قد نسبوا أنفسهم للسلفية زوراً وبهتاناً مما أدى إلى تشويه صورة السلفية، وإلصاق تهمة الإرهاب والتكفير بها، وهي من ذلك براء ولله الحمد. فهذا أمر ينبغي أن يكون معلوماً للعامة والخاصة.
* كلمة تختتمون بها اللقاء؟
- وصيتي لنفسي ولإخواني المسلمين الحرص على تحقيق تقوى الله عزَّ وجلّ، في السر والعلانية، والاعتصام بحبل الله جميعاً، والأخذ بالدين على النهج الصحيح الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم بإحسان، والحرص على طلب العلم الشرعي الصحيح، من مظانه المعتبرة، ومن أهله الموثوقين والحذر من أصحاب الأفكار الضالة المنحرفة، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم، والنصح لهم، وعدم شق عصاهم ووحدتهم، والتصدي لكل من يحاول نشر أفكار ضالة مخالفة، والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، والتخلُّق بكريم الأخلاق والخصال، حتى يكون كل مسلم داعياً إلى الله تعالى بقوله وخُلقه.