لازلت أتفكّر في أحوال القلوب وطبيعتها, ومازلت أكتشف المزيد والمزيد !
إن الإنسان لا يملك قلبه حقا, فلا يملك القلوب إلا رب القلوب، فهو وحده يقلبها كيف يشاء, فليحذر الإنسان أن يشغل قلبه ويعرّضه لما لا طاقة له به،،
والسعادة هى سعادة القلب, وكذا العذاب, فعذاب القلب أقسى ما يكون, نسأل الله سلامة قلوبنا،،
إذن القلب سلطان, فهو يأمر والكل له مطيـــع, فإن أمر السَّمْع سَمِعْ, وإن أمر البَصَر رأى, وإن أمر بالحب, فالكل للحب يهــوى !!!
لذا فأمراض القلب كلها تعود إلى قسمين وهما:
( الشهوات والشبهات ),
فالشبهات/ تُعمي القلب عن الحق ومعرفته,
والشهوات/ تأخذك إلى غير الحق ولو كنت عالمًا به ..
أما القلوب وما أدراك ما القلوب فهي ثلاثة :
قلب حى
وقلب ميــت
وقلب مريـض
فأما الحي: فهو قلب خالي من الشهوات والشبهات والصغائر والكبائر, يرقب الله فى كل حركة أو سكـــون.
وأما الميت: فهو ضد الحي, تراه مليئًا بالشهوات والشبهات, فلا هو محسن لعقيدة يعتنقها ولا محسن لفعل يعمله.
وأما المريض: فهو قلب به مادتان, مادة الحياة, وأقصد حياة القلوب, وهو ذكر الله تعالى ومحبته،
ومادة الشهوات والرغبة إليها, فهو ينازع بين هذا وذاك.
وإن أقسى ما يواجه القلب هو (الهـــوى), فهو داء القلوب الأعظـــم, لأن غالب الأمراض تنقسم بين القلب وسائر الأعضاء إلا الهــوى, فإن مكمنه ومنبعه الأصيـــل هو القلب، وإن فى قهر الهوى عِزَّة ما بعدها عِزَّة, فمن قهر هواه هو العزيــز حقـــا, أفلا ترى من قهره هواه ذليلا منكســرا, فالعكس بالعكس يكون الأمـــر،،
والهوى لا يُقهــر إلا بشــيء واحد, وهو الإيمان بالله تعالى وصدق التوكل عليــه, فهذا هو العلاج ولا علاج غيـــره, فمن أصابه الداء فعليه بالــدواء،،
والقلب السعيد حقا هو من يوافق هواه حاله وتقواه، فإذا اتفق هوى القلب مع مرضاة الرب فذلك كل الخيـــر،،
وإن أحوال القلب مختلفة، فحاله عند سماع الموعظة غير حاله عن إدبارها، فأثناء الموعظة ترى قلبا حيا كريمــا, وبعدها تسرقه الدنيــا, وعلى هذا الأصل يختلف الناس فى قوة الإيمـــان، فالقوة إنما هي قوة القلب, وليست قوة الأبدان, فترى أحدهم في أوج قوته, ولكن إذا عرض لقلبه أمر خطير أو صادم, كان ذاك هادما لبدنه كلـــه, كما أنَّ للقلب تأثير كبير على العقل, وهذه حقيقة نطق بها الشرع, وأدّى إليها التفكيــر السليم،،
قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا .. الآية} . سورة الحج.
أي يعتبرون بها ،،
وكذا الأمر بالنسبة للنظر إنما هو نظر القلــب, فمن أحب أحدا ووقع هواه فى قلبه رآه في أحسن صورة ولو كان أبشــع الناس, ومن كره أحدا رآه فى أسوأ صــورة ولو كان أجمل النــاس, ولذلك قال تعالى: {فَإِنَّهَا لاتَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ( 46 ) } سورة الحج.
فنفى جل وعلا العمى عن البصر ونسبه إلى القلــب،،
" نسأل الله السلامة "
" والعفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة "