الغرب ضد مبادئه .. الغرب ضد شعوبه!!
لا خلاف في أن ما يجري في قطاع غزة على يد جيش الاحتلال الصهيوني هو حرب إبادة أو محرقة ليس لها مثيل في تاريخ الإنسانية.
وهذا ليس وصفاً بلاغياً، بل هو وقائع تجري تحت سمع العالم وبصره، وإن كان قادة هذا العالم قد انتقلوا من التظاهر بالصمم والعمى أمام سياسة الأرض المحروقة-وهي متأصلة في الفكر والممارسة العبريين - ،إلى التأييد المطلق للجزار الدموي وتسمية جرائمه المخيفة بأنها "دفاع عن النفس"!!! مع أنها عدوان لم يقع مثله إلا في عصور الغرب الوسطى المظلمة.
فكيف استطاع هؤلاء أن يمارسوا هذا التزوير المفضوح على الملأ، حيث يغزو جيش مدجج بأعتى أسلحة التدمير وأحدثها، منطقة يحاصرها منذ سنوات ويمنع عنها الدواء والغذاء، ثم يفتك الوحش بنحو ألف شخص أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، ولا تنجو من همجيته مؤسسات تحمل عَلَمَ الأمم المتحدة ومدارس تسطع أسطحتها بشعار الوكالة الدولية التابعة لها لغوث وتشغيل اللاجئين!! أما هدم المساجد على رؤوس المصلين وإراقة دماء الأطباء والمسعفين، وتجميع عشرات المدنيين العزَّل ثم قتلهم بدم بارد بعد منحهم الأمان، فهو جزء معلن من الحملة الوقحة!!
ناهيكم عن استخدام أسلحة محظورة دولياً حتى ضد الجيوش المؤهلة لخوض الحروب، فهنالك القنابل العنقودية والفوسفور الأبيض.
والأغرب من ذلك كله أن محرقة الصهاينة في القطاع الصامد استفزت بضعة ألوف من أبناء الكيان الصهيوني نفسه، في حين يتبارى ساسة غربيون في تبرير جرائم يندى لها جبين الإنسانية!! ولذلك عمّت المظاهرات مدن المعمورة بما فيها عواصم في أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، الأمر الذي يجعل الغرب في موقع خصومة مع شعوبه بعد أن داس على مبادئه وشعاراته عن حقوق الإنسان وحرية الشعوب في تقرير مصيرها..
وتبقى ذريعة تل أبيب وعصابة كبار مجرميها بأن مجازرهم ليست سوى تصفية حساب مع حركة حماس، وهو كذب بواح تفضحه عدسات التلفزة العالمية بالرغم من التعتيم المتعمد والتغطيات المنحازة لجانب المعتدي الظالم. بل إن هذا الادعاء - لو سلّمنا به جدلاً - لن يلقى نجاحاً كما صرَّح وزير الخارجية المصري-وهو ممن يوجهون كثيراً من النقد لحماس!! - إذ أكَّد استحالة محو مقاومة شعب ضد المحتل، وهو ما تثبته التجارب التاريخية في مشارق الأرض ومغاربها.
إن على العالم أن يراجع حساباته لأن هذه المحرقة ستجرف في طريقها بقايا كل رهان على أي سلام مع عدو بهذا الانحطاط والدموية، كما ستهيل أنقاض مباني غزة المدمرة على القانون الدولي والمنظمات التي تزعم تنفيذه لأنها - في الواقع - لا تطبقه إلا على الضعفاء فقط