د. علي الزهراني الأستاذ المساعد بكلية الطب بجامعة الطائف :دمج المعالج بالقرآن ضمن الفريق الطبي سيقضي على قراء الاستراحات!
لا شك أن التداوي بما أباح الله من الأدوية أمر مشروع، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام". فالتداوي سواء كان بالقرآن الكريم وما ورد من الأدوية النبوية أو بغيرها من العقاقير الطبية من الأطباء الموثوق بهم أمر مشروع ومألوف أيضاً لدى الناس لكن حين يذكر الطب النفسي والأطباء النفسيون نجد أن المريض وأهله يحجمون غالباً عن الذهاب إليهم ويقدمون خطوة ويؤخرون أخرى وهذا ما يدعونا للتساول لماذا هذا الموقف من الطب النفسي، وهل نحن بحاجة لذلك. هذا ما سنتحدث عنه مع سعادة د. علي بن صفحان الزهراني - الاستشاري النفسي أستاذ مساعد بكلية الطب جامعة الطائف.
النفور من الطب النفسي
* لماذا ينفر الناس من الطب النفسي؟
- أعتقد أن ذلك يعود لعدة أسباب:
أولاً: أن الناس لدينا بالمملكة لديهم قصور في فهم الطب النفسي، حيث لا يزال الكثير يعتقد أن الأمراض النفسية هي مس من الشيطان أو بسبب البعد عن الدين، وهذا الأمر لا يمكن قبوله على إطلاقه، إلا في بعض الحالات.
ثانياً: وهذه النقطة مترتبة على الأولى، يرى الكثير أن المتوعك نفسياً لديه مفاتيح الشفاء من خلال العلاج التقليدي إما بقراءة الشخص على نفسه أو بالذهاب إلى شخص يقرأ عليه وبالتالي لا داعي للطب النفسي.
ثالثاً: أن البعض يرى أن هذا العلم استمد نظرياته من عالم النفس الشهير "فرويد" الذي يعيد كل شيء إلى الطفولة وإلى الخبرات الجنسية، ناسين أن هذا العالم تنصل من نظرياته حتى طلبته الغربيون أنفسهم.
رابعاً: يرى البعض أن العقاقير النفسية هي بالأصل مخدرات وبالتالي الابتعاد عنها غنيمة.
هذه تقريباً الأسباب الرئيسة التي تقف دون تطور هذا العلم بالمملكة.
* إذاً ما الأمراض النفسية التي نستطيع أن نقول إن المشايخ لا يستطيعون التعامل معها؟
- كلها تقريباً باستثناء الحالات الهستيرية، والتي تأخذ شكلاً تحولياً، قد يراها المقرئون جهلاً منهم "عضوية" كالصرع الهستيري والعمى الهستيري والصمم الهستيري، أو بعض الوساوس وبالذات الدينية المنحى، ولكن حقيقة هناك أمراض نفسية كثيرة لا يستطيع المشايخ التعامل معها نهائياً.
* لعلني أفهم من كلامك أن هذا الأمر ليس من اختصاص المشايخ؟
- هذا صحيح. وهذا ليس بكلامي، بل كلام الكثير من المشايخ الأجلاء الذين يعتد بعلمهم كالشيخ العلامة عبدالله المطلق عضو هيئة كبار العلماء، الذي قال عندما زارنا بمجمع الأمل بالرياض قبل عدة سنوات: أنتم النفسيين مقصرون في الدفاع عن تخصصكم! بل أنتم وحدكم من سمح لهؤلاء الناس باختطاف تخصصكم! وأذكر أنه قال: نهرت مدير مكتبي عندما زارنا مريض يطلب القراءة، وبدأ يسأله بعض الأسئلة عندما قال له: وش عرفك بالتشخيص!!! أنت طبيب أو معالج نفسي؟
قراء الاستراحات
* إذاً لا تؤيدون العلاج بالقرآن؟
- لا يجب أن نفهم هكذا! ولكن نحن نريد أن نحفظ حقوق المريض، المرض النفسي مثله مثل أي مرض عضوي له حقوق، ولقد طالبنا مراراً بضرورة أن يكون المعالج بالقرآن ضمن "الفريق العلاجي"، وطالبت وزارة الصحة أن تدخل بإقفال تلك الاستراحات، لأن سلامة المريض نفسياً وجسدياً من اختصاص وزارة الصحة، ولعلها فرصة سانحة لأطالب معالي وزير الصحة والإدارة المعنية بوزاته بضرورة إيقاف هذه التجاوزات التي تحدث من أناس لا هم لهم سوى سلب أموال الناس والدجل علهيم، وأرى أنه قد آن الأوان لإدخال المعالجين بالقرآن ضمن الفريق العلاجي، لإقفال هذا الباب للأبد. ثم إن هناك نقطة أريد أن أضيفها، يا أخي الكريم الدين يطالب الإنسان أن يرقي نفسه بنفسه وليس الذهاب للآخر لطلب الرقية، لأنني أخشى أن يتحول الأمر إلى اعتقاد المريض النفسي بأن الشفاء يأتي "فقط" من هذا الراقي وليس من الله عزَّ جلّ، وهنا الخطورة التي أرى أن يركز عليها مشايخنا الأجلاء.
* أفهم من كلامك أنك تناشد وزارة الصحة بأن يدرج المعالج بالقرآن ضمن الفريق العلاجي، ولكن أين المؤهل العلمي؟
- سؤال مهم جداً، وبدوري أحيله إلى كليات الطب والشريعة بالمملكة! لماذا يذهب أطباؤنا للصين للتخصص في الطب الصيني وليس لدينا حتى "دبلوم" في الطب النبوي، لماذا يظل الطب النبوي حبيس الكتب ولا يقنن على مستوى الجامعات؟ أين جامعاتنا الإسلامية التي تمتلك كليات طب وشريعة كالإمام وأم القرى؟ ألم يحن الوقت لتقنين الطب النبوي ومنح دراجات عليا فيه؟ سؤال أتمنى تجيب عليه إحدى الجامعات قريباً بتأسيس دبلوم في الطب النبوي!!!
* نسمع أن البعض من الأطباء النفسيين "هداهم الله" ساهموا في إدمان العقاقير لبعض المرضى من أجل اصطيادهم للمتابعة والبعض منهم يخدعون المرضى بإعطائهم عقاقير وهمية، فما صحة هذا الكلام؟
إذا كنت تقصد بإعطاء عقاقير نفسية وهمية بالتي تسمى لدينا بـ"بلاسيبو" فهذا جميل! لأن بعض المرضى لديه توهم بالمرض، يتنقل بين العيادات بحثاً عن العلاج، ولن يقتنع إلا إذا قلت فعلاً لديك مرض وتحتاج إلى علاج، ثم إن البعض من المرضى يرى أن العلاج الحقيقي هو العلاج الملموس (التانجبل) "مثل الشراب والحبوب" لا يؤمن بالعلاج بالكلام، وبالتالي فإن الطبيب النفسي هو من يقرر إعطاءه عقار نفسي من عدمه، ولكي يرضيه كي لا يكرر زياراته لعيادات أخرى يقوم بإعطائه علاجاً وهمياً "مجرد فيتامينات"، وأما سؤالك الآخر عن تسبب بعض أطباء النفس في إدمان المرضى عقاقير فأنا أقول إن أغلب أطبائنا يخافون الله في مرضاهم ولا يمكن أن يلجأوا إلى مثل هذه الحيل، ولكن من يرتكب مثل هذه الأخطاء فالرخص الطبية له بالمرصاد متى ما رفع الأمر إليها واكتشفت مثل ذلك.