بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

في ظل أزمة البحث عن مســــگن.. المختصون :حلول الإسگان الحالية.. غير گافية!
أرض الحرمين الشريفين حباها الله الكثير من النعم والميزات التي جعلت لها خصوصية من بين بلدان العالم، سواء في الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي وغير ذلك مما تتمتع به مملكتنا الحبيبة مملكة الإنسانية.
ولكن برغم قناعة الجميع بتلك الحقائق ووجود الخيرات التي تتوالى عاماً بعد عام، فإن هناك ارتفاعاً واضحاً في أسعار بعض السلع، ولكن الارتفاع يكون ملحوظاً ومؤثِّراً حينما ننظر إلى أسعار المساكن.. كيف كانت قبل وقت قصير وكيف صارت الآن.
لنقف على أسباب هذه المفارقة وتحليل هذا الإشكال التقينا بعض أهل الرأي ليشخصوا لنا هذه القضية ويقترحوا بعض الحلول من خلال هذا التحقيق.

في البداية تحدث الدكتور عبدالله بن علي سير المباركي أستاذ علم الاجتماع المساعد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وقال: هناك اتفاق بين الكثير من الكتاب والمحللين أن الارتفاع المتزايد في أسعار المساكن في المملكة يعود إلى ارتفاع أسعار الأراضي، إضافة إلى ارتفاع أسعار مواد البناء سواء المحلي منها أو المستورد. وهذا السبب هو في الواقع نتاج مباشر لموجة الغلاء العالمية التي تفاقمت أخيراً وتأثرت بها السوق المحلية العقارية. ثم تزامن مع ارتفاع أسعار مواد البناء ومع ظاهرة الغلاء ارتفاع أجور العمالة وأسعار المقاولين. ومع ذلك فإن هناك أسباباً وعوامل أخرى أسهمت ليس فقط في ارتفاع أسعار شراء وبناء وتأجير المساكن، بل وفي تدني العرض وتزايد الطلب، خاصة وأن طبيعة المجتمع السعودي تتصف بأهمية ملكية السكن الخاص وكونه على رأس الأولويات التي يحرص المواطن على تحقيقها له ولأسرته.
وإذا سلمنا بأن هناك أزمة سكنية في المملكة، فينبغي أن نؤكِّد أنها ناتجة عن عوامل ديموقرافية (سكانية) في المقام الأول ثم تفاقمت في غياب أو تدني الاهتمام بالتخطيط الإستراتيجي الذي يتعامل مع الحاضر ويأخذ التطورات المستقبلية بعين الاعتبار. هذا بالإضافة إلى عوامل اجتماعية واقتصادية وعقارية.

النمو السكاني
ولنأخذ العامل الديموغرافي كمثال، فهناك مؤشرات واقعية تؤكِّد أن معدل النمو السكاني في المملكة العربية السعودية هو من أعلى المعدلات عالمياً. ففي عام 2000م كان معدل النمو السكاني في المملكة 3.2%. وقد نتج عن ذلك أرتفاع نسبة من هم في سن الشباب ومن هم دون 18 سنة، حيث تشير الإحصاءات أن أكثر من 50% من سكان المملكة في الوقت الحاضر هم دون سن 18 وهذا في حد ذاته يعتبر تحدياً واضحاً ليس فقط في ما يتعلق بالزيادة في الطلب على السكن خلال العشرين سنة المقبلة، بإذن الله، بل في الطلب على الخدمات الأساسية الأخرى كالتعليم والتوظيف والترفيه وغيرها. لأنه، واستناداً إلى خطة التنمية الثامنة، فإن عدد سكان المملكة سوف يصبح 33.5 مليون نسمة بعد عشر سنوات من الآن. وفي ضوء إحصاءات السكان العالمية لعام 2006، فإنه يتوقع لسكان بعض الدول ومنها السعودية أن يتضاعف عدده خلال 18عاماً.
ولا بد أيضاً أن ننوه هنا بأهمية البعد الاجتماعي للمسكن. فالفئة التي تعاني من مشكلة غلاء الأراضي وغلاء مواد البناء هي في الغالب فئات ذوي الدخل المحدود، فتوفير المسكن الملائم لأسر هذه الفئات يعني ضمان الاستقرار والأمان النفسي والمادي والاجتماعي، وهذا بالتأكيد سينعكس إيجاباً على إنتاجية أفراد الأسرة وبالتالي الأمن الاجتماعي والوطني ككل.

التوصيات والحلول
- ويرى الدكتور المباركي لحل مشكلة السكن أن تقوم وزارة الإسكان والجهات الأخرى الحكومية والأهلية ذات العلاقة وكذلك المؤسسات العقارية على عمل خطة إستراتيجية بعيدة المدى للإسكان في المملكة. وحبذا لو يُمهد لذلك بندوة أو مؤتمر وطني تسهم بحوثه وتوصياته في إعداد هذه الخطة. خاصة في ضوء التوقعات التي تشير إلى أن المملكة في حاجة إلى أكثر من 1.5 مليون وحدة سكنية مع نهاية عام 2020م معظمها في المدن الرئيسة. وأن يتم تشجيع التوسع الرأسي في البناء وبخاصة في المدن الرئيسة. ولحل مشكلة السكن الحالية والمستقبلية، وبخاصة لفئات الشباب من ذوي الدخل المحدود، فيقترح أن تتبنى الدولة مشاريع الإسكان الشعبي بحيث يؤمن من خلاله شقة لكل مواطن مقابل مبلغ رمزي مقدم ثم يسدد باقي قيمة الشقة سنوياً بما يتناسب مع دخل الفرد الشهري.
رسوم وزكاة
كما تحدث الأستاذ بندر ربيع الذيابي المختص في الدراسات الاجتماعية فقال هذا البلد المعطأء الذي يزخر بنعم الله عليه الوافرة التي يتمتع بها القاصي والداني بسبب وجود الحرمين الشريفين وتطبيق حكام هذا البلد لحكم الله عزَّ وجلَّ وخدمتهم لضيوف الرحمن، هذا بالإضافة إلى ما يتكرمون به من هبات للمسلمين في بلدان شتى لمعالجة نكبات بعض الدول الاسلامية الفقيرة والتي جعلها الله دافع بلاء عن هذا البلد وأهله ومقدراته وأبنائه. فقد منّ الله علينا بخير كثير نحمده عليه ونشكره دائماً.
ويقول الذيابي لا توجد رسوم على الأراضي الموضوعة لغرض التجارة وهي عرض من عروض التجارة مجازاً بها الزكاة.. ويكون ريع هذه الأراضي المدخرة للتجارة بوضع رسوم رمزية تصب لمصلحة الزكاة والدخل ويصرف منها على الضعفاء والأرامل وذوي الاحتياجات.
كما اقترح تسجيل جميع الأراضي غير المستثمرة على أن يمهل صاحب الأرض البيضاء من الرسوم لمدة ثلاث سنوات بعدها تدرج ضمن عروض التجارة إذا وجد أن صاحبها باسمه أكثر من قطعة.
وتحدد مدة الإعفاء هذه من الرسوم (4 سنوات) بعدها تدرج ضمن الأرض التي يوضع عليها رسوم بسبب بعد إحيائها بمشاريع تفيد المواطن وينتفع منها اقتصاد البلد بدلاً من أن تبقى الاراضي بور لعشرات السنين.
واجب وطني
ويعتبر تجار هذا البلد المعطاء أكثر حظاً من غيرهم لوجود التسهيلات التي تعطى لهم من الدولة لم توجد بجميع بلدان العالم، وخاصة تجار العقار ونظراً لزيادة أرتفاع أسعار العقار بنسب مبالغ فيها، وقد تفضلت الدولة -رعاها الله - بتقديم جميع الخدمات كاملة لمثل هذه المخططات، ولم تكلف الأراضي الحالية أصحابها مبالغ كما هو ملاحظ في أسعار العقار الحالي والتي تضاعفت أسعارها ثلاثة أضعاف الأسعار الحقيقية، لذا عليهم واجب لهذا الوطن مثل ما استفادوا من خدمات الدوله أن يساهموا لأبناء هذا الوطن الذين هم جزء منه ويمكن أن يكون ذلك بمراعاة أصحاب الدخل المحدود.

دور الجهات الحكومية
وتحدث الذيابي عن دور الجهات الحكومية وقال من مهامها تسجيل جميع الأراضي وبأسرع وقت ممكن وخاصة في المدن الكبيرة مثل الرياض والدمام وجدة ومكة والمدينة المنورة ليتم إدراجها لتطبيق الرسوم عليها لتعم الفائدة الجميع لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (المؤمن للمؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) فأين نحن من هذا الحديث والكثير من أبنائنا تحت وطأة الديون بسبب الأوضاع الحالية والغلاء الفاحش في الإيجارات وفي المساكن وغيره من متطلبات الحياة اليومية.
- قدمت الدولة الكثير وخاصة للتجار حتى أنك ترى ما تقوم به الدولة تجاه أبنائها التجار خاصة تجار هذا البلد تنفيعاً لهم حتى أنك ترى العقود الحكومية تطرح لهم بمبالغ عالية مبالغ بها، وحان الوقت لأن يقوم التجار بدورهم ويتعاونوا مع حكومة هذا البلد المعطاء والتي قدمت الكثير ويؤدوا الواجب الذي على عاتقهم .
دور وزارة الإسكان
ويضيف الذيابي دور وزارة الاسكان لا يرى له أثر بهذا البلد ويجب أن يفعَّل وتمنح الدولة وزارة الإسكان أراضي في أماكن حيوية ويشترك مع الوزارة البنك العقاري ويكون إرتباطه في وزارة الإسكان لكي يتم إعطاء هذه الأراضي بعد تخطيطها، وكذلك عمل البنيه التحتيه لها من إيصال المياه والكهرباء وكذلك الصرف الصحي، وتعطى للبنك ليقوم بعمل وحدات سكنية بمساحات لاتتعدى (350 م 2) للأسرة مستقلة وتستوفى أقصادها عن طريق البنوك مباشرة بالاستقطاع من الراتب.

الخبرات الخارجية
ويرى الذيابي إمكانية الاستفادة من الخبرات الأجنبية، وذلك من خلال استدعاء الشركات من جميع دول العالم وخاصة الصين ودولة الهند ودراسة مدى الاستفادة من الخبرات في مثل هذه البلدان ذات العدد السكاني الكبير وكيفية تغطية الطلب الموجود لديهم رغم العدد السكاني الكبير لديهم والاستفادة من ذلك.
أما الآليه التي تسهم في حل معضلة البطالة، فيرى الذيابي أن ذلك يمكن أن يتم بعدة وسائل منها: تجهيز ورش عمل من قبل وزارة العمل صناعية تقوم بتدريب الشباب أصحاب المهن وتتبناهم الوزارة مثل (الحدادة، النجارة، الموبيليا، الديكور، السمكرة، البوية، المخارط) وكذلك معامل لصناعة النسيج تشرف عليها وزارة العمل (النسيج، الحياكة والخياطة وصناعة الأثاث).
ويعطى لمثل هذه المهن رواتب مجزية وريعها يرجع لوزارة العمل يتم الصرف منها على أصحاب هذه المهن على أن تتبناها الوزارة لمدة عشرين سنة بعد ذلك تطرح للشركات المساهمه لتتبنى هذا المشروع.

حلم كل الشباب
كما تحدث إلينا أيضاً الشيخ علي عبدالله السرحاني استاذ الدراسات الإسلامية بالقوات البرية قائلاً: إبراهيم عليه السلام قدم الى جزيرة العرب بتوجيه من خالقه وجعل ذريته في أطهر مكان وأقدسه ثم دعاء ربه بدعاء خالد بقوله: {$وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35)}.
فدعوة إبراهيم بالثمرات لأهل هذا البلد من آمن منهم بالله واليوم الآخر وصدق بالرسالة فقد تكفَّل الله سبحانه وتعالى له بالرزق وسعة العيش، ونحن في هذا البلد قد منَّ الله علينا بنعمة الإيمان والأمان كما أن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}.
فعندما بَعُد الناس عن طاعة الله والعمل على ما يرضيه ابتلانا الله بغلاء الأسعار في كل شيء حتى في أبسط الأشياء ومنها المسكن الذي يُعَد حلم كل شاب يعيش في هذا الوطن.

الأزمة عالمية
وعن أسباب الغلاء يقول السرحاني: المملكة ليست في معزل من العالم ولها ثقلها ووزنها الاقتصادي، وقد مرت بالعالم أزمات متتابعة ومنها الرهن العقاري وانخفاض قيمة الدولار والسندات. كما أن ارتباط المملكة بالدولار الأمريكي الذي حصل له انخفاض مقابل العملات الأخرى جعل السلع الواردة للمملكة تكون غالية، وكذلك عدم وجود صناعات محلية يمكن الاستناد إليها في مواجهة الأزمات العالمية.
وقد كان للجهات الحكومية دور في غلاء مثل ذلك وعدم التصدي لمثل هذة الأزمة وتذليل العقبات أمام الشاب السعودي بتوفير الأرض الممنوحة عن طريق الأمانات في كافة مناطق الممكلة وعدم توفير القروض الميسرة من بعض الجهات الحكومية ذات العلاقة، وكذلك تقديم السلع بأسعار مناسبة ليتمكن الشاب من إنشاء السكن المناسب الذي يكفل له العيش السعيد.
والشركات العقارية بعيدة عن الجهات المعنية بذلك فقد استغلت مثل هذة الأزمة وزجَّت بالشاب في ديون لا يمكن الخلاص منها لسنوات طويلة، وقد يقدر الله على الشاب أن يموت وذمته محملة بسداد مثل هذه القروض والعقارات المجحفة.

الحل المناسب
يختم السرحاني: من وجهة نظري فإن الحل المناسب في مثل هذه الحالة يكمن في ضرورة التكاتف من عدة جهات منها الجهات الحكومية والشركات من جهة والمواطن من جهة أخرى.
والفكرة تتلخص في توفير مخطط تتوافر به الخدمات اللازمة من طرق وأرصفة وإنارة ومدارس ومساجد ومراكز صحية ومياه وصرف صحي واتصالات ويتم توفيرها من كل جهة لها علاقة بذلك ثم يتم منح هذه الأراضي للمواطنين كل أرض تمنح لعدة أشخاص يتم الاتفاق فيما بينهم حتى يتم إنشاء عمارة سكنية مكونة من عدة طوابق كل طابق به عدد من الشقق ويتم استقطاع من راتب كل مستفيد مبلغ حتى يتم إنشاؤها ويكون دور الشركات تقديم المواد بأسعار مناسبة.
يكون في ذلك تعاون من جميع الأطراف تعاون في خدمة هذا المشروع ويكون كل شاب سعودي يملك سكناً خاصاً به. كما أن المستخلص من هذه الفكرة هو حل أزمة السكن.