حقيقة سبق وأن قد ذكرت اللحوح ضمن أكلاتنا الشعبية ولكن باختصار وعندما رأيت التي قام بإنزالها في موضوعه اللحوح والتي توضح طريقة إعداد اللحوح أُعجبت بها فتحركت ذكرتي على إثرها ثم جادت بكتابة هذه الأسطر المتواضعه عن اللحوح .
يعتبر اللحوح من الأكلات المفضلة عند الأجداد وله طريقة خاصة ومميزة عند إعداده وتحضبرة وهو عمل من أعمال المرأة الخاصة التي تقوم بها المرأة في منزلها بعيداً عن الرجل لأن الرجل أيام زمان إذا شارك المرأة في بعض الأعمال كطحين حبوب الذرة على المطحنة أو خبيز عجين الذرة المعروف بالرهي في الميفا أو مخيض اللبن بواسطة القشبة أو غير ذلك من الأعمال التي تخص المرأة عُدّ عليه عيباً وسقط في نظر الناس ولاينظرون إليه بأنه كامل الرجولة وقد يطلقون عليه كلمة متنسوي لأنه يمارس الأعمال النسوية والمصيبة إذا كان هذا الإنسان الذي يمارس هذه الأعمال أعزباّ وأراد الزواج فمن الصعب على القبيلة أن تقبل مثل هذاالنوع من الرجال أن تزوجه وهي قد علمت بأوصافه حتى ولو كان ابن شيخ القبيلة ولكن لكل قامّة خامة .
صحيح أن التعاون مطلوب لكن بحدود حسب مفهومنا لعاداتنا وتقاليدنا والتي قد ورثناها عن أجدادنا وهذه العادات والتقاليد قد وضعت حداً فاصلاً لكل من الرجل والمرأة عند القيام ببعض الأعمال فلا يعتدي الرجل على أعمال المرأة الخاصة بها كالطحين والخبيز والمخيض وإعداد الأكلات كالمفتوت واللحوح لأن هذه الأعمال لها علاقة مباشرة بأنوثة المرأة فلاتقوم بها إلا المرأة هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن إجادة تلك الأعمال وإتقانها تثبت نجاح المرأة في حياتها المنزلية لكي تواصل مشوارها في الحياة كما هو مطلوب منها ..ولايمنع المرأة من مساعدة الرجل في أعماله الخاصة كحماية المحاصيل الزراعية والنصيد والرعي وجلب الماء من الآبار بشرط أن تحافظ على مظهرها الذي يدل على أنوثتها وخاصة فيما يتعلق بلسبها ..أطلنا الحديث ونسينا ملحوح نرجع لملحوح .
وقد عرف الأجداد اللحوح بهذا المصطلح أو بهذاالاسم "اللحوح" فعرفنا التسمية عن طريق الأجداد فكل مصطلح لمسى قد عُرف عن الأجداد فإن البعض قد رأى بأن هذا المصطلح "لهجي "مادام وأن هذاالمصطلح قد صدر بلسان أهل زمان وقد يرى البعض بأن كل ما سمعناه من ألفاظ عن الأجداد تُعد في مجملها مصطلحات لهجية مماجل البعض من الناس يصدر حكماً على بعض المصطلحات بقوله بأن أي مصطلح لهجي لايمت للفصحى بصلة بحجة أن أهل زمان ينقصهم التعليم وخاصة قواعد اللغة العربية غير ما تعلموه عن طريق الكتاتيب المقتصرة على قراءة القرآن الكريم وتجويده نقول لهؤلاء حتى وإن كان الأجداد ينقصهم التعليم إلا أن لهجتهم إن لم تكن فصحى فهي قريبة من الفصحى وإن حصل بعض الاختلاف فهو في اللفظ نتيجة تقديم وتأخير لبعض الحروف فإن حصل اختلاف في اللفظ فإن المعنى لن يتغير والمتعمق في اللهجة والفصحى قد يلحظ ذلك فلو نظرنا لمعنى كلمة "لحوح"من ناحية الفصحى لوجدنا بأن القاموس المحيط قد تعرض لمعنى هذه الكلمة حيث قال :اللحوح بالضم :شبيه خبز القطائف يؤكل باللبن يعمل باليمن وبهذا تكون قد اتفقت اللهجة مع الفصحى لفظاً ومعنى .. أطلنا الحديث ونسينا ملحوح نرجع لملحوح .
يا إخوان :
لا أخفيكم سراً أنني متردد عن تكملة الموضوع عن وصف طريقة إعداد اللحوح وتحضيره لأن الشغلة خاصة بالحريم وتحتاج إلى يد ماهرة تجيد عمل اللحوح وقد سبق وأن قلت بأن أي عمل قد خُصص للمرأة لايحق للرجل أن يقوم به وهذا ما جعلني أتهرب يميناً وشمالاً من تكملة الموضوع ربما يقول شخص كيف يا أبازهير تقول .....والآن تشرح لنا طريقة إعداد اللحوح ..وما أظن ذلك ..لأن البعض قد عرف بأن مصدري الوحيد لجميع مواضيعي وخاصة فيما تتعلق بالتراث هو الإعتماد على كبار السن ومجالستهم ثم السماع عنهم وهؤلاء كبار السن منهم الرجل القحم والمرأة العجوز فأي شغلة تخص الرجال تجدني أسأل عنها الرجل وأي شغلة لها علاقة بالمرأة تجدني عند امرأة عجوز أسألها كل حسب تخصصه إذ ليس من الممكن أن أسأل الرجل عن شرح وصف العظية أو طريقة إعداد اللحوح فلاتظنوا بي ظن السوء .. حتى لانطيل الحديث وننسى ملحوح نرجع لملحوح .
يعتبر اللحوح وجبة خفيفة على المعدة سهلة الهظم ومن أجل ذلك كان يفضل استخدامه في شهر رمضان حتى يشعر الصائم بالراحة عند تناوله وخاصة وفي وقت الغروب فلايؤثر على معدته عند تناوله لخفته لأنه ينوب عن تناول أقراص الذرة والتي قد تكون ثقيلة على المعدة ومن ناحية أخرى يكون سهل المضغ عند من قد فقدوا أسنانهم وضروسهم .
المكونات :
-عجين حب الذرة أو الدخن المعروف بالرهي فالبعض يرغب في حب الزيدية والبعض الآخر يرغب في حب الدخن وهناك طريقة تجمع بين الرغبتين وهي خلط حب الزيدية مع حب الدخن وهذه الطريقة تسمى بالمواكش ويعتبر لحوح الحب المواكش من أفضل أنواع اللحوح يليه لحوح حب الدخن ثم حب الزيدية ثم بقية أنواع الحبوب المعروفة بالمنطقة .
-يوضع العجين المعروف بالرهي في إناء كبير وخاص كالحيسية ثم يصب عليه الماء ويمزج حتى يصير خليطاً ثم يضاف للخليط البهارات المناسبة حسب الرغبة ثم يُغطى الخليط ويُترك لفترة معينة حتى يحين وقت إعداد اللحوح عند ذلك يخلط من جديد بحيث يكون الخليط جاهزاً للاستعمال .
-وجود إناء مصنوع من الفخار خاص لهذاالغرض يسمى "الملحة"دائري الشكل يُثبت على بناء مصنوع من الطين على شكل شبه دائري له فتحة من جهة واحدة تسمح بدخول الحطب وإشعالها بالنار تحت الملحة .
-وجود كأس صغير مثقوب من الأسفل وفي المنتصف يستخدم لنزف الخليط إلى الملحة .
-وجود محتة صغيرة وهي عبارة عن مجموعة من المشل المستخرج من الطفي وفائدتها تنظيف الملحة من بقايا القطع الصغيرة المتناثرة من اللحوح أثناء العملية ايضاً لها فائدة وهي أخذ كمية بسيطة من السليط ثم وضع السليط في الملحة وتحريكه في الملحة قبل وضع الخليط في الملحة لكي يساعد السليط اللحوح على الخروج من الملحة دون تكسر .
-وجود كمية حسب الحاجة من السليط .
-وجود عمود صغير من القصب أو أي عود آخر وفائدته رفع حبة اللحوح من الملحة بعد نضجها إلى الإناء المخصص لجمع حبات اللحوح.
-وجود امرأة ماهرة ومتعلمة على طريقة إعداد اللحوح فليس كل امرأة تجيد عملية اللحوح فالطريقة ليست سهلة بل لابد أن تكون المرأة عارفة المقدار من الخليط لتضعه في الملحة حتى يكون عُقدة ثم تعرف مقدار اللهب الذي تحتاجه لنضوج العقدة دون أن تحرق العقدة أيضا تستطيع أن ترفع العقدة من الملحة بعد نضجها بواسطة العود بحكمة ومهارة .
-وجود إناء لجمع اللحوح ويفضل الإناء أن يكون مصنوعا من الخزف والمعروف باسم المفتة .
فإذا توفرت هذه المكونات أصبح من السهل الحصول على اللحوح بكل يسر وسهولة .
وبهذا نكون قد تعرفنا على اللحوح عند أهل زمان حتى وإن وجد اللحوح في وقتنا الحاضر فإنه لايمثل صورة حقيقية عما كان عليه اللحوح عند أهل زمان لأننا الآن نقلد وكل مقلد لايحالفه النجاح ومادام وأننا قد نسينا الملحة التي صنعت خصيصاً لعمل اللحوح فهذا دليل على جهلنا وعدم معرفتنا بتراثنا بما فيه من عادات وتقاليد .