توقفّ! وللمرة الثانية، توقف! البارحة حدثتك عن كونك بلا قيمة أبداً، وبأن لا تبتأس للأمر، اليوم آن أوان أن أوضح الأمر، وأشير له بوضع الأصبع على الجرح، لأريك كيف أن الأمر تراكمي، وبأن لا قيمتك بدأت منذ عقود، وبأنك وإن تفوهت بالعكس، وتوهمت العكس، لا تستطيع الفكاك مما هو حقيقة.
أعرف، أجل أعرف، أنه بإمكانك أن تصرخ بي، وقد ترعبني إلى حدٍ ما، وقد تكسر عصاً فوق رأسي، أو قطعة أثاث، لكن ذلك لا يجعلك قوياً؟ ولا رجلاً أبداً، وقد تحمل حتى سلاحاً علي، وتطلق النار، ولكن ذلك أبداً لن يجعلك قوياً، أو مرهوب الجانب، ليس من قبلي، وليس من قبل أي أحدٍ في هذا العالم. أنت نفسك تعرف أنك لا تخيف، فكيف تريدني أن أخاف.
أنظر معي، وأنا أعلم أنك لن تنظر، لكن لا يهم، فأنت إذا ما تعاركت أو تشاجرت تنفخ صدرك وأوداجك بصرخة "أنا لا أخاف أحداً إلا الله"، وهذه المقولة قد تصح مع غيرك، فأنت تخاف كل شي، ما عدا الله. أنت لا تخاف الله لا لأنك أقوى منه –حاشى لله- ولكن لأنك ببساطة سخيف للغاية. فأنت ببساطة تخاف الشرطة، والقوى الأمنية بجميع مشاربها، يعني ببساطة كل فروع الدولة. تخاف مديرك في العمل، وتخشى أن يطردك، فتصبح شريداً، كما حقيقتك. تخشى أمك وأبوك كي لا يطردونك... تخشى جارك إذا ما كان مدعوماً... تخشى الشباب الذي يجلسون في الشارع، إذا ما كانوا أكثر من ثلاثة. تخشى الظلمة، والقطط ذات العيون اللامعة. تخشى الصمت والسكون في الساعة الثالثة صباحاً. تخشى صاحب السوبرماركت الذي تستدين منه أنت شخصياً لآخر شهر، وتهرب منه طوال الشهر. تخشى أن يمسكك أحدهم وأنت تشاهد فيلماً اباحياً. تخشى أي أحد، أتلاحظ؟؟؟ أيكفي؟؟؟ أم هل أعد أكثر؟
ألا تتوقف؟ ألا تفهم أنه حان الآن وقت توقفك عن ما تتدعيه، وأن تجلس لكي تتوقف عن تعرية نفسك وتسخيفها، وحرقها. أنا أفهم أن مريض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" يعتزل وينعزل في مكانٍ بعيدٍ عن الناس كي يجنبهم رؤيته ويتجنب رؤيتهم، وأنت رغم أنك مصاب بنقص المناعة المكتسبة للقيمة، ومع هذا تصر على تطل علينا كل يوم بوجهك المشرع. توقف ألم تفهم بعد؟
ما الذي سأقوله بعد؟ هل سأتحدث عن شجاعتك وأنت تجلس مع أصحابك؟ شجاعتك كيف أنك ضربت شخصاً أضعف منك، يا لها من شجاعة. كيف ضحكت على جارك العجوز، أو الصبي السمين، يا لها من بطولات تستحق أن تروى! نقطة مهمة، الشجاعة ليست فقط أن تحارب، أو تصارع أو حتى أن تتشاجر، الشجاعة هي أن تقول الحقيقة ولو لمرةٍ واحدة في حياتك، فهل قلت الحقيقة لنفسك ولو لمرة؟
ماذا يريد مثلك أن يترك خلفه؟ أهي صدقة؟ أم علم؟ أم ولدٌ صالح؟
توقف! ماذا تريد بعد مني؟ هذه ثاني مرةٍ أكتب عنك؟ ما الذي تريده مني، أنا أحاول نزعك من روحي، وأنت تتعلق بي أكثر، أنا لا قدرة لي على إصلاحك، ولا حتى على توضيح وجهة نظرك للناس، أنا لا أقدر إلا أن أرى ما يراه كل البشر منك وعنك. وأنت بلا ثيابٍ أبداً، عارٍ تماماً. فهل تستطيع على الأقل أن تبتعد بعريك من أمام ناظرنا؟
ما الذي تريده مني بعد، ألم أقل لك سابقاً أنني لا أعرفك؟ لماذا لا تفهم وتختفي، فما ليس له قيمة يجب أن يختفي، كزبد البحر، يظهر ويختفي ولا يسأل أحدٌ إن كان موجوداً يوماً أو لم يكن!
منقوول