إخواني، إلى كم تماطلون بالعمل، و تطمعون في بلوغ الأمل، وتغترّون بفسحة المهل، ولا تذكرون هجوم الأجل؟ ما ولدتم فللتراب، وما بنيتم للخراب، وما جمعتم فللذهاب، وما عملتم ففي كتاب مدّخر ليوم الحساب.
وأنشدوا:
ولو أننا إذا متنا تركنا *** لكان الموت راحة كل حيّ
ولكنّا إذا متنا بعثنا *** ونُسأل بعدها عن كل شيء
يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لا يغرّنّكم قول الله عز وجل: { مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا } [الأنعام 160]، فإن السيئة وإن كانت واحدة، فانها تتبعها عشر خصال مذمومة:
أولها: إذا أذنب العبد ذنبًا، فقد أسخط الله وهو قادر عليه.
والثانية: أنه فرّح إبليس لعنه الله.
والرابعة: أنه تقرّب من النار.
والخامسة: أنه قد آذى الحفظة.
والثامنة: أنه قد أحزن النبي صلى الله عليه وسلم في قبره.
والتاسعة: أنه أشهد على نفسه السماوات والأرض وجميع المخلوقات بالعصيان.
والعاشرة: أنه خان جميع الآدميين، وعصى رب العالمين..
من كتاب بحر الدموع
لأبى الفرج عبد الرحمن بن على بن الجوزى