قال الإمام احمد بن حنبل رحمه الله
في علماء أهل السنة ((: أحِبَّ أهل السنة على ما كان منهم. ))
يعني أن الحب يكون على السنة تحب لا على زهادة، لا على محبة دنيوية، إنما الحب الحقيقي أن يكون حبا لصاحب السنة، وقد يكون صاحب السنة يعني صاحب الاعتقاد عنده بعض المنكرات ولكنه في اعتقاده وإخلاصه وتسليمه للكتاب ولسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تجد أنه قلب سليم للبدع والشبهات، ولهذا قال أحب أهل السنة على ما كان منهم، وهذا يعني بالمفهوم أن المرء يبغض أهل البدعة أيضا على ما جاء منهم، فإنهم لو جاءت منهم عبادة وجاء منهم زهد وجاء منهم بعض العلم فإنهم يبغضون لا لهذه الأمور ولكنهم يبغضون لأنهم خالفوا سنة الحبيب محمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ.
ولهذا كان أبو الدرداء رحمه الله ورضي عنه كان يقول: يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم، كيف يغبنون سهر الحمقى وصومهم؟ ولمثقال ذرة من بر مع تقوى ويقين أعظم من أمثال الجبال عبادة من المغترين.
قال العلماء في شرح كلام أبي الدرداء هذا: أن أبي الدرداء يحبذ النائم الذي لا يقوم الليل، ويحبذ المفطر الذي لا يصوم النفل، لم؟ يقول لأن هذا مع السنة ومع اليقين هو على خير، قال: ولمثقال ذرة من بر مع تقوى ويقين أعظم من أمثال الجبال عبادة من المغترين؛ يعني أن المرء إذا كان على يقين يعني على سنة فإن عمله القليل يبارك الله جل وعلا له فيه، وأيضا قد يكون العبد مكثرا من العبادة ولكنه صاحب غرور مغتر بعادته مغتر بكثرة تلاوته مغتر بكثرة صيامه، ينظر للناس وكأنهم لا شيء لا يدري أين المآل، ولا يدري إلى ما الخاتمة، وقد قال عليه الصلاة والسلام «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها» والعياذ بالله «وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها» ولذلك كان كثير من السلف إذا تذكَّر الكتاب السابق بكى وقال: قلبي معلق ماذا سبق لي؟ وآخرون إذا تذكَّروا الخاتمة في هذا الحديث (فيسبق الكتاب فيعمل بعمل أهل النار) إذا تذكروا الخاتمة بكوا ويقولون: قلوبنا معلقة بالخواتيم بماذا يُختم لنا؟ وهذا يعني أن المرء إذا تعبد فإنه يتعبد مع الخوف أن لا يقبل الله جل وعلا منه.
لهذا قال بعض السلف: ليت لي من صلاتي ركعتين متقبلتين قالوا: وكيف؟ قال: لأن الله جل وعلا يقول ?إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ