شاعر وأبيات(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
شاعرنا الليلة هو أبو القاسم الشابي
نسبة :
ينسب إلى(الشبابيّة) وهي إحدى ضواحي توزر في الجنوب التونسي وُلد عام 1909م تعلم في الكتاتيب الشعبية وتخرج من جامعة الزيتونة قسم الحقوق عانى خلال حياته القصيرة مرارة اليتم ووطأة المرض وتوفي الشابي في أكتوبر عام 1934م وهو في ريعان الشباب وهو في الخامسة والعشرين من عمره.
اطلع على الأدب القديم وكان شديد التأثر بالأدب المهجري ولا سيما أدب جبران كما كانت له صلة بالأدب الأوروبي المترجم وبمجلة (ابولو) التي جنحت إلى التجديد في الشعر العربي الحديث ولعله الشاعر العربي الوحيد من أقطار المغرب العربي الذي تبوأ عرش الشهرة في أرجاء الوطن العربي الكبير برغم قصر فترة حياته.
شعره وجداني رومانسي ثائر تمرّد فيه على الاستبداد وتغنى بالحرية وقد جمعت أشعاره في ديوان (أغاني الحياة) وترجمت قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية.
ومن مؤلفاته النثرية: الخيال الشعري عند العرب و مذكرات الشابي فلماذا لا نكون مثله زراعاً للخير والعبارات الشفافة حتى وإن كنا في أقسى مراحل حياتنا فهذا الشاعر رغم ما عاناه إلا أنه ابتعد عن البغض والكراهية وسعى في طريق للخير وهو يمشي في دهاليز الحياة وينشد:
إذا الـشـعـب يـوما أراد الحياة***فـلا بـد أن يستجـيـب الـقـدر
ولا بـد لـلــيـل أن يـنـجــلـي***ولابـد لـلـقـيـد أن يـنـكـسـر
ومن لـم يعـانقه شوق الحياة***تـبـخـر في جـوها وانـدثـر
كـذلـك قـالـت لـي الـكائـنـات***وحدثـني روحها الـمستتر
ودمدمت الريح بـيـن الفجاج***وفوق الجبال وتحت الشجر
إذا مـا طـمحـت إلـى غــايـة***ركبت المنايا ونسيت الحذر
ومن لا يحب صعـود الجبال***يعش ابد الدهـر بين الحفـر
فعجت بقلبي دماء الشـباب***وضجت بصدري رياح أخـر
وأطرقت أصغى لقصف الرعود***وعـزف الـرياح ووقع المطـر
وقالـت لي الأرض لـما سـألـت***يـا أم هـل تـكـرهـيـن البشر؟
أبارك في الناس أهل الـطـموح***ومـن يستـلـذ ركـوب الخطـر
وألعـن من لا يـماشـي الـزمان***ويقنع بالعيش عـيش الحجر
هـو الـكـون حـي يـحـب الـحـيـاة***ويـحـتـقـر الـمـيـت مهـما كـبـر
وقــال لـي الـــغـــاب فـــي رقـــة***مـحـبـبـة مـثـل خـــفـــق الـوتـر
يـجيء الـشـتاء شــتـاء الضباب***شـتـاء الـثـلـوج شـتـاء المطـر
فينطـفئ السحر سحر الـغـصـون***وسحر الزهور وسحر الـثـمـر
وسحر الـسماء الـشـجي الـوديـع***وسحر المروج الشهي التعـطر
وتـهـوي الـغـصـون وأوراقـهـا***وأزهـار عـهـد حـبـيـب نـضـر
ويـفـنـى الجـمـيـع كحلم بديع***تـألـق فـي مهـجـة وانـدثـر
وتـبـقـى الغـصون التي حملت***ذخـيـرة عـمـر جـمـيـل عبر
معانـقـة وهـي تحت الضـبـاب***وتحت الثلوج وتحت المدر
لـطـيـف الـحـيـاة الـذي لا يـمـل***وقـلب الـربيع الشذي النضر
الـنـور في قـلـبـي وبـيـن جوانحي***فعلام أخشى السير في الـظـلماء؟
لا يطفئ اللهب الـمؤجج في دمي *** موج الأسى وعـواصـف الأرزاء
فاهـدم فـؤادي ما استـطـعـت فـانه ***سـيـكون مـثـل الصخرة الشماء
لا يعـرف الـشكـوى الذليلة والـبكاء ***وضـراعـة الأطتفـال والـضتعـفاء
ويـعـيـش جـبـارا يـحـدق دائـمـا *** بالـفـجر وبالفجر الجميل النائي
وأمـلأ طـريـقـي بالـمخاوف والـدجـى*** وزوابـع الأشـواك والـحصـبـاء
وأنـشـر عـلـيه الرعب وانثر فوقه *** رجم الردى وصواعق البأساء
سـأظـل أمـشـي رغـم ذلـك عـازفـا *** قـيـتـارتـي مـتـرنـمـا بـغنائي
أمـشـي بـروح ٍ حـالـم ٍ مـتـوهـج ٍ*** فـي ظـلـمـة الآلام والأدواء
إنـي أنـا الـناي الـذي لا تـنـتـهي***أنـغـامـه مـا دام فــي الأحـــيــاء
وهو الذي يتناغم مع الحرف بروح المحبة حيث يقول:-
عـذبـة أنـت كالـطـفـولـة كالأحـلام***كاللحن كالصباح الجديد
كالسماء الضحوك كالليلة القمراء***كـالـورد كابـتسام الوليد
وإلى اللقاء مع شاعر آخر إن شاء الله تعالى.