لونك المفضل
أخبرَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ قريشا ً بخبر ِ أصحاب الكهف قالوا : أخبرْنا عن ِ العالم الذي أمرَ اللهُ مُوسى أنْ يتبعهُ ، وما قصته ؟ فأنزلَ اللهُ عز وجل : « وإذ قالَ موسى لفتاهُ لا أبرحُ حتى أبلغ مجمعَ البحرين ِ أوْ أمضيَ حقبا » قال : وكانَ سببُ ذلكَ أنهُ لما كلم اللهُ موسى تكليما ً وأنزلَ اللهُ عليه الألواحَ وفيها كما قال الله : « وكتبنا لهُ في الألواح مِـنْ كلّ شيء موعظة ً وتفصيلا ً لكل شيء » ... رجعَ موسى إلى بني إسرائيلَ فصعدَ المنبرَ فأخبرهم أنّ اللهَ قدْ أنزلَ عليهِ التوراة َ وكلمَهُ ، قالَ في نفسهِ : مَا خلقَ اللهُ خلقا ً أعلمَ مني فأوحى اللهُ إلى جبريلَ أنْ أدركْ موسى فقدْ هلكَ ، وأعلمهُ انّ عندّ ملتقى البحرين ِ ، عندَ الصخرة ِ رجلٌ أعلم منك فصِـرْ إليهِ وتعلمْ مِـنْ علمه !.. فنزلَ جبريلُ على موسى عليه السلام وأخبرهُ فذلّ موسى في نفسهِ ، وعلمَ أنه أخطأ َ ، ودخلهُ الرعبُ ، وقالَ لوصيّـه يوشع : إن اللهَ قد أمرني أنْ أتبعَ رجلا ً عندَ ملتقى البحرين وأتعلم منه ، فتزود يوشع حوتا ً مملوحا ً وخرجا ، فلما خرجا وبلغا ذلك المكان وجدا رجلا مستلقيا على قفاه فلمْ يعرفاه ، فأخرجَ وصيّ موسى الحوت َ وغسلهُ بالماء ووضعه على الصخرة ومضيا ونسيا الحوت ، وكان ذلك الماءُ ماءَ الحيوان فحييَ الحوتُ ودخلَ في الماء ، فمضى مـــوسى عليه السلام ويوشع معهُ حتى عييا ، فقال لوصيه : « آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا » .. أيْ عناء ، فذكر وصيه السمكة فقال لموسى : إني نسيتُ الحوتَ على الصخرة ، فقال موسى : ذلك الرجل الذي رأيناه عند الصخرة هو الذي نريده . فرجَعَـا على آثارهما قصصا إلى عند الرجل وهوَ في الصلاة ، فقعدَ مُوسى حتى فرغ عن الصلاة ، فسلم عليه موسى فأنكر السلام إذ ْ كانَ بأرض ٍ ليسَ بها سلام . فقالَ : منْ أنت ؟ قال : أنا موسى بن عمران ، قـــال : أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما ؟ قال : نعم . قال : فما حاجتك ؟ قال : جئت لتعلمني مما عُلمت رشدا . قال : إني وكلتُ بأمر ٍ لا تطيقه ، ووكلت ـ بأمر لا أطيقه - ، ثمّ حدثه العالم بما يصيب آل محمد من البلاء حتى اشتد بكاؤهما ، ثم حدثه عن فضل آل محمد حتى جعلَ موسى يقولُ : يا ليتني كنتُ من آل محمد ، وحتى ذكر فــُـلانا وفلانا ومبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه ، وما يلقى منهم ومن تكذيبهم إياه ، وذكر له تأويل هذه الآية : « ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة » حين أخذ الميثاق عليهم . فقال له موسى : « هل أتبعك على أن تعلمن ِ مما عُلمت رشدا » .. فقال الخضر : « إنك لنْ تستطيعَ معي صبرا ، وكيف تصبرُ على ما لمْ تحط به خبرا » .. فقال موسى : ( ستجدني إنْ شاءَ اللهُ صَـابرا ً ولا أعصي لك أمرا ) .. يقول : لا تسالني عن شيء أفعله ولا تنكرهُ عليّ حتى أخبركَ أنا بخبره ، قالَ : نعمْ .. فمروا ثلاثتهم حتى انتهوا إلى ساحل البحر ، وقد شحنت سفينة وهي تريد أن تعبر ، فقال أرباب السفينة : نحمل هؤلاء الثلاثة نفر فإنهم قوم صالحون . فحملوهم فلما جنحت السفينة فـي البحر قام الخضر إلى جوانب السفينة فكسرها وحاشاها بالخرق والطين ، فغضبَ مُوسى عليه السلام غضبا ً شديدا ً ، وقالَ للخضر : (( أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا )).. فقال له الخضر : « ألم أقل لكَ إنك لنْ تستطيعَ معي صبرا » .. قالَ موسى : « لا تؤاخذني بما نسيتُ ولا ترهقني من أمري عسرا » ... فخرجوا من السفينة فنظرَ الخضرُ إلى غلام ٍ يلعبُ بينَ الصبيان حَسَن الوجهِ كأنهُ قطعة ُ قمر ، وفي أذنيه درتان ، فتأمله الخضرُ ثم أخذهُ وقتله ، فوثب موسى إلى الخضر وجلدَ بهِ الارضَ ، فقال : « أقتلت نفسا ً زكية ً بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا » .. فقالَ الخضر لهُ : (( ألمْ أقلْ لكَ إنكَ لنْ تستطيعَ معي صبرا )) قال موسى : (( إنْ سألتك عن شيءٍ بعدها فلا تصاحبني قدْ بلغتَ مِـنْ لدني عذرا )) فانطلقا حتى إذا أتيا بالعشي قرية ً تسمى الناصرة وإليها تنسبُ النصارى ، ولمْ يُضيفوا أحدا ً قط ْ ولمْ يُطعموا غريبا ً، فاستطعموهم فلمْ يُطعموهم ولم يُضيفوهم ، فنظرَ الخضرُ عليهِ السلامُ إلى حائط ٍ قدْ زالَ لينهدم ، فوضعَ الخضرُ يدهُ عليه ، وقال : قمْ بإذن اللهِ فقامَ ، فقال موسى عليه السلام : لمْ ينبغ ِ أن تقيم الدار حتى يطعمونا ويؤوونا وهو قوله : (( قال لو شئت لتخذت عليه اجراس )) ، فقال له الخضر عليه السلام : (( هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل مَا لمْ تستطعْ عليهِ صبرا )) .. أمّـا السفينة التي فعلت بها ما فعلت فإنها كانتْ لقوم مساكين يعملون في البحر فأردتُ أنْ أعيبها وكانَ وراءَ السفينةِ ملكٌ يأخذ كلّ سفينة ٍ صالحة ٍ غصبا ، وإذا كانت السفينة معيوبة لمْ يأخذ منها شيئا ! وأما الغلام الذي قتلته ، كان أبواه مؤمنين وهو كافر ، لأنني رأيت على جبينه مكتوبا ً « هذا كافر » فخشيتُ أنْ يُتعبَ أبويه ويُسببَ لهما سوءا ً وانحرافات ٍ وآلام ٍ لهمْ ولبقية الناس ِ في المستقبل . وقد أبدلهما اللهُ بهِ جارية ً ولدتْ لهم سبعينَ نبيا !.. وأماالجدارُ الذي أقمته ، لقد أمرني الله ببنائه بسبب جميل وإحسان أبوي هذين اليتيمين حيث كان تحته كنز ، وخفت أن ينكشفَ ويكونَ معرضا ً للخطر . كانت هذه الأعمالُ من الخضرحسبَ مُخطط وتوجيه من قبل الله تعالى وبأمر منه ، وذلك سرّ ما لم يستطعْ موسى عليه السلام صبرا ً عليه ! ( منقول )
قوانين المنتدى