حين أعلنت الاتصالات - قبل سنوات - عن عشرة آلاف ريال سعودي قيمة لشريحة الهاتف الجوال ، وحين اكتشفت أنها لن تخسر ، وعدتنا أن تعطينا بقيمة العشرة شريحتين حتى تحتفظ بالنقود في خزينتها، ثم عرفنا أنها راحت علينا بخسارة حين وصلت أسعار الشريحة ثلاثة آلاف ونصف، ثم صارت بدون رسوم، فقلنا في سرنا: إنها قيم التجارة التي تحب الربح وتكره الخسارة ، وصبرنا والصبر مفتاح كل مشكلة عويصة ، حين صارت تتفنن في سحب نقودنا بدفع تكلفة رقم اضافي هي التي اقترحته من أجل مد نفوذها التوسعي ، مما جعل رقم جوالنا أطول من رقم مكالمة للفلبين ، لكن المفاجأة اليوم التي أعلنتها بشجاعة، شركة الاتصالات ، أنها سوف تقوم بدور المصلح الاجتماعي ، وتمنع مشاركات الشباب السعودي في برنامج ستار أكاديمي بمنع رسائل sms من التصويت للمشارك السعودي ، لأنها تعتبر أن هذا البرنامج مخالف للقيم والعادات ، وهكذا فإننا سنكتشف أن الشركات الربحية تساهم مع غيرها في بلادنا للقيام بدور المربي ، فوزارة التجارة تحدد شكل العباءات وطولها ، والاتصالات تمنع المكالمات ، والبلديات ، والمرور، والمعسكرات الصيفية ، وأجهزة الرقابة الأخرى تراقب ، وتستغرب إذا كان كل هذه المؤسسات تساهم معنا في تربية أبنائنا، لماذا يفور مجتمعنا بكل هذه الترهات لشبابنا ، ولماذا نجد معظم المراهقين السعوديين وربما الشباب السعودي مقارنة بدول الخليج ، هم الأكثر مشاكسة ، والأكثر عنادا، وكسرا للقوانين ، وقلة في التهذيب ، وكلما طرحنا مشروعا تطويريا قالوا لنا: " ما يصلح عندنا شباب مهبل "! لماذا سياحنا السعوديون هم الأشهر خليجيا بقلب شوارع السياحة العربية، والغربية وأكثرهم ضجيجا؟! ، ولماذا نذهب بعيدا ، افتح الفضائيات وراقب خروج بعض مكالمات الشباب السعودي عن النص المهذب . لتكتشف أننا نعيش أزمة تربية حقيقية ، داخل مجتمعنا . فأين تذهب جهود كل المؤسسات التي تساهم معنا في التربية، لماذا لا تأمن المرأة في سيارتها من أن تسمع كلمات بذيئة ، من شاب يصف سيارته بجانبها، رغم أنه لا يراها لكنه يعرف أن في السيارة المجاورة نساء ؟، لماذا يصادف رجل يقف في محطة البنزين مراهقا يرمي سيارته ببيضة فاسدة دون سابق معرفة ؟، ولماذا كل هذا المرح، والصراخ ، المبالغ فيه عند كل مناسبة تلتقي بها بتجمع شباب سعودي؟. وربما أنني لا أبالغ إن قلت إن فئة الشباب التي اعنيها قد تبدأ من الثانية عشرة حتى الاربعين . الأهالي يتهمون المدارس بتقصيرها في التربية ، والمدارس تتهم الأهالي ، والأهالي والمدارس يتهمون الفضائيات ، والفضائيات تتهم الشوارع والأهالي ، والنتيجة أن كلا يتهرب من دوره في التربية، لهذا فإن الاتصالات غير ملومة حين تقرر هي أن تربي بدلا منا أبناءنا ، هي محقة لأننا كلنا نحتاج إلى تربية ، وعليه فإننا سنظل مرة أخرى مجتمعاً ، "مراهقاً حتى ولو في الخمسين"، طالما أن الوصاية عليه دور يحب الجميع أن يلعبه .

بدرية البشر

==================================

أعرف أنه سيطلع علي من يؤيد من هذا الأسلوب في الوصاية ..

وقد يكون هذا جيدا .. حتى نتمكن من مناقشة الموضوع وتفنيد حجج هذه الوصاية ..

تحياتي