لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: مبتعث مابين الجنة والنار ..

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية حـــذيفــة
    تاريخ التسجيل
    06 2008
    المشاركات
    6,188

    U03 مبتعث مابين الجنة والنار ..

    خالد طفل ولد في ظروف والده العسِرة , الذي كان حارساً في صحيّة القرية , يتقاضى راتباً ليس بالكافي , فـ فكّر والده في أن يبدأ أعمال تجارية حرة , يصرف بها على بيته الكبير الذي يحوي أغلى ما كان يعتز به , إبنه الوسيم ذو الذكاء الفطري الذي أبهر الجميع في حل مسائل الرياضيات وبراعته في العلوم وفهمه لأشياء تصعب على الشاب اليافع .

    خالد الذكر الوحيد بين 7 إناث , كان يذهب كل صباح إلى بيت الجيران يلعب ويرتع , بينما والده يعمل صبح مساء كي يجعل من عائلته كتلك العائلات المجاورة التي تستمتع بالحلال وجديد اللبس وحسن المظهر , وما إن كبُر خالد حتى جاء موعد المدرسة .

    كان الأطفال يبكون في أول أيامهم الدراسية كعادتهم , وخالد يذهب للمدرسة مفعماً بالحيوية والنشاط تعلو محياه الإبتسامة , في شنطته قطعة خبز محشية , ومشروبه الطازج , الذي أعدته له أمه في البيت , فأعجب كل المعلمين بروعة حضور خالد وعقله المتفتّح وجعبته الممتلئة بالأفكار , وروحه المرحة , فكان يرتقي خشبة المسرح ويلقي القصائد التي يحفظها لأحمد شوقي وابن زيدون , ومرة يتلو القرآن وهكذا أصبح خالد مشروعاً دراسياً ناجحاً يسجل علامة الإمتياز في كل سنة حتى انتهى من المرحلة الثانوية .

    حين انتهاء خالد من المرحلة الثانوية , كان والده قد أصبح أحد أكبر تجّار البلد , فقرر والده أن يرسله في بعثة دراسية إلى الصين , آملاً أن يجعل من ولده بطلاً ينظر له الجميع كمثال للنجاح والتربية الحسنة , فسافر خالد محمّلاً بدعوات والديه ورضاهما عليه , وراحَ يطلب العلم في أقصى الأرض , كل همّه إرضاء ربه ووالديه .

    خلال دراسته التقى خالد عدداً كبيراً من الوجوه السيئة والحسنة , فاجتنب أولئك وشرهم واستزاد من حُسن هؤلا وصاحبهم , وكما هو خالد ناجح في حياته حتى في الجزء الآخر من العالم , فاغتر خالد وأحب الحياة , وأقبَل عليها وبدأ قلبه ينسى ربّه الذي جعل له كل هذا , حين التقى بفتاة جعلت من قلبه متصلباً تجاهها , وجفى في وصال أهله الذين ينتظرونه بفارغ الصبر أن يعود إليهم محمّلاً بالشهادة العليا التي تجعله يرتقي المناصب ويفتح للعائلة باباً تستنشق منه الشرف والسيرة الحسنة .

    وغدا الجميع حيارى لا يعلمون ما أخباره ولا يستطيعون إليه سبيلا - الأم دموعها أنهار , والأب احدودب ظهره مستسلماً للكِبر .ولا أحد يرعى شؤون أخواته , بينما خالد هائم في عشقه الأفلاطوني كلما مر طيف قريته في شريط ذكرياته , بانت له تلك الحسناء تتغنّج وتلعب فينساهم مرة أخرى .

    ومرّت الأيام والسنون وخالد ناجح في دنياه , ناسٍ لأُخراه .

    وذات صباح استيقظ خالد متعباً عابس الوجه كريه الرائحة , قوارير البيرة حول السرير قد شرب منها الليلة الماضية حد السكر فبدأ الشعور يعود إليه وأخذ عقله يتدبّر حاله , وضميره يصحو .

    قال خالد لنفسه : يوم الحصاد غداً فما العمل ياترى .
    إمّا ... ! . ! - وسكت لحظة - .
    عاد به شريط الذاكرة 5 سنين للوراء .

    عاد مرة أخرى وقال إمّا للجنة وإما إلى النار .

    فارتبك خالد وارتجّ قلبه , وخاف ! وقال يارب هل كنت في عالم آخر ؟ أين كنت يارب ؟

    وكثُرت الإستفهامات في رأسه .

    يارب ! يارب !

    وبقي ينادي ربّه , لا يعلم مالذي كان يحدث .

    تذكّر خالد هذه الموعظة , حينما كان يقول له والده :

    ياولدي النجاح نجاح الآخرة مالدنيا إلى مرحلة , ياولدي إسمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم

    «مالي وللدنيا!؟ ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظلّ تحت شجرة ساعةً من نهار، ثم راح وتركها».

    فنهض خالد , واستغفر الله , ونفض عنه كل وجوه الفساد , وأعاد على جسده رداءه المسلم , وخرج يقصد المسجد , لكنه لا يعلم أين هو ! قال لنفسه رب اغفر لي وسامحني ياسبحانك يا ألله : 5 سنين لا أعلم أين المسجد !

    وصل المسجد , فكبّر ودخل في الصف : فصدح صوت الحق منادياً :

    ‏فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا‏‏فَفِي النَّارِ‏‏لَهُمْ فِيهَا‏ ‏‏زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ‏ خَالِدِينَ فِيهَا‏ ‏مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ‏إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * ‏‏وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا‏‏‏فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السماوات
    وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ‏‏‏عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ‏‏ ).

    فبكى وكثُر بكائه حتى تعجّب الناس له .

    وبعد الصلاة , حمل خالد نفسه , يجهّز حقيبته للسفر , بعد أن ينتهي من إمتحانه الدنيوي , ونجح خالد وعاد محمّلاً بالشهادة
    وصدح المنادي في القرية : عاد خالد عاد خالد . فاستبشر الأهل ونسوا حزنهم وفرح الأب وكفت الأم دموعها , وعادت حياتهم كجمالها الذي كانت عليه قبل سفر خالد .


    حذيفة مدخلي
    3-7-1430هـ
    26-6-2009م
    مانتشستر
    التعديل الأخير تم بواسطة حـــذيفــة ; 26 -06- 2009 الساعة 02:22 AM


    يا حلوَتي ما كان بُعدٌ بيننا إلا رأيتــُكِ صابرة
    مالــي أرى بمسائنا هــذا عيونــكِ حائــرة ؟
    لابدُّ أنـّكِ قد علمتِ بقصتي,
    لا تقلقي لا تقلقي
    إني أعود,
    كفي البكاءَ ..
    عزيزتي لندنيتا
    ..

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مدن الأحزان
    رئيس رابطة جمهور اي سي ميلان
    تاريخ التسجيل
    08 2008
    المشاركات
    1,015

    رد: مبتعث مابين الجنة والنار ..

    شكرا لك على إتحافنا بهذه القصة الموجهة التي تحمل بين جنباتها الموعظة

    ليس المهم النجاح وكذلك ليس الوقوع في الخطأ نهاية المطاف

    إنما النجاح بحاجة إلى أن يكون ملازم للدين

    والعودة للصواب دليل على النجاح

    شكرا لك مرة أخرى

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية حـــذيفــة
    تاريخ التسجيل
    06 2008
    المشاركات
    6,188

    رد: مبتعث مابين الجنة والنار ..

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدن الأحزان مشاهدة المشاركة
    شكرا لك على إتحافنا بهذه القصة الموجهة التي تحمل بين جنباتها الموعظة

    ليس المهم النجاح وكذلك ليس الوقوع في الخطأ نهاية المطاف

    إنما النجاح بحاجة إلى أن يكون ملازم للدين

    والعودة للصواب دليل على النجاح

    شكرا لك مرة أخرى

    طاب خاطري بحضورك المضيء سيدي

    بذرة الإيمان لا تموت أبداً , والخير يهجع حتى سنين لكنه يعود

    تحية برقتك أخي مدن الأحزان .


    يا حلوَتي ما كان بُعدٌ بيننا إلا رأيتــُكِ صابرة
    مالــي أرى بمسائنا هــذا عيونــكِ حائــرة ؟
    لابدُّ أنـّكِ قد علمتِ بقصتي,
    لا تقلقي لا تقلقي
    إني أعود,
    كفي البكاءَ ..
    عزيزتي لندنيتا
    ..

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية عجاج الليل

    طـيــر شــلوى

    أبـوريـاض
    تاريخ التسجيل
    10 2007
    الدولة
    بين المسافي والخبوت
    المشاركات
    14,557

    رد: مبتعث مابين الجنة والنار ..

    لنشأته دور في عودته الى جادة الصواب

    ليس عيباً أن نخطي ولكن العيب أن نتمادى في الخطأ.

    شكراً مشرفنا المبدع


    مراسلنا في بلاد......... نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    سلمت الأنامــل

    لا خلا ولا عدم

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية حـــذيفــة
    تاريخ التسجيل
    06 2008
    المشاركات
    6,188

    رد: مبتعث مابين الجنة والنار ..

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عجاج الليل مشاهدة المشاركة
    لنشأته دور في عودته الى جادة الصواب

    ليس عيباً أن نخطي ولكن العيب أن نتمادى في الخطأ.

    شكراً مشرفنا المبدع

    مراسلنا في بلاد......... نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    صدقت عزيزي عجاج الليل .

    شكراً لك أبو رياض

    وأسأل الله أن يديمك هنا .


    يا حلوَتي ما كان بُعدٌ بيننا إلا رأيتــُكِ صابرة
    مالــي أرى بمسائنا هــذا عيونــكِ حائــرة ؟
    لابدُّ أنـّكِ قد علمتِ بقصتي,
    لا تقلقي لا تقلقي
    إني أعود,
    كفي البكاءَ ..
    عزيزتي لندنيتا
    ..

  6. #6
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية نقاءُ المَطر
    تاريخ التسجيل
    03 2009
    الدولة
    بَيِنَ أصَابِعهِ أتَمَطِّىْ ،
    المشاركات
    1,471

    رد: مبتعث مابين الجنة والنار ..

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    \
    هُنالكَ مَوجاتّ [ لا إنتَمائيهَ ] قَد تُصيبُ ألذاتَ بـِ لحظةِ ضُعفَ
    لـِ مُلهياتُ ألحياةَ فَ تَجَعلهُ ينسلخُ مِنهاَ لـِ يتَقمصُ جسدهَ بعضَ
    منَ مَلامحَ ذاتِ أُخرىَ لاَ تُشبههُ تَماماً لـِ يُزاولَ بهاَ تَلكَ ألمُغرياتَ
    لـِ أشباعَ رغباتَ تقبعُ وسطَ نفسهَ بـِ كُلِ لذةُ مُتناسياُ أموراً كثيرهَ
    فيَ حياتهَ ولاَ يَفقَ ألا مُتاخراّ .. نَحَنُ نَضلُ بشرَ والخَطأ مناَ
    واردَ ولكنً خيرُناَ منْ أعترفً بذلكْ وَرجعَ ألىَ صوابهِ قبلَ
    أن يَعفصُ ألزمنُ وجههُ لـِ يبصُقَ عليهْ و يُسحقَهُ كُلياَ
    فَ لا يبقىَ منهُ ألا رُفاتَ ..\’,
    \
    \\ أخيَ حُذيفه ~\\
    \
    أحرُفَ رائعهً جّداً يتجلىَ بـِ جوُفهاَ تَذكيرَ وتنبيهً
    للعقلَ والروحَ لـِ أخذ ألعظهَ والعبرهَ ..\,’

    ,

  7. #7
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية بنت المدخلي
    تاريخ التسجيل
    10 2005
    العمر
    39
    المشاركات
    2,158

    رد: مبتعث مابين الجنة والنار ..


    :

    تدارك نفسه قبل أن تبتلعه الموجة الأخيرة ولا عودة بعدها ..!!


    حذيفه قلمك يستحق المتابعة ..نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    :

    إذا تم العقل نقص الكلام *


  8. #8
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية عبدالله الحلوي
    قبس المنتدى
    تاريخ التسجيل
    10 2003
    الدولة
    النون ..
    المشاركات
    7,449

    رد: مبتعث مابين الجنة والنار ..

    متمكن ومبدع في كل مكان ..


    قرأت واستمتعت بقصة تحكي واقع قد يعتبره البعض مجرد مزوح عاطفي ..
    ولكنني اراه اصلاً طيباً لا ينبت الا طيباً ..


    حذيفة /

    تقبل جل الود ..

    مع حبي
    القبس

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •