الـــــــسلام عليكـــــم ورحــــمة الله وبركاتـــــــــة
***عندما تعمى القلوب***
تنتكس الفطرة فتتبدل الحقائق ويطيش ميزان العقل ، فيضل الإنسان ويشقى وإن كان يلبس أجمل الحلل ويسكن أفضل الفلل ، ويعتلي أبهى المراكب .
***وعندما تعمى القلوب***
يتبدل الإحساس وتجمد المشاعر ويموت الضمير ويصبح المنكر معروفا والمعروف منكرا ، قال تعالى (( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا )) فاطر : 8 .
***وعندما تعمى القلوب***
يموت الإنسان وإن كان حيا يرزق ويندثر ذكره وإن كان في الخضم والمعمعة ، ويصغر عند الله وإن كان في أعين الخلق كبيرا وإن انتفخت أوداجه وعلا سلطانه إلا أن الذلة لا تفارق محياه والصَغار لا يفارق عيناه ، قال تعالى (( ومن يهن الله فما له من مكرم )) الحج : 18 .
***وعندما تعمى القلوب ***
يصبح الحق باطلا والباطل حقا ويصبح الأمين خائنا والخائن مؤتمنا ، ويصبح لسان الحال (( أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض )) الأعراف : 127 ، إنه العمى والضلال .
***وعندما تعمى القلوب***
تضيع الأمة في بيداء الخذلان ولا تخرج منها إلا إلى قبرها ، وتصبح قصعة تتخطفها الأيادي الآثمة من كل حدب وصوب ، وتموت تلك القلوب ولا تحرك ساكنا وتصبح جلمودا من الصخر وقطعة من الحديد ، بل قل أشد من الحديد وأقسى من الحجر ، وصدق الله حين قال (( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة )) البقرة : 74 .
وهكذا هي القلوب عندما تعمى بصائرها ، وتخنس ضمائرها وتطفأ أنوارها (( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )) الحج : 46 .
*** وعندما تبصر القلوب ***
عندما تبصر القلوب ينجلي ظلامها ويوقد سراجها وتقبل إلى بارئها ، وتخنس شياطينها فتشرق وتضيء وتتوهج ويسري نورها إلى حيث شاء الله (( أوَ من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس )) الأنعام : 122 .
وتلين تلك القلوب بعد قسوة ، وتذوب بعد جمود ، وبعد أن كانت لا تعرف إلا العصيان أصبحت منبع الإيمان والعطف والحنان ، وفي هذا الوقت بالذات أصبحت تلك القلوب التي يحبها الله ويجلها الناس ، وتستحق ذلك الوسام الغالي والشرف العالي (( إلا من أتى الله بقلب سليم )) الشعراء : 89