حديث أول ما دخل النقص على بني إسرائيل
وقال -صلى الله عليه وسلم-: أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى أخاه فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع؛ فإنه لا يحل لك. ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض. ثم قال: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إلى قوله: وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ .
هذا هو النص الثاني من النصوص التي ذكرها في القسم الأول، وهو الأمر بلزوم الجماعة والسنة، والتحذير من البدع، وسرد المؤلف -رحمه الله- آثارا كثيرة، نصوص، ما بين نص وأثر عن الصحابة والتابعين، قلت لكم بالأمس إنها تزيد على ثلاثمائة، وهي عددها رقم: 232 اثنين وثلاثين ومائتين نص ما بين حديث وبين أثر كما هو مرقم، هذا النص الثاني -كما رقم المحقق- هذا الحديث:
أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى أخاه فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع؛ فإنه لا يحل لك. ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك من أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض. ثم قال: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ .
هذا الحديث في سنده انقطاع، هو منقطع، رواه أبو داود -وذكر المحقق- في سننه، والترمذي في باب التفسير، وضعفه الشيخ ناصر الدين الألباني، ورواه ابن وضاح في البدع والنهي عنها، لكن الحديث له شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن لغيره، هو يكون حسنا، والآية كافية في هذا، وهي قول الله -عز وجل-:
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ونصوص تدل على أنه لا يجوز لمسلم أن يجالس العاصي والمبتدع، ويكون أكيله وشريبه وهو على معصية إلا مع الإنكار عليه، فينكر عليه أولا، فإن ارتدع وإلا فليهجره، ولا يجالسه ولا يؤاكله ولا يشاربه، إلا إذا كان الهجر يزيده شرا -كما سبق- فإنه يستمر في نصيحته.
ولهذا في هذا الحديث: أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى أخاه يقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع -يعني من المعاصي- فإنه لا يحل لك - ينهاه عن المعصية -، ثم يلقاه من الغد فلا يهجره، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده -أن يأكل معه ويشرب معه ويجلس معه، ما كأنه عصى الله -.
فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم لعنهم على ألسن أنبيائهم، ثم قال: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ والآية كافية.
فالله تعالى قص علينا خبرهم لنعتبر ولننزجر؛ لئلا نفعل مثل فعلهم، فيصيبنا ما أصابهم، كما قال بعض السلف: مضى القوم ولم ++ سواهم، فالله تعالى حينما قص علينا خبر بني إسرائيل، وأنهم لعنوا على ألسن أنبيائهم، بين السبب أنهم لا يتناهون عن منكر فعلوه، فهذا فيه تحذير لنا، تحذير لنا من أن نفعل فعلهم فيصيبنا ما أصابهم.
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ فالله تعالى لعنهم على ألسن أنبيائهم بسبب أي شيء؟ أنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، وهذه الأمة إذا كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه؛ فالذي لا ينهى عن المنكرات يصيبه ما أصاب بني إسرائيل، فهذا ليس خاصا ببني إسرائيل، الله ذكر ذلك لنا لنحذر من صفاتهم؛ حتى لا يصيبنا ما أصابهم.
فالواجب على المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر على قدر استطاعته، باللين والرفق والحكمة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم عن أبي سعيد: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان .
تنكر باللين والرفق، باليد إذا كنت تستطيع، كنت أميرا أو لك سلطة مثل رجال الحسبة، على قدر صلاحياتهم، تنكر بيدك، فإن عجزت تنكر باللسان والبيان والإيضاح، فإن عجزت تنكر بالقلب، مع ظهور علامات الإنكار على الوجه، والبعد عن مجالستهم، الإنكار بالقلب أن تظهر علامات الكراهة على وجهك، وأن تفارق المجلس الذي يُعصى الله فيه، لا بد من هذا، فإذا فعل الإنسان ذلك أنكر المنكر وبرئ.
لكن من رضي وتابع كما جاء في الحديث الآخر: يكون فيكم أمراء تعرفون وتنكرون فمن أنكر فقد برئ ولكن من رضي وتابع، من رضي وتابع فإنه يصيبه ما أصابهم، ويشمله الإثم، فكذلك هنا ينبغي للإنسان أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
ومن ذلك: أهل البدع، أهل البدع في الأسماء والصفات ينكر عليهم، الأشاعرة والمعتزلة والجهمية، ينكر عليهم، ويبين لهم الحق، وينهاهم عن بدعتهم، فإن استمروا على بدعتهم يهجرهم، ولا يجالسهم، ولا يأكل معهم، يعني لا يكون أكيل جهمي ولا معتزلي ولا أشعري إلا إذا تاب. نعم.