صدر كتاب عقيدة العالم الجديد عن دار هنتنجتون هاوس ببليشرز في عام 1999م لمؤلفه قاري هكا الذي ينحدر من أصول ألمانية وكرواتية، انتقلت أسرته إلي أمريكا في الخمسينيات من القرن المنصرم، ويعد كتابه عقيدة العالم الجديد من الكتب التي لقيت رواجاً وانتشارا.
مدخل: لماذا ألف هذا الكتاب وما أهميته؟
ألف هذا الكتاب للتنبيه على الخطر المتزايد للأمم المتحدة، ففي كل عام يتم التصديق على عدد من الاتفاقيات الدولية، الأمر الذي يعطي الأمم المتحدة سيطرة مباشرة على الأنظمة القطرية والإقليمية بل حتى على مستوى الأفراد؛ ذلك أن تنامي قوة الأمم المتحدة سيؤثر على كل فرد في المعمورة؛ سيما وقد اقترحت الأمم المتحدة فرض ضريبة دخل عالمية على كل شخص في هذه المعمورة حتى تضمن استقلالها من مساهمات الدول في ميزانيتها، و الخطر الأكبر الذي يحذر منه هذا الكتاب ( والذي لا يدركه الكثيرون) يتمثل في أن الأمم المتحدة ليست أداة لتمكين النظام العالمي الجديد فحسب بل أداة لتوطين العقيدة العالمية الجديدة، العقيدة التي ترى أنها توافق روح العصر و تواكب مستجدات الفكر.
أما أهمية هذا الكتاب فيمكن تلخيصها في ثلاثة نقاط:
أولها: أنه عمل على فضح:
• الدوافع العقدية التي تحرك مسئولي الأمم المتحدة
• الخطط المتبعة لتمرير أجندة النظام العقدي الجديد
• الدوافع الحقيقية لحركة "إصحاح البيئة" التي يقودها ميخائل غورباتشوف.
• الأجندة السرية للسلم التعليمي الجوهري العالمي الذي تتبناه الأمم المتحدة
• مخططات الحركات الباطنية والسرية لهدم العقيدة الصحيحة.
ثانيها: أن كاتبه أمريكي، كان له منصب مرموق في الحكومة الأمريكية، وكان عضواً في اتحاد البرلمانات والدساتير العالمي، فاضطر للاستقالة منهما حتى يكشف المخطط.
ثالثهما: أن عظم خطر هذه المؤسسة (الأمم المتحدة) على واقعنا السياسي والاجتماعي وتداعيات ذلك على مستقبلنا، يحتم علينا أن نرصد تحركاتها ونستقرئ أفكارها لنواجهها بما يضعف أثرها ويدفع شرها ويزيل خطرها.
عرض موجز لفصول الكتاب:
جاء الكتاب بملاحقه وفهارسه في 330 صفحة من القطع المتوسط، واشتملت أبوابه على العناوين التالية: مقدمة، وضع الأساس، كشف الخطة، تقديم الباطنية كعلم، الباطنية والطب، في اتجاه توحيد العالم، الأجندة البيئية، تشكيل مواطني العالم، النظام العقدي الجديد، عبور العتبة.
كما حوى أحد عشر ملحقاً في أحدى وستين صفحة.
أولا:كيف تكونت الأمم المتحدة؟
عندما شارفت الحرب العالمية الأولى على نهايتها حاول الرئيس ويلسون، و كولونيل هاوس إنشاء نواة لنظام عالمي دبلوماسي فكانت فكرة رابطة الأمم، وبالرغم من أن الرئيس ويلسون وُصِف بأنه المخطط الرئيس لرابطة الأمم، إلا أنه –وللدهشة الشديدة- لم يتمكن من إقناع ممثلي شعبه وأعضاء الكونغرس بالانضمام لها، شكل هذا الإخفاق نكسة كبيرة في الحركة نحو الحكومة العالمية، غير أن حملة رايتها تعلموا درساً ثميناً مفاده أن تخطيطهم يجب أن لا يستهين بالمعارضين وان يعمل على تشكيل قنطرة يمرر عبرها مخططاته في أمان ، فكان تشكيل مجلس العلاقات الخارجية الذي بدأ التفكير في إنشائه في عام 1919م و أعلن عنه رسمياً في 29/6/1921م، والذي ضم شخصيات ماسونية معروفة تحظى برضا وقبول " آل روتشيلد"، وتم تمويله من قبل نفس الشخصيات التي مولت نظام الاحتياط الفدرالي، وحسب إفادات عضو الكونغرس ريتشارد أُوتِنغر رئيس لجنة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة فقد تم بذر بذرة الأمم المتحدة بعد أسبوعين فقط من معركة بيرل هاربر في مكتب الوزير كوردل هَل الذي كتب خطاباً للرئيس روزفلت اقترح فيه تكوين لجنة رئاسية للعلاقات الخارجية لما بعد الحرب، وبالفعل تم تشكيل لجنة من 14 شخصاً عشرة منهم من أعضاء مجلس العلاقات الخارجية، والأربعة الآخرون تحت سيطرته، وفي عام 1945 انعقد المؤتمر التأسيسي للأمم المتحدة وكان وفد الولايات المتحدة الأمريكية يضم 47 عضوا من مجلس العلاقات الخارجية.
عبر السنوات لم تتخل الأمم المتحدة عن محاولات فرض نظام أخلاقي عقدي عالمي منذ إنشائها وإلى اليوم، غير أن عقبات كثيرة كانت تحول دون المضي قدماً في شأنه أهمها الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، لكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لم يبق أمام الولايات المتحدة عائق يحول دون تمرير أجندتها العالمية، فتسارعت خطواتها وتواصلت برامجها وتواترت تصريحاتها كاشفة نواياهم في إقرار هذا النظام العالمي.
ثانياً: الأمم المتحدة والنظام العقدي الجديد
إن المتأمل لمقررات صناديق الأمم المتحدة المتعددة ومفوضياتها المختلفة يستبين له بوضوح أن هناك سعياً حثيثاً لإنشاء نظام عقدي عالمي جديد، وقد تجاوز هذا النظام طور العمل في الخفاء و بلغ طور العمل المعلن وتعددت تصريحات بعض مسئولي الأمم المتحدة بشأنه، يقول روبرت مولر (Robert Muller) الذي عمل في الأمم المتحدة لمدة 38 عاماً، تدرج خلالها في مناصب عديدة ، وكان مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة وعاصر ثلاثة من أهم أمناء الأمم المتحدة هم: يو ثان، كورت فالدهايم، جافير بريز ديكويلار، و لٌقِّب "بالفيلسوف" و"رسول الأمل"، يقول: ( لقد بدأت أعتقد جازماً أن مستقبل سلامنا وعدالتنا وتجانسنا في هذا الكوكب لن يكون رهناً بحكومة عالمية بل بوحي كوني وحكومة كونية بمعنى أننا نحتاج إلى تطبيق قوانين طبيعية تطورية استلهامية كونية، إن معظم هذه القوانين موجودة في الديانات الكبيرة والنبؤات العظيمة وسيعاد اكتشافها رويداً رويداً عبر المنظمات العالمية) ، ويقول: ( لن تستطيع قوة بشرية أن تقضي على الأمم المتحدة، لأن الأمم المتحدة ليست مجرد مباني أو أفكار، ليست مخلوقاً من صنع البشر، إن الأمم المتحدة هي نور الهداية القادم من العالي المطلق،... إن العالي المطلق سيقرع أجراس انتصاره في الأرض عبر القلب المحب المعِوان للأمم المتحدة).
وفي برلمان الأديان العالمية الذي عقد في مدينة شيكاغو الأمريكية في الفترة من 28/8 إلى 5/9 1993م، قدم هانز كنج Hans Kung ورقة بعنوان (نحو عقيدة عالمية: إعلان مبدئي)، تحولت هذه الورقة إلى كتاب صدر عام 1991م بعنوان (المسؤوليات الكونية: البحث عن عقيدة عالمية)، ذكر فيه هانز أن التحول نحو هذه العقيدة لن يكون اختيارياً، قالدعونا نقولها بصراحة: لا بقاء لأي عقيدة رجعية كبتية –سواء كانت المسيحية أو الإسلام أو اليهودية أو نحوها-في المستقبل، إذا كان المقصود من العقائد هو ازدهار الجميع فيجب أن لا تٌقسَّم، إن رجل ما بعد الحداثة وامرأة ما بعد الحداثة يحتاجان إلى قيم وأهداف وقدوات وتصورات مشتركة والسؤال مثار الخلاف هو ألا تفرض هذه الأشياء عقيدة جديدة، إن ما نحتاجه نحن هو نظام عقدي عالمي).
إن الأمم المتحدة تسعى جاهدة لإقرار هذا النظام العقدي الجديد، الذي ترى أنه ضرورة حتمية لإكمال مسيرة التطور البشري، ورسالة سيباركها الأنبياء لو عادوا للحياة، يقول روبرت مولرإذا عاد المسيح مرة أخرى إلى الأرض، ستكون زيارته الأولى للأمم المتحدة، ليرى أن حلمه بوحدة الإنسانية وأخوتها قد تحقق، سيكون سعيداً بمشاهدة ممثلين لكل الأمم: الشمال والجنوب، الشرق والغرب، الغني والفقير، المؤمن والكافر، الصغير والكبير، المحتاج والمسعِف، جميعهم يحاولون أن يجدوا أجوبة على الأسئلة المستديمة عن وجهة الإنسانية واحتياجاتها). ويقول: ( هناك رسم مشهور يبين المسيح يقرع باب مبنى الأمم المتحدة الضخم العالي يريد أن يدخله، كثيراً ما أتصور في ذهني رسماً أخر، رسماً أدق وهو أن مبنى الأمم المتحدة هو جسم المسيح نفسه)، ويقول: ( إن الأمر الذي لا مناص منه هو أن الأمم المتحدة عاجلاً أم آجلاً ستأخذ بعداً روحياً).
برلمان الأديان العالمي:
في سبيل إقامة النظام العقدي الجديد قامت مؤسسات عديدة لتهيئة الشعوب لهذا التحول؛ من هذه المؤسسات: برلمان الأديان العالمي الذي يضم ممثلين للديانات العالمية المختلفة، من المؤمنين بفكرة أن الأديان جميعها ليست إلا طرقاً مختلفة توصل إلى نهاية واحدة يسميها المسلمون الله، بينما يسميها المسيحيون الرب، ويسميها الهندوس كريشنا، ويسميها دعاة النظام العقدي الجديد تفادياً للانحياز لدين بالقوة السامية المطلقة.
إن برلمان الأديان العالمي يجتمع سنوياً لأيام متصلة تبلغ التسعة أو العشرة، ويقدم جائزة قيمتها 1.2 مليون دولار تعرف باسم جائزة تمبلتون (Templeton Prize ) للتطور في الديانات، و تمبلتون الذي سميت عليه هذه الجائزة ولد في عام 1912 في مدينة تنيسي، تحصل على منحة روديس وتخرج من أكسفورد، نجح في مجال الاستثمار حتى أصبح من المستثمرين العالمين المعدودين، في عام 1972 أنشأ جائزة تمبلتون للتقدم في مجال الأديان ( تعادل الآن 700000 جنية إسترليني، ويتم تعديلها سنوياً بحيث تكون أعلى من جائزة نوبل) وذكر سبب تأسيس هذه الجائزة فقال: (الخطوة التالية في التقدم الإنساني المقدس في مقياس التطور هي عبقرية الروح, التي تضئ الدرب للبقية لتتبع، ولتشجيع التقدم في هذا الصدد أسسنا جائزة مؤسسة تمبلتون للتقدم في العقيدة، نريد أبحاثاً جديدة تركز على تنمية الحقيقة الروحية التي يكتب لها القبول في كل العالم بعض النظر عن الثقافة أو العقيدة الخاصة بأي منطقة جغرافية أو عرقية، أنا أتمنى أن ننشئ جسماً معرفياً عن الرب، جسماً لا يستند على الكتب السماوية القديمة، جسماً علميا، لا يختلف عليه بسبب اختلاف الأديان أو الكنائس أو الكتب السماوية أو الطقوس الدينية، إن الغرض الرئيس من قيام مؤسسة تمبلتون هو التشجيع المتحمس للإسراع في الاكتشافات العقدية والتقدم في مجال العقيدة ) ، ويقول ( لا يمكن لأحد أن يزعم أن الرب يمكن الوصول إليه بطريق واحدة، إن هذه النظرة المحددة ينقصها التواضع، إن العقائد المبدعة القابلة للتكيف، الجديدة والحرة يجب أن تستنبط لأجل أن يتمكن العقل البشري والخيال الذي وهبنا الرب إياه من المساعدة في بناء مملكة السماء) ، وقال: (إن المبادئ الأساسية لقيادة حياة متسامية يمكن أن تستخرج من أي عقيدة تقليدية : اليهودية، الإسلام، الهندية، البوذية وغيرها كما المسيحية أيضا).
وقال: ( إن المعادلة العقدية في المسيحية تغيرت وستواصل التغيير من عصر لعصر، المسيحيون يعتقدون أن الرب ظهر في عيسى الناصري قبل ألفي عام لأجل خلاصنا وتعليمنا، لكننا يجب أن لا نأخذ أن معنى ذلك أن تقدمنا سيتوقف، وأن عيسى هو نهاية التغيير، إن القول بأن الرب لا يمكن أن يجلي نفسه مرة أخرى في صورة حاسمة عبر مسيح آخر يبدو انتهاكاً للمقدسات).
أما عن الجنة والنار فيقول تمبلتون : لقد سافر رجال الفضاء للفضاء الخارجي، ولم يحضروا معهم أي دليل على وجود الجنة، الحفارات اخترقت الأرض ووجدت البترول وليس جهنم، التعريفات الوصفية عما بعد الحياة التي تلقيناها ونحن أطفال تحتاج إلى مراجعة على ضوء الاكتشافات العلمية في العصر الحديث، إننا عبر اختيارنا الشخصي ومواقفنا نخلق جنتنا ونارنا هنا في الأرض.
.إن أمر خطورة هذه المؤسسة لا يتوقف على تمبلتون فحسب بل إن الأشخاص الذين يقفون خلف هذا المشروع و يختارون من يستحق هذه الجائزة كلهم من شاكلته، يناصرون العقيدة العالمية الموحدة، وقد نالها في عام 1988م أحد المنتسبين للإسلام واسمه إنعام الله خان الذي يشغل منصب الأمين العام لمؤتمر المسلم العالمي المعاصر، ونائب رئيس اتحاد الدساتير والبرلمانات العالمي.. إن مؤسسة برلمان الأديان العالمي ترعى التقارب بين الأديان، ولها الآن أكثر من 150نشاطاً موزعاً بين تنفيذ مشروعات التقارب، وإعداد دراساته، و توزيع جوائز لأصحاب الأثر الكبير في تحقيق أهداف المؤسسة.
ثالثاً: الجذور الفكرية للنظام العقدي الجديد:
إن النظام العقدي الجديد ليس جديداً في حقيقة الأمر بل قديم، ولكن أنصاره يسمونه بهذا الاسم حتى يوافق روح الحداثة والتطور التي لا يفتأون يرددونها، ربما الجديد في أمره أنه لم يلق له رواجاً وتأييداً مثلما لقي الآن، فمؤسسات النظام العالمي تسعى إلى إقراره وتطبيقه سعياً حميما، غير إن الجذور القريبة لهذا النظام العقدي ترجع إلى ظهور فكرة الثيوصوفية التي نادت بها حركة الأنموذج الجديد، التي أسستها هيلينا بتروفنا بلافاتسكي، وطورتها آليس بيلي، و عمقها دو شاردن و يونغ.
أ) هيلينا بتروفنا بلافاتسكي
وصفها معاصروها بأنها " صاحبة مزاج عصبي جداً لا يعرف الراحة، هذا المزاج قادها إلى تصرفات بالغة الإزعاج لم يسمع بمثلها، ولا تناسب الإناث، من انجذاب للحياة وخوف من الموت، وحب عظيم للمجهول والغامض وولع به وتطلع إليه. وعشق للسحر و الخيال. منذ صغرها لفتت نظر كل من تعامل معها، تمردت على كل النظم والقوانين، ولم تعرف لها سيداً إلا قصدها الذاتي وذوقها الشخصي. كانت من أكثر النساء -اللآتي عشن في هذه المعمورة- شرا وبعداً عن الأخلاق، كان في شخصيتها ازدواجية بالغة، و قناعة راسخة بالإنسانية.
ولدت في روسيا في 12/ أغسطس 1831م، عند وفاة والدتها كان عمرها 11 عاماً وكانت تتنقل بين والدها وأقربائها لأنه لم يكن هناك أحد يستطيع السيطرة عليها، عندما كانت أمها تلفظ أنفاسها الأخيرة سمعوها تردد:" آه، حسناً، لعله من الأفضل أن أموت الآن حتى لا أرى ما ستفعله هيلينا، أنا متأكدة من شيء واحد وهو أن حياتها لن تكون كحياة غيرها من النساء "، في طفولتها تكلمت هيلينا مع الحيوانات والطيور، وكانت تخيف الأطفال الآخرين بقصصها المرعبة الآسرة، منذ صغر سنها أظهرت مقدرات تناسب متطلبات الوسيط الروحي، في مرة أغمي عليها و زعمت أنها ترى الشكل المبجل لهندي في عمامة بيضاء، وأسمته حاميها، وتعتقد بأنه حماها ووقاها أخطاراً في مناسبات عديدة، ووصفت لاحقاً مقابلة لها وجها لوجه مع ذلك "السيد" في بريطانيا عندما كان عمرها عشرين عاماً، وأنه أمرها أن تغادر إلى الهند لتأسيس الجمعية الثيوصوفية .
اكتسبت هيلينا اسم بلافاتسكي عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها، عندما تزوجت جنرالاً كبيراً، ليس لأنها تريد الزواج ولكن لأن مربية أطفال تحدتها أن تجد من يتزوجها نسبة لطبعها وتصرفاتها. انتهى الزواج بعد ثلاثة أشهر فقط، هجرت بعده هيلينا زوجها وهربت لتبدأ رحلة حول العالم خدمة لسيدها، وقالت عن ذلك كله "أنا لن أكون عبدة حتى لله نفسه، فكيف لإنسان.. المرأة تجد سعادتها في امتلاكها لقوى فوق الطبيعة Super natural ، الحب ليس إلا حلماً حقيراً ، كابوساً مزعجاً".
من أقوال هلينا في تمجيد الشيطان قولها: ( الشيطان هو ذلك الملاك الذي كان فخوراً بما يكفي ليزعم أنه الرب، شجاعاً بما يكفي أن يشتري استقلاله بثمن تعاسته الأبدية وعذابه المستمر، جميلاً بما يكفي أن يعبد نفسه في الضوء المقدس الكامل، قوياً بما يكفي ليرزح في الظلمة و الألم الشديد... ومع ذلك يصنع لنفسه عرشاً من هذا الركام المشتعل غير القابل للانطفاء).
ب) آليس بيلى:
هي التي حولت أفكار هلينا إلى واقع عملي، إذ أسست مؤسسات كبيرة مثل لوسز ترست Lucis Trust ، وورلد قوود وِل World Good Will، و مدارس الأركينِِِArcaneSchool ، والمجموعة الجديدة العالمية للخادمين The New Group of World Servers ، كما أنها ألفت أربعة وعشرين كتاباً حوت 10469 صفحة معظمها كتب في حالة إغماء زعمت أن وسيطها الروحيDjwal Khul أملاها عليها. لقد أسست بيلي "لوسز ترست " عام 1924 باسم " Lucifer Publishing Company " وتعني شركة أبليس للطباعة، لكنها رأت بعد سنوات قليلة أن هذا الاسم صارخ جداً فعمدت إلى إخفائه باختصار كلمة لوسفر إلى كلمة لوسي، فصار الاسم الجديد هو لوسز ترست، واليوم فإن مؤسسة إبليس تضم في عضويتها المسجلة نحو ستة آلاف شخصا معظمهم من الأسماء الشهيرة مثل: ماك نامارا، دونالد ريغن، هنري كسنجر، دايفد روكفلر، بول فولكر، جورج شولتز، إنها نفس المجموعة التي تدير مجلس العلاقات الخارجية، المجلس الذي خطط لتأسيس الأمم المتحدة، ولعله ليس من قبيل الصدف أن يقع المركز الرئيس لمؤسسة إبليس في نفس مبنى الأمم المتحدة لسنوات طويلة- حتى الثمانينات من القرن المنصرم حيث انتقل بعدها إلى موقع جديد بشارع وال ستريت بنيويورك- إن مؤسسة إبليس تواصل نشاطها إلى اليوم ولها مواقع في شبكة الإنترنت.
لقد كانت بيلي قناة لتلقي رسالة الشيطان لمدة ثلاثين عاماً، وقبل ثلاثين يوماً من موتها قالت إن سيدها قد أنهى كتابته عبرها، وأنها أكملت مهمتها، وتوفيت في عام 1949م.
ج) كارل يونغ وتلهارد دو شاردن:
من كبار المنظرين لفكر الثيوصوفية عالم النفس السويسري كارل يونغ، والجيولوجي التطوري الفرنسي تيلهارد دو شاردن، الذان يعدان من أكثر العلماء إلهاماً لمسئولي الأمم المتحدة مثل د. روبرت موللر ونحوه.