تأخذنا الحياة بطوفان همومها، وصغار احتياجاتها إلى عالمٍ من الوهم، وحديقةٍ واسعة من اللاشئ، وحين يقف الإنسان مع ذاته لبعض/بضع ثوان، يدرك كم هي المسافة التي فصلته عن أعز أصدقائه...
هذه الرسائل لكم أيها الرفاق الذين تنفست من حروفكم لغة الأدب، وعناوين الفكر، وبعض الحكمة، وكثيرَ جنون:
ابدأ بك صديقي العزيز : عدنان الصائغ:
لن أنسى حين سمرنا على شط دجلة ، تلقي عليّ بعضا من عنفوان شعرك، وتصبغني بهذيان أفكارك، تذكرتك وقصيدتك "أحزاب"، وانت تردد "سقطت الشعارات" .
ضحكت/بكيت بصقت على الدنيا من حولي، على كل المتحزبين للتوافه، كل حزب يصوغ شعاراته الفارغة، لم أجد بينها شعارا واحدا لذات الإنسان، كل حزب بما لديهم "يكذبون"، و"يكسبون"...
الرائع العزيز نزار قباني:
أنست روحي بالجلوس حول مائدة حرفك، تعلمت منك سبك الجمل والعبارات، وإن كان "كاظم" خلّد قصائدك، فكلماتك أيضا خلدته إلى ما لا نهاية في عوالم الفن،
بخصوص اعتذارك من أبي تمام ، وجدت الأمر عاديا جدا، وأظن أبا تمام يتفهم الوضع، ولكن أعجبتني هذه الكلمات:
أمير الحرف .. سامحنا .... فقد خنا جميعا مهنة الحرف
وأرهقناه بالتشطير ، والتربيع ، والتخميس ، والوصف
أبا تمام .. إن النار تأكلنا ..... وما زلنا نجادل بعضنا بعضا ..
عن المصروف .. والممنوع من صرف ..
وجيش الغاصب المحتل ممنوع من الصرف!!
كثير هم خونة الحرف في عصرنا، ممن يلعقون بحرفهم دولارا وريالا، ولا يهمهم " فرق الصرف" في بورصات الذمم، وأكثر منهم من يلوكون الجدل حول "المصروف" بأنواعه، والممنوع من الصرف بكل أطيافه النسائية ....
أما أنت يا أحلام:
فلي شكر وعتب، أشكرك على إهدائي نسخة من رواياتك الثلاث، كم كنت صاخبة في "ذاكرة الجسد" وعاطفية في "عابر سرير" ومرتبة أكثر في "فوضى الحواس".
عتبي متى نرى عيون ابنتك الرابعة، أم أن جنان بيروت أنستك لهيب الجزائر؟
لن أقسو عليك كما قسوت علينا في "نسيانـ"ك. فلهن مثل الذي يلقينه، ولا أظنهن يسمعن نصيحتك إلا بعضا من الرائدات...
هناك مقولة لك تحتاج الى مزيد نقاش ، ربما في لقائنا القادم، وأقترح ان يكون في مدينتك المفضلة قسطنطينة، تقولين:
"علي المرء أن يخفي عن الآخرين صيدلية بيته ومكتبته"
واضيف يا أحلام في مجتمعنا الفضوليّ: لا بد للمرء أن يخفي الآخرين كل شئ، إيمانه، قناعته، حروفه، حتى هو إن استطاع أن يختف عن الآخرين فليفعل، حتى لا يتم إعدامه بطريقة "توم وجيري".
حبيبي العزيزأو عزيزي الحبيب: " يحي السماوي":
أولا عذرا لتأخري في زيارتك رغم كونك تسكن "أدليد" أو تسكنك، أو أسكنوك بها ، كل هذا لا يهم، المهم أعجبتني تعويذاتك كثيرا، قرأتها حتى ثملت ، فهل ثمة عقوبة على السكر بالحروف، وإن كانت حروفك ممن يسكر قليله وكثيره، أعجبتني جدا:
أعوذُ من شرِّ "الدراويش"
الذين استمْرأوا الفِتَن ْ
كثير هم الدراويش يا يحيى، كثير جدا، حدّ التعب، حدّ الإرهاق، حدّ انتفاخ حساباتهم، وتورم ارصدتهم، كيف تكون الفتنة نائمة، وهم مستيقظون؟
المتمردة غادة السمان:
أما زال يرهقك حد "إعلانك الحب عليه"، أما زلت مثخنة بلغة العشق الأزلي، هل تذكرين كم مرة نصحتك أن تجاوزي مرحلة الإستجداء الى مرحلة الإستعلاء،
كنت البارحة اتصفح رسائلك العجيبة فشدني أكثر قصيدتك:
"ذاكرة ايديولوجية"
تذكرت أن كل من يحيط بنا مؤدلج، كل الحروف مؤدلجة، كل نبض في أوردتنا مؤدلج، الا قاتل الله الأيديولجيا ، وأهلها ومن سوّق لها، ومن زرعها في مجتمعنا، ومن يغذيها بشريان تخلفه، وماء غبائه الدفاق، حتى من يشق أمن مجتمعه، وهدوء بلده، تجد له نافخ كير، تلعب به عواطف الإيديولوجيا المقيتة....
حتى أراكم مرة أخرى كونوا جميعا بخير...
محبكم /أنـــــا
P.O.Box: 0