صمة:كتاب وكاتبات: لولا الجنس لما اشتهرت هذه الروايات دور النشر والتسويق ووسائل الإعلام تتحمل المسؤولية الأولى
أبها: سامية البريديجاءت تصريحات الكاتبة الكويتية ليلى العثمان خلال استضافتها في إثنينية خوجة الأسبوع المنصرم بمثابة "الفعل النقدي" الغائب، الذي يزيح تراكم الغبار، حول ما اعتبر ظاهرة في المشهد الإبداعي السعودي خلال الخمس سنوات الأخيرة التي وصفت إبداعيا بـ"ازدهار الرواية السعودية" وأسفرت عن اهتمام بالعمل الروائي لحد أن كل من خط سطرين بات يحلم بكتابة رواية.
إغراءات كثيرة كلها تصب في مسارات الشهرة والأضواء، نفاد الطبعات الأولى من المكتبات، تسابق قنوات الإعلام.
ووسط كل هذا الضجيج رصد المراقبون أن الرواية التي تشتهر هي تلك التي تتناول الجنس بغض النظر عن القيمة الفنية، فكان أن غابت الأعمال الروائية الحقيقية، وهذا بالضبط ما أقرت به ليلى العثمان أمس هنا في "الوطن".
فهل حقا كان الجنس هو الموضوع الرئيس للرواية المكتوبة في السعودية؟
الكاتب عبدالحفيظ الشمري الذي بدأ قاصا وأصدر عدة روايات يرفض إطلاق هذا الاتهام على الرواية السعودية قائلا لـ"الوطن": حينما نقول إن الرواية الجديدة تحولت إلى الجنس فهذا ظلم للمشروع الروائي، لأن الحقيقة تكمن في نظرة الكاتب إلى ما يمكن أن يتقبله القارئ وأهم شيء هي حياتنا الاجتماعية التي تكتب بشكل مفرط، ربما استسهالا لهذا الدور نزع بعض الكتاب إلى الفضائحية وإثارة الغرائز بأي شكل كان، لكن لا يمكن لنا أن نقول إن كل ما كتب يرمز إلى الجنس.
غير أن الشمري يستدرك متهما دور النشر في القضية ويتابع معترفا: هناك من الروائيين من سعى إلى الإثارة تماشيا مع ما يطرحه مشروع النشر، حيث إن دور النشر تبحث عما هو غريب لترويج البضاعة، ولو استحضرنا الجنس فإنه يعتبر جزءا من الحياة لكن دور النشر اتخذته وسيلة لترويج بضاعتها على حساب القيمة الفنية.
الكاتب الصحفي نجيب يماني الذي عرف عنه تناوله قضايا دينية في كتاباته ذهب في مداخلته إلى: "أن الرواية اختلفت عما كانت عليه في الستينات والسبعينات حيث كانت تعتمد على الرومانسية، لكن الآن كل الروايات أصبح عنصرها الأساسي هو الجنس، والجنس الفاضح".
ويرجع يماني السبب إلى ما يسميه "طلب السوق وطلب الشباب والمجتمع فهم يريدون ذلك، يريدون عنصرا فيه إثارة".
وفي وجهة نظر الشاعر حسين النجمي "أن أكثر المجتمعات محافظة هي المملكة لذلك أصبح الروائيون والروائيات يريدون الإثارة والخروج عن المألوف لاستقطاب القراء ولطلب الشهرة".
ويضيف النجمي أن أكثر روائية سعودية اشتهرت وبدأت الأمر وسار على طريقتها بعدها العديد من الروائيات والروائيين هي رجاء الصانع في روايتها "بنات الرياض"، حيث إنه لم تشتهر روائيات سعوديات قبل ذلك.
في حين يعتبر عبدالحفيظ الشمري أن الروايات التي اشتهرت كرواية "بنات الرياض" وغيرها بسبب مواضيع الجنس فيها الزمن كفيل بنسيانها والأدب الروائي الأصيل هو الذي سيبقى، ورواية "بنات الرياض" في رأيي انتهت. ويضيف: رأيت أطفالا قبل فترة يكتبون مثل رواية بنات الرياض بالضبط، وأصبحت الروايات تجميع مسجات وإيميلات ومواقع من قص ولصق بحيث تصبح بعد تجميعها رواية وهنا تكمن الخطورة.
وفي رأي القاصة حليمة عسيري أن استخدام الجنس ليس مقتصرا على الرواية فحسب بل أصبح جميع ما يصل للقارئ أو المشاهد لا بد أن تدخل فيه أمور جنسية لتصبح حديث الجميع. وقالت أيضا: أعتقد أن السبب يعود لتغير الزمن والرواية إذا كُتبت ولم يكن فيها ولو جزء يسير من الأمور الجنسية فإن مقروئيتها ستكون محدودة ولن تشتهر.
ويتفق نجيب يماني مع رأي العسيري فيقول: لو تغير الأمر وركزت الرواية على الذات الإنسانية فإنها لن تقرأ ولن تشتهر.
ويضرب يماني أمثلة على ذلك مشيرا إلى "الخبز الحافي" للمغربي محمد شكري الذي كتب روايته عن الذات لكن فيها أمورا خاصة بالجنس وفيها إثارة فقرئت بكثرة، وكذلك "نساء المنكر" لسمر المقرن، و"شارع العطايف" لعبدالله بخيت لذلك أصبح الجنس ضروريا حتى تقرأ الرواية وتشتهر في المجتمع.
ويرجع الشمري سبب الإقبال على الرواية الجنسية لوسائل الإعلام التي تختلف في تقديمها المنتج الروائي عن تقديم أي منتج جديد كالصابون أو العطر مع فارق التشبيه، فالمجتمع ينقاد الى الإعلام، مؤكدا أن مجتمعنا تؤثر فيه الإعلانات والإعلام بشكل مهول.
ولا تختلف القاصة بدرية العرفج عن الآراء السابقة، إذ ترى أنه كلما تم ضخ أكبر كمية ممكنة من المشاهد الجنسية في الرواية، وكلما أمعنت الروائية في مطاردة تلك اللحظات الساخنة بين الرجل والمرأة، أو على الأصح بين الذكر والأنثى، نجحت الرواية، بل سجلت أعلى نسبة من النجاح يمكن أن يصل إليها الكاتب.
وتساءلت العرفج: هل هناك ما هو أحبّ إلى الكاتب من أن يقال إن الطبعة الأولى من عمله الأدبي قد نفدت، وإن المطبعة بدأت تدور للطبعة الثانية أو الطبعة الثانية عشرة؟
وتتابع العرفج: الرواية لم تعد رحلة في الذات الإنسانية إنما بات أفق الرواية محدودا ومحصورا إما بغرفة النوم أو بما في حكمها، فلا يلزم الروائية أن تضيع وقتها حتى في وصف طريق بطليها أو أبطالها إلى هذه الغرفة، ما كانت تكتبه غادة السمان وليلى بعلبكي قبل ثلث قرن أو يزيد كانوا يسمونه خروجا عن الآداب والنظام العام، أما الآن فبات شيئا بسيطا إزاء ما تنشره الروائيات المعاصرات، فالأدب والرواية طرأ على مفهومهما ما نأى به نأيا تاما عما كان لدى الناس إلى ما قبل ربع قرن فالغالبية التفتت إلى التعبير عن جحيم الشهوات الجسدية والهدف الأساسي من ذلك هو دخول الساحة الأدبية بقوة وإثبات جدارتهن ونيل لقب الروائية لا أكثر من ذلك.....إنتهى
منقول للحوار الجاد من جريدة الوطن السعوديه