أنعي إليكم يا أصدقائي, اللغة القديمة
و الكتب القديمة
أنعي إليكم ...
كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة
و مفردات العهر و الهجاء و الشتيمة
أنعي إليكم .. أنعي إليكم ...
نهاية الفكر الذي قاد إلى الهزيمة
مالحة ٌ في فمنا القصائد
مالحة ٌ ضفائر النساء
و الليل .. و الأستار و المقاعد
!!مالحة ٌ أمامنا الأشياء
يا وطني الحزين
حوّلتني بلحظة
من شاعر يكتب شعر الحب و الحنين
!!لشاعر ٍ يكتب بالسكين ...
لأن ما نحسه
أكبر من أوراقنا ..
لابدّ أن نخجل من أشعارنا ..
!!إذا خسرنا الحرب, لا غرابة
لأننا ندخلها
بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابة
!!!بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة
لأننا ندخلها
بمنطق الطبلة و الربابة
السر في مأساتنا:
صراخنا أضخم من أصواتنا
!!و سيوفنا أطول من قاماتنا ..
خُلاصة القضية
تُوجز في عبارة
لقد لبسنا قشرة الحضارة
و الروح جاهلية
بالناي و المزمار ...
لا يحدث انتصار
كلّفنا ارتجالنا
خمسين ألف خيمة ٍ جديدة
!!!لا تلعنوا السماء ..
إذا تخلت عنكم .. لا تلعنوا الظروف
فالله يؤتي النصر من يشاء
وليس حدادا ً لديكم يصنع السيوف
يوجعني أن أسمع الأنباء في الصباح
!!!يوجعني أن أسمع النباح ..
ما دخل اليهود من حدودنا
و إنما تسربوا
كالنمل .. من عيوبنا ...
خمسة آلاف سنة
!!!و نحن في السرداب
ذقوننا طويلة .. نقودنا مجهولة
عيوننا موانئ الذباب...
يا أصدقائي..
!!جرّبوا أن تكسروا الأبواب
أن تغسلوا أفكاركم و تغسلوا الأثواب
يا أصدقائي..
جربوا أن تقرأوا كتاب
!!أن تكتبوا كتاب
أن تزرعوا الحروف و الرمان و الأعناب
!!أن تبحروا إلى بلاد الثلج و الضباب...
فالناس يجهلونكم
خارج السرداب
الناس يحسبونكم
!!نوعا ً من الذئاب...
جلودنا ميتة الإحساس
أرواحنا تشكو من الإفلاس
أيامنا تدور بين الزّار .. و الشطرنج .. والنعاس
هل (نحن خير أمة ً أخرجت للناس) ؟!
كان بوسع نفطنا الدافق في الصحارى..
أن يستحيل خنجرا ً من لهب ٍ و نار
و لكنه .. واخجلة الأشراف من قريش ٍ
و خجلة الأحرار من أوس ٍ و من نزار
!!يُراق تحت أرجل الجواري.
نركض في الشوارع
نحمل تحت إبطنا الحبالا
نمارس السّحل .. بلا تبصر
نحطم الزجاج و الأقفالا ..
نشتم كالضفادع
نمدح كالضفادع
نجعل من أقزامنا أبطالا ..
نجعل من أشرافنا أنذالا ..
نرتجل البطولة ارتجالا ..
نقعد في الجوامع
!!تنابلاً كسالى
نشطر الأبيات أو نؤلف الأمثالا ..
و نشحذ النصر على عدونا
من عنده تعالى ...
لو أحد ٌ يمنحني الأمان
لو كنت أستطيع أن أقابل السلطان ..
قلن له : يا سيدي السلطان ..
كلابك المفترسات مزّقت ردائي..
و مخبروك دائما ً ورائي ..
عيونهم ورائي ..
!!!أنوفهم ورائي ..
أقدامهم ورائي ..
كالقدر المحتوم .. كالقضاء ِ
يستجوبون زوجتي
و يكتبون عندهم أسماء أصدقائي
يا حضرة السلطان
لأنني اقتربت من أسوارك الصماء
لأنني حاولت أن أكشف عن حزني و بلائي
ضُربت بالحذاء ِ ..
أرغمني جندك أن آكل من حذائي..
يا سيدي .. يا سيدي السلطان
لقد خسرت الحرب مرتين
لأن نصف شعبنا ليس له لسان
ما قيمة الشعب الذي ليس له لسان ؟
!!لأن نصف شعبنا محاصر كالنمل و الجرذان ..
في داخل الجدران..
لو أحدٌ يمنحني الأمان
من عسكر السلطان
قلت ُ له :
لأنك انفصلت عن قضية الإنسان
لو أننا لم ندفن الوحدة في التراب
لو لم نمزق جسمها الطري بالحراب
لو بقيت في داخل العيون و الأهداب
لما استباحت لحمنا الكلاب
نريد جيلا ً غاضبا ً
نريد جيلا ً يفلح الآفاق
و ينكش التاريخ من جذوره
و ينكش الفكر من الأعماق
نريد جيلا ً قادما مختلف الملامح
لا يغفر الأخطاء لا يسامح
لا ينحني .. لا يعرف النفاق
نريد جيلا ً رائدا ً عملاق
يا أيها الأطفال
من المحيط إلى الخليج أنتم سنابل الآمال
و أنتم الجيل الذي سيكسر الأغلال
و يقتل الأفيون في رؤوسنا .. و يقتل الخيال
يا أيها الأطفال .. انتم بعد .. طيبون
وطاهرون كالندى و الثلج طاهرون
لا تقرأوا عن جيلنا المهزوم يا أطفال
فنحن خائبون
و نحن مثل قشرة البطيخ تافهون
و نحن منخورون .. منخورون .. كالنعال
لا تقرأو أخبارنا
لا تقتفوا آثارنا
لا تقبلوا أفكارنا
فنحن جيل القيء .. والزهري .. والسعال
و نحن جيل الدجل و الرقص على الحبال
يا أيها الأطفال:
يا مطر الربيع , يا سنابل الآمال
أنتم بذور الخصب في حياتنا العقيمة
و انتم الجيل الذي سيهزم الهزيمة