,,

هل الشوق قضية ؟!


سأخوض في هذا الموضوع بهذا السؤال الواقف فوق صدري كالجبل .. تفنن الشعراء في وصف الأشواق ولا أدل على ذلك من شاعرنا المعاصر عميد القوافي حينما قال :

إني أحبك والأشواق شاهدة
ففي فؤادي نار الشوق تستعرُ


وقال أيضـًا في قصيدة أخرى :

يغالب الشوق والأشواق غالبة
تذيب قلب الفتى لو كان من حجرِ


وفي أخرى :

يزيد البعد أشواقي
ويورث مهجتي كربا


إلى أن قال :

أكاد أطير من شوقي
إليك وأركب الصعبا


وأيضــًا يقول شاعرنا الكبير أحمد عكور :

أتيتُ جازان والأشواقُ تركضُ بـي
أتيـتُ أستبـقُ الآفـاقَ والزَّمنـا


إلى أن قال :

هاتي يديكِ أُرِيكِ الجـرحَ منبجسًـا
أريكِ شوقًا ويأْسًا فيـهِ قـد عُجِنـا

ويقول شاعرنا المبدع خالد البهكلي :

لنذكي النجـوم بأشواقنـا
ونشعلهـا فرقـدا فـرقـدا


ويقول صديقي الرائع طائر من الشرق :

هدأ الليل فاستباحت سكوني
جذوة الشوق في دُنا خافقيَ


إذًا بعد كل هذا .. أليس من الأجدر أن نقف عند هذه الكلمة ونعرف سرها وما تحتويه من غموض .
الشوق هي نار في الوجدان تتحرك لمجرد طيف يمرّ عند ذكر من تحب , كالشوق لمحبوبة أو لوطن أو لغير ذلك .
مشاعر الشوق تضطرم عندما تختار الغياب طائعـًا أو مجبرًا , فإن حدث غياب لا بد أن تكون نتيجة ذلك شوق .
هذه المعادلة حقيقة من مسلّمات الحياة , والأصعب من ذلك أن يكون غيابك بغير إرداتك فهنا للشوق شكلٌ آخر , ربما يصل إلى حد الجنون كما حدث لقيس بن الملوّح .
إن الغربة تعمل في النفس عمل السحر , تعصر القلب عصرًا وتـُلّهبه قسرًا وتجعل العقل يحرّك الذكريات الجميلة فعندها تصل الأشواق إلى قمتها ولا مناص من ذلك إلا بالعودة .
عادة الصبر ينفد في كل أنواع الشوق , فالبُعد عن الوطن له صبر محدد , والبُعد عمن تحب له كذلك صبر محدد , والقاسم المشترك بينهما هي الأشواق .
فالأشواق تلعب دورًا مهمـًا في قضية كهذه , سؤالي إلى أيهما تشتد الأشواق عنفـًا هل الوطن أم الحب ؟!

,,