سامحني بُني
عندما ولدتُك .. وخرجت من أحشائي..رأيتكَ .وسمعتُ بُكاؤ ك ....
نسيتُ كل همي ...
كل ألمي ...
كل تعبي ..
كل حزني ..
نسيتُ ما أصابني ..
لم أحس به حينها لم أدرك ما أصابني ..
من شدة فرحي بك بُني .
رأيتكَ من بعيد ...
تمنيتُ أن أضمكَ ..
أحضُنك ...
أقبلُك ...
تمنيتُ....
أن أهدئ من روعك ...
من خوفك ...
من عويل بُكائكَ المحزن .
لم أعلم أنه شدوَ مودعٍ..
بكاءُ الرحيل.. صوت المفارق..
*****************
أزفَ الوداعُ بُني.. فصرختُكَ القوية أتتني ...
فأ حسستُ من خلالها برحيلك ...
حينها ذر فت عينيّ بالدموع ...
مددتُ يديّ اليك بُني
كي أضمك لترحل على صدر أمك الحنون ...
رحلتَ بني...وبرحيلك غبتُ عن الوعي...
لم أُدركْ أينَ أنا .؟ ومنْ حولي.؟
***********************
و بعد صراع مع غيبوبتي على رحيلك
أفقتُ ... رفعت عينيّ.. أسألُ ؟؟؟ أين أنتَ ؟؟
أين محمد ؟؟؟ أين ولدي ؟؟؟
فأجبت على نفسي قائله ( نعم ) أنه ولد .. أنه محمد ..
فهل رحل ؟؟؟ فهل غاب عني ؟؟؟ فهل مات ؟؟؟
ولكن دون مجيب !!!
فرجعت أمك بني .. لتغيب عن الوعي وطال غيابه لفترة ليس بطويلة ولا هي قصيرة !!!!
إنها أشهر أخرى ... كادت أن تفارق الحياة ..
أفاقت مرة أخرى ....
لتجد نفسها على سرير ابيض ... وغرفة فارغة لا يوجد بها ألا هي ... وممسك بيدها الطبيب ... يبارك لها ويحمد الله على عودتها سالمة ...
ولكن .. بني ... لم تفكر بعودتها ..
سألت مرة أخرى ... أين ابني ... أين محمد ...
فأصررت على السؤال ؟؟؟
لأعرف أين أنت ؟؟؟!
فأجابني الطبيب .. الحمد الله على عودتك سالمة ..
عرفت حينها ... أين أنت
فأجبتة .. لقد رحل أبني ...
نعم رحل ..
نعم مات ..
سكت الطبيب ... ولم يجيب
ثم قال : ما أدراكِ بأنه رحل ؟؟
بأنه مات ؟؟
فقلت له .. جف لبني ..
إحساسي به عندما صرخ بأعلى صوت ..
عرفت أنه فارق الحياة
فأجاب الطبيب : كيف جف لبنكِِ
فقلت له : غريزة ألام .. وإحساس الأم بابنها
خوفا على أمك من ألانهيار مرة أخرى ..
أجابها الطبيب ...
الصحة والعافية أمامكِ ياأم محمد ..
حزنت أمك .. حزناً لا يعلم به إلا الواحد الصمد ..
بني ...
مازلت أراك أمام عيني ..
ما زلت أرى ملامح وجهك الجميل ..
أرى عيناك الواسعتين ..
وانفك القائمة ..
وفمك الصغير ..
ووجهك الحسن ..
عندما رأيتك .. عرفت حينها إنك ليس لي ..
فتأملت فيك تأمل المودع الراحل ..
تأملت فيك يا نور عيني بكل معنى التأمل ..
حتى لا تغيب صورتك عني أبداً ...
بني ..
ما زلت أسمع صراخك ... وأرى ألمك ...
وأتالم عندما تبكي بمثل ذاك البكاء المحرق المؤلم
عندها ... أفزع من نومي لكي أضمك ..
ولكن لا أجدك أمامي ...
بني ...
لن أنساك يوما ...
لقد رسمت لك الف صورة وصوره ...
لقد قارب على رحيلك ثمان عشرة سنه ..
تمنيت أن تعيش ... لتكن الأمير في عالمي ..
والزهرة المتفتحة التي أسقيها كل يوم ..
تمنيت أن تعيش ...
حتى أجعل هذا الكون ملك لك بني ..
تمنيت أن تعيش ...
لأ عوضك كل شيء أنا تسببت فيه لك
سامحني بني
لأ نني لم أحافظ عليك وأنت في أحشائي ...
سامحني بني ..
لأ نني لم أدرك ماذا يعني تغذيه الطفل داخل أحشاء الأم ..
سامحني بني ...
لأ نني لم أدرك ماذا يعني أن أهتم بك في داخلي ..
لم أدرك كيف أحافظ عليك وأنت تنمو في أحشائي
أمك تقول لك بني وبدموع اليأس والحزن لفراقك
سامحني بني إذا كنتُ سبباً في رحيلك.
مما كتب قلمي