الساعات الأخيرة في حياة عزة!




كأنها كانت تتلقي إشارات غامضة لا تعرف مصدرها.. ولا معناها.. الشيء الغريب الذي التقطته عزة هو أن شيئا غريبا سوف يحدث في هذا اليوم الذي لقيت فيه مصرعها بعد ساعات، وهي تدافع عن شرفها وتأبي اعتداء بائع الخضار عليها.. لم تستسلم لتهديداته.. ولم ترهبها السكين.. كانت شجاعة وكان هو جبان نذل.. كانت تتمسك بالقيم.. وكان هو لا يعرف في حياته أي قيمة.. سالت دماؤها علي صراخ طفلتها الوحيدة فلم يتحرك قلب الجاني حتي توقف قلب الزوجة الشريفة عن الحياة.. رفضت أن تعيش 'مكسورة' أو ملوثة أو ذليلة.. حتي لو كانت ذلها او انكسارها أو تلوثها رغما عنها! ضربت عزة أروع مثال لزوجة تفضل الموت علي الحياة الذليلة.. وضرب المتهم أكبر مثال للرجل النذل! 'أخبار الحوادث' عاشت ساعات داخل شقة الزوجة القتيلة.. مكثنا بعض اللحظات في المكان الذي لفظت فيه آخر أنفاسها.. تحاورنا مع الزوج الحزين وروي لنا قصة الساعات واللحظات الأخيرة في حياة عزة.. رحمها الله.

قبل أن نصعد شقة القتيلة التف حولنا عدد كبير من الناس.. غضب عارم.. ثورة في النفوس.. الجميع يطالب بإعدام المتهم في محاكمة سريعة تذاع علي الهواء حتي يتحقق الردع المطلوب.. ويعرف الظالمون أي منقلب ينقلبون.
ليس الجيران وحدهم.. الرأي العام كله أفجعه الحادث وأثار استياءه.. وهناك إجماع علي ضرورة أن يخلص قضاؤنا العادل والراسخ مجتمعنا من هؤلاء القتلة والوحوش.
المهم.. نحن الآن نطرق باب شقة القتيلة.. نفس الباب الذي فتحته عزة قبل لحظات من مصرعها.. نفس الباب الذي دخل منه المتهم بعد أن طلبت منه الزوجة 'الخضار' بالتليفون.. نفس الباب الذي كان بداية فصل مثير من الغدر المتمثل في المتهم، والشرف الذي كان وساما علي صدر عزة!


بداية اليوم!


يوم الأربعاء.. الساعة العاشرة صباحا.. استيقظت عزة من نومها وتوجهت إلي المطبخ.. قامت بتحضير الإفطار لزوجها ثم توجهت إلي غرفة النوم، وفي هدوء وحنان قامت بإيقاظ زوجها ليذهب إلي عمله في المكتبة الخاصة به.. استيقظ 'وائل' علي صوت وابتسامة زوجته.. بعد أن اغتسل جلس معها يتناول الإفطار وتبادلا أطراف الحديث عن عيد الأم وماذا سيهديها في هذا اليوم، ولكنه أخبرها أنه سيقدم هدية جميلة وستقوم ابنتهما الصغيرة 'آية' بتقديمها للأم.. بعد انتهاء وائل من تناول إفطاره توجه إلي باب المنزل بعد أن ودع زوجته، لكنها استوقفته فجأة وطلبت منه أن يرتدي ملابس ثقيلة.. شعرت فجأة أن شيئا غريبا سيحدث في هذا اليوم لكنها لم تعرف حقيقة هذا الشعور وفسرته بأن السماء ربما ستمطر! استجاب 'وائل لطلب زوجته الشابة وتوجه إلي عمله، وفور وصوله للمكتبة اتصل بزوجته ليطمئن عليها وأخبرته أنها ترتب المنزل وسألته عما يريد علي الغذاء.. طلب منها بعض الأصناف التي يحبها.. قامت عزة بتنظيف الشقة ثم قامت بإعداد طعام الغذاء وهي تنظر لابنتها الصغيرة وتداعبها سائلة عما ستقدم لها في عيد الأم.. لم تنتظر إجابة من ابنتها التي لم تتعد العامين.. فقط أن تري ابتسامة في عينيها!
حوالي الساعة الرابعة عصرا!
قبل أن يغادر 'وائل' المكتبة عائدا إلي منزله ليتناول طعام الغذاء، طلب منه والده أن يخبر زوجته أن أسرته ستكون في ضيافته غدا علي الغذاء بمنزله.
تحدث 'وائل' مع زوجته في التليفون يسألها إذا كانت قد أعدت الطعام وأخبرها عن دعوة والده، ودار حديث قصير بينهما طلبت منه أن يخبرها عن الهدية التي سيعطيها لآية لتقدمها لها لكنه ضحك وأخبرها أنها ستكون


مفاجأة!


كانت وردة حمراء أعطاها لابنته الصغيرة، أدرك الأب أنها ستكون الهدية المثالية من ابنة صغيرة إلي أمها!
عاد الأب.. قابلته 'عزة' بابتسامتها الحنونة وهي تحمل آية علي ذراعيها وبدأت في وضع الطعام علي المائدة.. جلس الجميع يتناولون طعامهم، وخلال هذه الفترة دار بين الزوجين حديث آخر بدأته الزوجة عن شعورها بشيء غريب لا تعرف حقيقته راودها منذ الصباح عندما طلبت منه أن يرتدي ملابس ثقيلة فحاول وائل أن يطمئنها ويخبرها أن هذا كله سببه المجهود الزائد الذي تقوم به في المنزل وطلب منها أن تستريح قليلا بعد الغداء وأخبرها أنه سيذهب للمكتبة وسألها إذا كانت تريد شيئا يحضره معه.. فطلبت منه عزة أن يجلس معها قليلا لأنها تريد أن تتحدث معه كأن قلبها يشعر بأنه اللقاء الأخير.. جلس وائل قليلا يتحدث مع زوجته في أشياء كثيرة وخلالها أعطي ابنته اية الوردة الحمراء لتهديها لأمها ثم غادر الشقة إلي عمله في الخامسة عصرا.. قبلها أخبرها بأن تتولي هي شراء أصناف الخضار ليأخذوها معهم إلي أبيه في اليوم التالي!
والآن ماذا حدث في الطابق السادس بالعقار رقم 13 عمارات الإمداد والتموين بمدينة نصر؟!


جريمة!


الساعة الثامنة مساء!
ارتفع صوت رنين التليفون في شقة وائل.. ذهبت الزوجة الشابة 'عزة عبدالكافي' والتي تبلغ من العمر 21 عاما لترد علي التليفون.. علي الطرف الآخر سمعت صوت بائع الخضار حمادة يتكلم ويسألها إذا كانت تحتاج إلي شيء يوصله إليها فطلبت منه بعض أصناف الخضار وأخبرها أنه سيكون لديها بعد دقائق بهذه الطلبات! لحظات وسمعت عزة طرقات علي باب الشقة.. ذهبت تفتح الباب بعد أن تأكدت أن الطارق هو 'حمادة'.. قابلته بابتسامتها الرقيقة التي كانت تقابل بها الجميع بحسن نية.. طلبت منه أن ينتظرها حتي تحضر له ثمن الأشياء التي أحضرها..