ربي يحطك في النار !
_______________
إن انتشار ثقافة "النار" على ألسنة الكثيرين ورميها على الناس جزافآ ؛ إنما هو أمر ليس وليد الحاضر ولم يكن حكرآ على فئة دون أخرى من أوساط مجتمعاتنا، بل تعدت تلك الثقافة العمياء الأمر حتى أصبح ينطق بها الشخص بلامبالاة أواكتراث لما يتلفظ به ؛لاسيما وأن شؤون النار أوالجنة كان من المفروض أن لا يقحم أحد نفسه فيها من خلال إبداء الحكم المطلق عليها ؛لأنها من علم الغيبيات التي لايعلمها إلا المولى جل شأنه .
الشيء المثير للدهشة أن الأطفال _أيضآ _ زرعت فيهم تلك الثقافة السلبية وأصبحت منتشرة كانتشار النار في الهشيم ؛ فأصبح ذلك الطفل (المبرمج ) _بفتح الميم الثانية _ يتلفظ بها في صغره ؛ فيكبر وهي راسخة في ذهنه ومحفوطة في خزائن عقله الباطني .
الله سبحانه وتعالى قد أبطل عمل ذلك العبد الذي قال في حق الآخر بأن الله لن يغفر له فقال الله _عزوجل _ في الحديث القدسي : " من ذا الذي يتألى علي أني لا أغفر لفلان إني قد غفرت له وأحبط عملك " ، فإذا كانت لغة الخطاب تأتينا هكذا من رب العالمين في الجانب الذي يتعلق بالمغفرة فقط ، فمابالنا فيما يتعلق بالجانب الأهم وفيه تحديد للمصير !
ألم يكن من الواجب علينا أن نبتعد عن الخوض في مثل هذه الأمور الحساسة والعظيمة ؛حتى لانقع فيما يذم عقباه ؟
أنا لا ألوم ذلك الطفل البريء عندما تطلع منه مثل تلك العبارات والمفردات ولكن اللوم جميعه يقع على من تقع على أكتافهم تربية أولئك النشء ، فعندما معلمة الصفوف الأولية تقول لطالباتها : "عليكم بلبس الحجاب وإلا سوف تدخلون النار " أو نسمع الأب يقول لابنه مثلآ " إذا خرجت مع أصحابك "دون إذني " ؛فإن ربي )يحطك( في النار ! وغيرذلك من الأمثلة الجمة التي نسمعها كثيرآ في حياتنا اليومية .
وليس هذا فحسب بل إن
"البدع" التي يبتدعها الآخرون _والدين بريء منها أصبحت _ هي الأخرى _ عند بعض افراد مجتمعاتنا تدعو للقلق وتستوجب "الجحيم " مباشرة بدون مسوغات !
لعل من نافلة القول أن تلك الثقافة الخاطئة التي ربما قد تكون مستأصلة في مجتمعنا _للأسف_ قد تحد من جماليات الحياة ورونقها ومباهجها أيضآ ، وقد تكون سبيلآ لضعاف النفوس للحكم بجدية على الآخرين بأنهم قد طلعوا عن الشرع ، و قد تجعل منهم أناسآ متخوفين ومخوفين في نفس الوقت من عمل الأشياء التي قد تكون من "اللمم " خوفآ من النار التي لايعلم من هم واردوها إلا خالقنا وخالقها .
والأمر الذي ينطبق على "ربي يحطك في النار " ينطبق أيضآ على "هذا حلال وهذا حرام " ؛ وما أكثر هذه المقولة على أطراف الألسنة في زمننا هذا ؛ فتارة تجد ذلك "الملتحي " المقصر لثوبه ، الناثر لقطرات العود في شماغه يقف أمام أصدقائه وبعد أن يقومون باستفتائه يظنون منه أنه أهل للفتوى _ كماهي عادة الكثير من الناس اليوم أصحاب العقول الواهية _ يقوم هو مباشرة ولايتردد في إعطائهم الجواب أو "الفتوى " لما استفتوا فيه ، وهو _ في الواقع _ أبعد مايكون عن مثل هذه الأمور التي ينبغي لمن يتصدى لها أن يكون أهلآ لها وكما قال عليه الصلاة والسلام فيما معناه :" أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار " .
فليس كل من قرأ له كتابآ أوكتابين يحق له أن يتجرأ على الإفتاء ؛لأنها مسألة غاية في الأهمية والخطورة قال تعالى : " ولاتقولوا لماتصف ألسنتكم هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب " .
أيها الأخوة : مانشاهده اليوم في مسألة الفتوى شيء يدعو للقلق ؛ ومن هنا ينبغي علينا أن نقوم بنصح أولئك الذين يتحدثون عن الله ورسوله بما لايعلمون وتحذيرهم من الخوض في مثل تلك المسائل ؛ وأنه إذا أرادوا أن يتحدثوافيها فعليهم أن ينقلوها عن أصحابها الذي أفتوا بها من غير تحريف أو تغيير يطرأ عليها .
*شكل الثلج
قسم الحوار والنقاشات العامة
منتدى صامطة الثقافي