بسم الله الرحمن الرحيم.

«العلوم والتقنية» تعلن فك الشفرة الوراثية للجمل العربي.. والفوائد مهمة للبشرية


الإنسان يشبه الجمل العربي في 57 % من جيناته.. وأبحاث لاستغلال بروتيناته
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي





وزير الزراعة يتحدث خلال المؤتمر الصحافي.

علي آل جبريل من الرياض
أعلنت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية توصل فريق من الباحثين في المدينة ومعهد بكين للجينوم في الصين لفك الشفرة الوراثية للجمل العربي ''جينوم الجمل'' في إنجاز علمي يعد الأول من نوعه على مستوى العالم. وأوضح الدكتور محمد السويل رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية خلال المؤتمر الصحافي المشترك أمس مع الدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة والدكتور جان وان رئيس معهد بكين لأبحاث الجينوم، أن نتائج هذا المشروع العالمي ستعود على الاقتصاد الوطني بفوائد كثيرة، حيث ستؤدي إلى تطوير وتحسين السلالات من خلال تعريف الجينات المتعلقة بالإنتاجية وبناء النسيج اللحمي في الجمال، كما سينجم عنها تطوير طرق الفحص والكشف على الأمراض التي تصيب الجمال ودراسة جهازه المناعي المتميز.
وكشفت دراسات المدينة، أن الجمل العربي يمتلك ما يقرب من 23602 تسلسل جيني مفترض، ومن بين هذه الجينات أكثر من 4500 جين جديد حيث لا يوجد لها أي تناظر مع الجينات المعرفة في الكائنات الحية الأخرى. وأوضحت نتائج الدراسة أن نسبة الجينات المشتركة بين الجمل العربي والإنسان ما يقارب 57 في المائة من المجموع الكلي لجينات الجمل العربي، وتتناقص هذه النسبة لتصل إلى 54 في المائة إذا قورنت جينات الجمل بجينات الأبقار.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


د. جان وان يلقي كلمته.

وقال الدكتور عبد العزيز السويلم المشرف على معهد بحوث الطبيعة والبيئة في المدينة: ''إن الصفات التي يتميز بها الجمل بروتينات مقاومة الحرارة والتي تصل لديه إلى درجة 55 درجة مئوية دون تأثر، بينما الإنسان تبدأ بروتيناته بالتكسر عند درجة 39 درجة مئوية''، مؤكدا أن الباحثين بدأوا بالغوص أكثر وتحديد المسببات للصفات الموجودة داخل البروتينات المعينة على عدم التأثر ومنها بروتين الأنسولين في الجمل العربي، كاشفا أنه يمكن الخروج بصفات إضافية لبعض البروتينات حتى لو كانت بشرية لتكون مقاومة لدرجات حرارة أعلى. وقال الدكتور السويلم: ''نعم الفريق في مراحل متقدمة فقد استنسخ الجين الخاص بالأنسولين المتعلق بالجمال وأنتج بكميات جيدة وتم اختباره في الحقول، وكان الهدف دراسة الفروق الحيوية بين بروتينات الجمل والإنسان''.
فيما قال السويل رئيس المدينة: ''إن تفكيك شفرة المعلومات الوراثية الكاملة لأي كائن تؤدي إلى رسم الخريطة الوراثية له''، لافتاً إلى أن هذه الخريطة تحدد مسؤولية ووظيفة كل صفة من صفات المخزون الوراثي للكائن التي تساعد بدورها على فهم جميع الصفات الوراثية وآليات العيش والتعايش ومقاومة الأمراض. وعد الدكتور السويل دراسات الجينوم من الدراسات العلمية المتقدمة، حيث يتم التعرف على الشفرات الوراثية وتحليلها والتي يصل طولها إلى آلاف الملايين من الأحرف الوراثية التي تسمى ''قواعد نيتروجينية'' مرتبة ومتسلسلة للتعبير عن وظائف وراثية تمكن الحيوان من العيش والنمو والتكاثر.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقده د. محمد السويل رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية مع د. فهد بالغنيم وزير الزراعة ود. جان وان رئيس معهد بكين لأبحاث الجينوم.

وأبان أن إعداد خريطة لجينوم الجمل العربي انبثق من اهتمام المملكة بهذا القطاع، إضافة إلى سعي وزارة الزراعة الدائم لإيجاد حلول لأبرز العقبات التي تواجه قطاع الإبل في المملكة خصوصاً أن الدراسات والبحوث حول هذا المجال قليلة، لذلك تبنت المدينة هذا المشروع لدراسة المخزون الوراثي للجمل العربي وتحديد جميع جيناته، كأحد أهدافها الاستراتيجية التي تسعى من خلالها إلى تحقيق التنمية المستدامة للوطن. وأضاف الدكتور السويل أن هذا المشروع قد وفر للمملكة لأول مرة عملية توطين تقنية علم الوراثة الحيواني، كما ساهم بفاعلية في إعداد وتدريب كوادر وطنية مؤهلة في إجراء البحوث العلمية في مجالات الهندسة الوراثية بمختلف تطبيقاتها.
من جانبه، أوضح الدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة أن هذا الاكتشاف يعتبر القاعدة وبإمكان الباحثين وأي عالم أن يمارس الأبحاث التي يريد باستخدام التسلسل الوراثي، مؤكدا أن الاكتشاف مهم جدا، لما سيعود من فوائد على البشرية. وثمن دور مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في دعم البحوث في بعض مجالات القطاع الزراعي وعلى وجه الخصوص البحوث التي تسهم في التنمية المستدامة للإبل وزيادة مساهمتها في توفير الغذاء، ومنها هذا المشروع العلمي والتي من المؤمل أن تساهم في تمكين العلماء من إعداد خريطة جينية لتسلسل الحامض النووي في سلالات الإبل المختلفة لتنعكس بدورها على تحقيق عوائد إيجابية على الإبل في المملكة.
واستعرض بالغنيم جهود وزارة الزراعة في مجال اهتمامها وعنايتها بالإبل والمحافظة على هذه الثروة الوطنية حيث بدأت في مجال أبحاث الإبل منذ عام 1403 هـ بإنشاء محطة أبحاث الإبل في الجوف، حيث تم تربية قطيع يشمل أهم سلالات الإبل بالمملكة وإجراء البحوث المتعلقة بتحسين وتأصيل تلك السلالات، ودراسة إمكانيتها الإنتاجية من اللحوم والحليب، واحتياجاتها العلفية والعوامل الاقتصادية المتعلقة بتربية الإبل، ودراسة سلوكها الرعوي في بيئاتها البرية، وحصر الأمراض التي تصيبها.
وأضاف: كما عملت الوزارة على تنفيذ مشروع مشترك بالاتفاق مع منظمة الأغذية والزراعة الدولية لتنمية وحماية وتحسين الإبل في المملكة يتم العمل فيه على تأهيل كوادر وطنية متخصصة لتطوير الأبحاث في مجال الإبل , وتجهيز بنية تحتية لخدمة البحث العلمي في هذا المجال من حظائر ومختبرات وعيادة بيطرية متخصصة وتطوير قاعدة بيانات لجمع وتوثيق المعلومات المتعلقة بتربية الإبل بالمملكة وبالتعاون مع الجامعات ومراكز البحث العلمي وبيوت الخبرة داخل المملكة وخارجها.
وأشار وزير الزراعة إلى بعض المنجزات التي تحققت في هذا المجال ومن أهمها إنتاج لقاح جدري الإبل لأول مرة على مستوى العالم ''يسمى لقاح الجوف'' وحددت الجرعة المناسبة لتطعيم الإبل ضد مرض البروسيللا، إدخال الميكنة في حلابة الإبل بصورة عملية وتشجيع القطاع الخاص على تبني التقنيات الحديثة في تربية الإبل، تنفيذ العديد من الدراسات والبحوث في مجال إنتاج اللحم والحليب والتغذية والأمراض ونشرها في المجلات العلمية والمتخصصة.
من جهته وصف رئيس معهد بكين لأبحاث الجينوم هذا المشروع بين الصين والمملكة العربية السعودية بالمشروع العظيم الذي تقوده المدينة وتشرف معهد بكين لأبحاث الجينوم بالمشاركة فيه، مشيراً إلى أنه ولد كماً هائلاً من المعلومات ستستخدم لتطوير صحة الإبل وبالمثل صحة البشر، حيث إنه بمقارنة الجينومات البشرية وجينومات الماشية يمكن فهم الحيوية النوعية للجمل أكثر وبشكل أفضل وعلى سبيل المثال الجينات التي تساعده على التكيف للعيش في الصحراء والاستجابة المناعية في الجمل. وأكد الدكتور جان وان أن العلاقة بين السعودية والصين تتوثق أكثر فأكثر، حيث إن 20 في المائة من واردات النفط الصينية تأتي من المملكة العربية السعودية، كما أن الصين هي أكبر شريك لتجارة النفط للمملكة العربية السعودية أيضاً، والان امتد التعاون بين الدولتين من مجال النفط إلى مجالات أوسع ومجال العلوم الحيوية هو مثال على ذلك.
المصدر:الاقتصادية الالكترونية