اذهب حالا إلى غرفتك. اصطحب جوالك. أغلق الباب جيدا عليكما. اكتب رسالة نصية.
سطر فيها مدحا وافرا لنفسك إزاء انتصارك الأخير. ضخ في شرايينها مناقبك ما تقدم منها وما تأخر. ابعثها إليك. اقرأها بتمعن. ثم قس معنوياتك.
ألا تشعر أنها ارتفعت وارتفعت؟
كافئ نفسك برسالة على أقل تقدير. فأنت وأنتِ وأنا بحاجة لأن نكرم أنفسنا ونحتفل معها بإنجازاتنا الصغيرة والكبيرة.
يتذكر الكوري الجنوبي لو جيو، في كتابه "الرسالة الأولى" الذي ترجم إلى عدة لغات، الأثر الإيجابي الذي خلفته الرسالة الأولى التي بعثها إلى نفسه. يقول:"استطعت أن أنام دون كوابيس ذلك اليوم. شعرت أنني أفضل من السابق".
وأشار جيو في كتابه إلى أنه واجه صعوبات عدة في كتابة رسالته الأولى، حيث مزقها خمس مرات قبل أن يترك المحاولة السادسة على طاولة مكتبه.
كما يؤكد المهندس عزام العبدالكريم،34 عاما، الذي التقيته في المطار قبل أيام أن الرسائل التي يكتبها لنفسه هي التي جعلته يكظم غيظه تجاه مديره السابق الذي لم يكن يعيره أي اهتمام. ولا يعبأ بالنجاحات التي يحرزها. وقد كتب عزام إلى نفسه خلال إدارة رئيسه السابق التي استمرت لتسعة أشهر 38 رسالة.
وكانت آخر رسالة أهداها عزام إلى نفسه بيت للشاعر اللبناني إيليا أبوماضي يقول فيه:
كن بلسما إن صار دهرك أرقما
وحلاوة إن صار غيرك علقما
ومكافأة النفس ليست بكتابة الرسائل التقليدية أو الإلكترونية أو الهاتفية فحسب،
بل هناك وسائل عديدة تدخل السرور والبهجة إلى الجوف.
فهناك من تقوم بتهنئة نفسها بالكتابة بأحمر الشفاه على مرآتها. تشير الممثلة كاميرون دياز إلى أن خادمتها تعلم أن مع نهاية تصوير أي فيلم تقوم بالتمثيل فيه ستطالع تهنئة رقيقة كتبتها دياز لنفسها على المرآة تسبق بها النقاد والجمهور.
وأحد زملاء العمل إذا فرغ من مشروع معين. ذهب إلى البحرين لمشاهدة فيلم في السينما كمكافأة له على ما قام به طوال المشروع.
أما صالح الزاهر، مدرس لغة عربية في إحدى قرى مكة المكرمة فهو يبتاع نظارة طبية لنفسه كلما نظم أحد تلاميذه قصيدة فصيحة دون أخطاء. فعندما يراه مدير المدرسة مرتديا نظارة جديدة يدرك أن صالح سيقدم في طابور صباح الغد شاعرا جديدا. يقول صالح :" شغفي كبير بالنظارات الطبية. وأجدها أفضل مكافأة لي".
ويشير صالح إلى أن زوجته التي تعمل مندوبة مبيعات في مدينة جدة ترتدي أجمل ملابسها عندما تنجح في تسويق أحد منتجات الشركة التي تعمل لمصلحتها ثم تجلس أمام التلفاز دون أن تنبس ببنت شفة. ولا تسمح له بمقاطعتها و تعكير صفو مزاجها.
ويقوم محمد العبدالقادر ،42 عاما، بأداء العمرة عندما يقوم بعمل جدير بالمكافأة. يقول:"أشعر بسعادة بالغة في الحرم المكي الشريف. وأعود إلى الدمام وأنا مصمم على تجاوز نجاحي السابق".
في حين يقوم عبدالله سعد الندوي، 35 عاما، والذي يعمل في الجوف بينما أسرته تقطن ينبع البحر بمكافأة نفسه بزيارة يومية لابنته أمجاد، 24 شهرا، في جواله. فهو يقوم بتخزين مقاطع مصورة لها في هاتفه، وهي تضحك، وترقص، وتقبله.
الكاتب الرائع / عبدالله المغلوث