[motr]فتاوى المباريات!! (1 - 2)[/motr]

تأمَّلتُ ما يتحدَّثُ فيه الناس هذه الأيام؛ فوجدت أمورًا عدّة، لعلّ من أبرزها الحديث عن المباريات. ولقد استوقفني اندهاشُ بعض الناس من حديث بعض طلّاب العلم فيما يخصّ أحكامًا شرعيّة تتعلّق بالمباريات؛ فقالوا: ما هؤلاء المشايخ؛ حتى المباريات تكلّموا فيها!!

وبغضّ النظر عما ينبغي لطالب العلم فعله من عدم الحديث العام في كل شاردة وواردة، كالحديث عن المباريات؛ ليحفظ له مكانته عن امتطاء السفهاء له، كما قال علي بن عبدالعزيز الجرجاني - رحمه الله - (المتوفى سنة 392 هـ):

أرى الناسَ من داناهم هَانَ عندَهم
ومنْ أكـــرمتْهُ عِـــزّةُ النفسِ أُكْرما

أقول: بغضّ النظر عن ذلك، ينبغي أن يُعلم أن الشريعةَ الإسلاميةَ شاملةٌ لمناحي الحياة، على حدّ قولِ المولى – جلّ وعلا –: (قُلْ إن صلاتي ونُسُكي ومَحْياي وممَاتي لله ربِّ العالمين لا شريكَ له وبذلكَ أُمِرتُ وأنا أولُ المسلمينَ) (163 سورة الأنعام)؛ فمثلا الأطعمة منها ما أكلُه حلالٌ، ومنها ما أكلُه حرامٌ؛ فقد قال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: "لقد تركنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وما في السماء طير يطير بجناحيه إلا ذكرنا منه علما"، أي بيّنَ لنا حكمَ أكلِه والانتفاعِ به، وقُل مثلَ ذلك في اللباس، والمعاملات، وغيرها، بل حتى قضاءَ الحاجةِ تجد الشريعةَ شملتْه بأحكامِها؛ لذا استعجبَ أحدُ المشركين في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لسلمان – رضي الله عنه –: والله إني لأرى صاحبكم يعلمكم كل شيء حتى يعلمكم الخرأة! (يقصد آداب قضاء الحاجة). فقال سلمان: أجل نهانا أن نستقبل القبلة، وأن نستنجي بأيماننا، وأن نستنجي بدون ثلاثة أحجار، وأن نستنجي برجيع أو عظم.


فإذا تقرّر هذا فلا غرو أن يتحدّث طلاّب العلم عن أيّ شيء في الحياة فيما يخصّ شرع الله تعالى وفق ما علموه وما ائتُمنوا عليه.


ثم ليُعلم أن اندهاش البعض مما أشرت إليه أعلاه مما يؤسف له؛ إذ دخلت اللوثة العلمانية على أفكار كثير من أبناء المسلمين، تلك التي ترى فصل الدين عن الحياة؛ ليبقى الدين في دور العبادة ولا علاقة له بالحياة!! فتقرّر عندهم أنّ المشايخ لا علاقة لهم بكلّ شيء!! وهذا من مظاهر الانحراف العقدي لدى البعض.
وللحديث بقيّة إن شاء الله.


وبالله التوفيق، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.