"نفثات مصدور"
نظم : د.عبدالمطلب النجمي*
نص ألقيته في محفل كريم ضم صفوة مباركة من أهل العلم و الفضل و الأدب
عذرًا إذا أبديتُها ؛ حسراتي
و نظمت من "بحر" الأسى كلماتي
و أتيت أرسف في الهموم مكبلًا
و أجرّها بتثاقلٍ ؛ خَطَواتي
فلمثلكم _ أهلَ المروءة _ يشتكي
حُرٌّ ، و يطمع في اللقاء فياتي
ما كنت أرغب أن أكدر خاطرًا
أو أن أعكر أروع اللحظاتِ
لكنني أدري بأن لنا هنا
في الشرق همّا فاق كلَّ شَكاةِ
ما حولنا إلا الحطام و أمتي
في عثرة ، تسعى إلى عثراتِ
لو كان يُجدي أن أُريق مدامعي
أهرقتها سيلًا من العَبَراتِ
أو كان يُجدي أن تسير قصائدي
سَيْر الخميس لجِلَّقٍ و حَماةِ
لفصدت أوردتي تسيل محابرًا
و ملأت من دميَ الُمراق دَواتي
و بقيت أكتب بالحروف ملاحمًا
شاميةً حتى تحين وفاتي
لكنني . . ويلاه مِنْ لكنني
أمسيت كالمنبتّ في الفلواتِ!
أنا لا ألوم الأجنبيّ عَداؤه
كالشمس ساطعةً على إيلاتِ
كلا و لست ألوم طاغوتًا جنت
منه الشعوب مرارة الويلاتِ
لكنني يا قوم أشكو جَوقةً
عزفت و تعزف أنشز النغماتِ
من داخل الأوطان تنشر كيدها
و تسوّق التغريب بالشبهاتِ
و ظهيرها نفر تضلّع بالهوى
و أدار كأس العهر في القنواتِ
و إذا انبرى أهل الصلاح لأَطرِهم
و لكشف سَوءة أنفسٍ نزِقاتِ
ظهر القطيع يصب "جام" غلوّه
و يظاهر المفتون بالشهواتِ
و يسير في ركب الفساد محذّرًا
من ناصحٍ ، و يطير بالهفواتِ
نصبوا العداوة للكرام ؛ و حربُهم
"عبثيةٌ" ، مفتوحة الجبَهاتِ
[و إذا أراد الله نشر فضيلةٍ]
"طُويَت" أغاظ بها قلوب "غُلاةِ"!
عذرًا إليكَ فأنت فوق نفاقهم
وطني ، و فوق تزلّف النكِراتِ
يا تاجَ كلِّ فضيلةٍ و إمامَها
يا قِبلة الأبرار في الصلواتِ
لك في قلوب المخلصين محبةٌ
رسخت رسوخ الشُّمّ في السرواتِ
لك ما تحب من الولاء و فوقَه
و لنا هواك يفيض بالبركاتِ
و لأمّةٍ نفضت غبار جمودها
و استيقظت من غفلةٍ و سباتِ
أنت الأمير فسِرْ بها في وَحدةٍ
من بعد طول تفرّقٍ و شتاتِ
أنت الخبير جمعتها في قمّةٍ
لتَسُلّها من هذه الأزماتِ
قدر الكبير بأن يشارك أهلَه
في همّهم و يذللَ العقباتِ
و إذا الربيع أتاك يلهث مجهَدًا
دامي الجبينِ ، مُعفَّرَ القسَماتِ
وجد الرياضَ كما يحب و يشتهي
في ثوبه تختال من سنواتِ
و رأى عرينَ الأُسْد ؛ حصنَ عروبةٍ
و ملاذ منكوبٍ ، و طوق نجاةِ
و إذا أصاخ السمعَ ؛ لم يسمع سوى
صوتٍ يردد خالص الدعَواتِ :
[يا رب وفق للعظائم أمتي]
[زيّنْ لها الأفعالَ و العزَماتِ]
و احقن دماء شعوبها ، و الطف بها
و أَبِدْ عهود الظلم و الظلُماتِ
محبكم . .